رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

هل تقطع مصر علاقتها بصندوق النقد بعد تصريحات الرئيس؟ خبراء يكشفون السيناريوهات المتوقعة

المصير

الإثنين, 21 أكتوبر, 2024

06:42 م

كتبت: نجلاء كمال

 

في تصريح لافت خلال كلمته أمس، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى مراجعة العلاقة مع صندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى أن استمرار التعاون معه قد يفاقم الأوضاع الاقتصادية في البلاد، مما قد يحول حياة المصريين إلى "جحيم".

 

جاءت هذه التصريحات وسط توترات اقتصادية متزايدة، حيث يعاني المواطنون من ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة الجنيه المصري، وهو ما سلط الضوء على مسألة جدوى استمرار التعاون مع الصندوق الذي بدأت مصر شراكتها معه منذ عام 2016.

 

وكانت الحكومة المصرية قد بدأت التعاون مع صندوق النقد الدولي عام 20106، وشهدت البلاد سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية الحادة، كان من بينها تحرير سعر صرف الجنيه، مما أدى إلى انخفاض قيمته تدريجيًا من 8 جنيهات مقابل الدولار إلى نحو 50 جنيهًا في الوقت الراهن. ومع ذلك، أصبح التساؤل عن مدى فاعلية هذه الإصلاحات وأثرها على مستوى معيشة المواطنين موضع نقاش واسع في الأوساط الاقتصادية والسياسية.

 

التجربة السيريلانكية

 

 



في تعليقه على تصريحات الرئيس السيسي، أكد الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، أن ما ذكره الرئيس يعكس ما سبق أن طرحه في عدة مناسبات، حيث أشار مرارًا إلى أن الحكومة المصرية والمفاوض المصري ينبغي أن يتمتعوا بحكمة كافية لتأجيل أو تعديل بعض الشروط المرتبطة ببرنامج صندوق النقد الدولي. وأوضح نافع أن هذه الشروط، في الأساس، يجب أن تنبع من برنامج وطني يخدم مصالح مصر أولًا.

 

وأشار نافع إلى أهمية أن يكون لدى المفاوض المصري معرفة اقتصادية جيدة ومهارات تفاوضية مع مؤسسات التمويل الدولية، بالإضافة إلى ضرورة تشكيل لجنة غير حكومية لحوكمة البرنامج الاقتصادي والاجتماعي. وأضاف أن هذه اللجنة يجب أن تضمن أن السياسات التي تطبقها الحكومة تؤتي ثمارها بشكل صحيح وتتحقق الأهداف المرجوة.

 

وأكد أن فكرة تشكيل مثل هذه اللجنة قد لاقت دعمًا من بعض المسؤولين في واشنطن، مستشهدًا بتجربة سريلانكا في هذا السياق. لكنه نوه إلى أن الصندوق لن يشكل مثل هذه اللجنة حتى تحافظ على استقلاليتها، وأن الحكومة المصرية ينبغي أن تتيح لها الوصول إلى البيانات والمعلومات الضرورية لتنفيذ مهامها بفعالية.

 

واقترح نافع أن تقوم اللجنة بتقديم تقاريرها إلى مجلس الشعب واللجان المتخصصة فيه، بالإضافة إلى عقد مؤتمرات صحفية لمتابعة تقدم البرنامج بشكل دوري. وأشار إلى أن البرنامج الحالي من المفترض أن ينتهي بحلول نهاية عام 2026، وهي فترة حاسمة تستوجب النجاح لضمان تحقيق الأهداف.

 

وأكد نافع أن مراجعات البرنامج ليست مجرد إجراءات روتينية، بل يجب أن تتضمن إعادة النظر في الالتزامات والأهداف بما يتناسب مع الواقع العملي والظروف المحلية والإقليمية والدولية. وأوضح أن تصريحات الرئيس السيسي لم تكن مفاجئة له، مشيرًا إلى أن هذا التوجه هو المطلوب، بينما اعتبر أن عدم إدراك بعض المسؤولين التنفيذيين في الحكومة لأهمية هذه المراجعات أمر مستغرب.

 

وأضاف نافع أن الشريحة الرابعة من قرض الصندوق لا ينبغي أن تتأثر سلبًا، شرط أن يتم تنفيذ الإجراءات المتفق عليها بشكل ملائم، مشددًا على أن السيطرة على التضخم يجب أن تكون أولوية قصوى للحكومة المصرية، حيث أن تعجيل بعض الالتزامات قد يعرقل تحقيق هذا الهدف الأساسي.

 

الرئيس سيدخل في صراع مع صندوق النقد وسينتصر

 


 

يعلق اللواء الدكتور سمير فرج المفكر الاستراتيجي على تصريحات السيسي قائلا: تصريحات الرئيس تؤكد أنه يشعر بمعاناة الشعب بعد رفع الأسعار.

 

وأضاف فرج في تصريحات لـ"المصير": تصريحات الرئيس تؤكد أنه سيقوَم بعمل شيء لتعويض الشعب، وتفرمل الزيادات المتتالية في الأسعار بحيث تتوقف عن الزيادات المتتالية.

 

وتابع: بالنسبة لي أهم حاجة يمكن فهمها من تصريحات الرئيس هو أنه حاسس بينا.

 

الأمر الثاني كما يرى فرج أن الرئيس سيبدأ في الدخول في صراع مع الصندوق. وأنا على ثقة انه سينجح، وسيقوم بتعديل الاتفاقيات مع الصندوق لصالح الشعب المصري

 

تحليل علاقة مصر مع صندوق النقد الدولي

 

بدأت علاقة مصر مع صندوق النقد الدولي في عام 2016 عندما وافقت على برنامج إصلاح اقتصادي شامل مدعوم بقرض يبلغ 12 مليار دولار. كان الهدف من هذا البرنامج هو استقرار الاقتصاد المصري وتحفيز النمو، وهو ما تمثل في تحرير سعر صرف الجنيه، ورفع الدعم التدريجي عن الطاقة، وتطبيق إصلاحات مالية وهيكلية.

 

ومع أن البرنامج ساعد في جذب الاستثمارات وتحقيق معدلات نمو إيجابية، إلا أن له آثارًا سلبية على المواطن المصري، خاصة مع تراجع قيمة الجنيه من نحو 8 جنيهات إلى ما يقارب 50 جنيهًا مقابل الدولار. أدى ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما زاد من الأعباء الاقتصادية على الطبقات المتوسطة والفقيرة.

 

يُنظر إلى مراجعة هذه العلاقة على أنها ضرورة ملحة في ضوء الظروف الاقتصادية الحالية. قد يكون هناك حاجة إلى تعديل شروط الصندوق بما يتناسب مع الواقع المصري وتخفيف حدة الشروط الاقتصادية التي تؤثر على حياة الناس. لذا، يجب على الحكومة المصرية أن تعتمد على حكمة المفاوضين المصريين ومرونتهم في التعامل مع المؤسسات الدولية بما يحافظ على استقرار البلاد ويحسن من مستوى معيشة المواطنين.

 

تصريحات الرئيس السيسي فتحت الباب لمراجعة جادة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، وسط تساؤلات حول كيفية إعادة توجيه هذا البرنامج بما يحقق التوازن بين تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتخفيف الأعباء عن المواطنين. ومن هنا، تبقى الفرصة سانحة لتحقيق نتائج إيجابية إذا ما تمت إدارة العلاقة مع الصندوق بحكمة ومرونة، مع التركيز على الأولويات الوطنية.