رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

"محمد أبوزيد" يكتب عن شماتة الحمير في اغتيال نصر الله.. أخطرهم إخوان سوريا وأقبحهم مذيع الجزيرة

المصير

الأحد, 6 أكتوبر, 2024

09:31 م

أعترف أنني كنت أظن، وبعد الظن إثم وبعضه جائز ، أن الغرب المؤدلج بقيادة واشنطن، والمسيحية الصهيونية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، لا يعادون ولا يحملون نيران الحقد المقدس إلا للإسلام السني.  

وكنت أرى أن العداء بينهم وبين إيران والإسلام الشيعي لا يزيد عن كونه مسرحية، ظاهرها العداء المطلق وباطنها المحبة الصادقة.

كنت أقول لنفسي: لقد ظلت أمريكا تهدد بضرب إيران لعشرات السنين دون أن ترميها بنبلة، حتى حينما تم التوقيع على القرار في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وذهب الطيارون إلى قواعدهم، وشغلوا محركات طائراتهم، وتأهبوا للتوجه إلى طهران، تم التراجع عن القرار في الثواني الأخيرة.  

في حين أن قرار ضرب العراق واحتلاله وقتل مئات الآلاف من أبنائه ومحو الدولة العراقية من الوجود لعشرات السنين لم يأخذ بضعة أيام أو بضع دقائق من صانع القرار في البيت الأبيض، كل ذلك كان يعزز ويغذي بداخلي نظرية العداء المسرحي.

كما أعترف أنني كنت من الذين انقلبوا ضد الأمين العام لحزب الله  حسن نصر الله وحزبه  بعد أحداث الثورة السورية.


 طوفان الأقصى يدمر الطائفية

ظلت هذه الأفكار تلح عليَّ وتسيطر على عقلي الظاهر والباطن، إلى أن جاء طوفان الأقصى الذي دمر كل نظريات الأمن الإسرائيلي، وزلزل الكيان الصهيوني، وألحق به هزيمة ساحقة ومذلة لن تمحى من الذاكرة حتى زوال دولة الاحتلال.  
كما دمر ومحي أيضًا كل ما حوته رأسي من أفكار سابقة، ونسفها في اليم نسفًا.

فها هي إيران ومعها كل محور المقاومة في اليمن والعراق ولبنان يقفون في الميدان بمفردهم، لم يترددوا لحظة عن دعم غزة، والوقوف بجوارها في الوقت الذي صمت فيه الجميع، وطأطأوا رؤوسهم،وعلى رأسهم تركيا الأردوغانية. 

لقد أسقط  طوفان الأقصى العشرية السوداء للطائفية، التي خططت لها إسرائيل ببراعة بعد ثورات الربيع العربي ، وها هو الصراع يعود من جديد إلى قبلته الصحيحة، صراع عربي إسلامي مع المشروع الصهيوني، صراع وجود وهوية وعقيدة.  
فمع فجر اليوم التالي للمعركة، انضم حزب الله للمقاومة في فلسطين  داعمًا ومساندًا ومؤازرًا دون ذرة تردد، ومضحّيًا بدماء رجاله ونخبته من أجل الوقوف مع الحق.

كان حسن نصر الله ومعه حزب الله أول من رفعوا شعار "لبيك غزة" قولًا وفعلًا.  
كان من الممكن أن يناوش لمدة أسبوع أو أسبوعين، وبعدها يناور ويتراجع، ولكنه أبى إلا أن يكون صادقًا ومخلصًا في الوقوف بكل قوة وصلابة وبأس بجوار المقاومة الفلسطينية ، حتى نال الشهادة في أشرف ميدان للشهادة.


 ثمن الشهامة

حينما ذهبت إلى لبنان بعد طوفان الأقصى بعدة أسابيع لإجراء حوارات مع قادة المقاومة وقادة الفصائل الفلسطينية والمسؤولين اللبنانيين، وهي الحوارات التي انفرد موقع "المصير" بنشرها على مدار أسابيع، سمعت من الجميع أن حزب الله دفع ثمنًا باهظًا بسبب وقوفه مع المقاومة في غزة، وأن إيران هي الداعم الأول للمقاومة في فلسطين  بكل فصائلها وعلى رأسها حماس لوجيستيًا وماديًا، وأنها هي التي تمدهم بالمال والسلاح والتدريبات.

حتى لو كان كل ذلك في إطار الدور الإقليمي الذي تسعى إليه إيران، فهي اختارت أن يكون دورها الإقليمي مع المقاومة وضد المشروع الصهيوني.  
كان من الممكن أن تنعم إيران، وهي الدولة النفطية ومن أكبر دول العالم المصدرة للغاز، بالثراء الذي تنعم به دول الخليج وأكثر، ولكنها اختارت أن تكون قبلتها دعم المقاومة بكافة فصائلها.  
قدمت ذلك على كل شيء وقبل أي شيء.

لقد ذهب سفراء النمسا وفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي إلى قيادات حزب الله وبعضهم التقى بالأمين العام للحزب الشهيد حسن نصر الله، وقدموا له إغراءات لا حدود لها لكي يتوقف فورًا عن قيادة جبهة المساندة لغزة بعد طوفان الأقصى، مقابل رفع اسم الحزب من قوائم الإرهاب وانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وإغراءات أخرى كثيرة.  
ولم تخلُ اللقاءات من تقديم نصائح بأن العواقب ستكون وخيمة وكارثية إن لم يتوقف حزب الله عن مساندة حماس. 

رفض نصر الله الإغراءات رغم ضخامتها، ولم يبالِ بالتهديدات رغم خطورتها، وأصر على قيادة جبهة المساندة لغزة مهما كان الثمن، والثمن كان حياته.  
فلقي ربه وهو في قلب الميدان.

ورفضت إيران واليمن كل الصفقات مقابل وقف المساندة لغزة ومقاومتها.



نهيق الحمير

حينما تفسد الفطرة وتنعدم البصيرة، ويغيب الوعي، ويموت الضمير، وتنزل الغشاوة على القلب، فإن النتيجة أن تجد أنفارًا يشمتون في اغتيال حسن نصر الله حتى وهو في قلب معركة دعم غزة.  
فظهر نهيق هنا ونعيق هناك، ونباح هنا، وخوار هناك.  

وانقسم نهيق الحمير إلى قسمين 

القسم الأول هو القطيع الذي ينساق وراء كل لمة، ووراء كل زفة، فلو رأوا منشورًا يشمت في اغتيال نصر الله، شمتوا مثله، ولو رأوا منشورًا آخر يبكيه ويعطيه حقه، انساقوا وراءه أيضًا.  

هؤلاء تحكمهم ثقافة القطيع، أينما توجههم يذهبون ولا يأتون بخير، هم إمعات لا وزن لهم ولا قرار، ولو دخلت بهم جحر ضب لدخلوا خلفك.



فيصل القاسم وإبراهيم عيسى "أيد واحدة"

أما القسم الثاني الذين شمتوا في استشهاد نصر الله، فهو القسم الأخطر والأفدح، والأبجح والأوقح، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان في سوريا، الذين أصدروا بيانًا مريبًا ومثيرًا للغثيان يعلنون فيه بشكل واضح وصريح شماتة في اغتيال نصر الله: "لقد تلقينا في جماعة الإخوان في سوريا كما تلقى كل الأحرار في سوريا نبأ هلاك حسن نصر الله زعيم حزب الله الطائفي اللبناني".

البعض التمس العذر لهم بسبب ما حدث في سوريا على يد حزب الله في أعقاب الثورة السورية من تدخل طائفي وحرب مذهبية راح ضحيتها الآلاف، وهذه نقطة تحتاج لتوضيح من عدة جوانب:

أولًا: لقد تطهر الرجل من هذا الخطأ ولبى نداء غزة وهو أشرف ميادين الجهاد، ولا جهاد إلا مع العدو الصهيوني، واستشهد وهو في قلب الميدان، أليس ذلك دليلًا على حسن الخاتمة؟

ثانيًا: أبطال حماس وهم ينفذون كمين خان يونس الأخير بكل رجولة وفداء وتضحية، أهدوا العملية لروح الشهيد حسن نصر الله الذي وصفوه بأنه لقي الشهادة على طريق القدس، فهل هناك قول بعد الذي تقوله حماس؟ وهم أهل مكة وأدرى بشعابها.

ثالثًا: لقد ثبت أن أكبر خطر وأكبر خطيئة ارتكبت في حق الثورة السورية هو عسكرتها، ودخول كل الجماعات الدينية التكفيرية وغيرها للمسرح السوري.  

فبعد أن تقاتلوا مع النظام السوري، دار القتال بينهم أنفسهم بصورة أكبر وسالت أنهار من الدماء في الصراع بين الجولاني والبغدادي، والقاعدة وداعش وجبهة النصرة وأحرار الشام، وكل ذلك من أجل السلطة والثروة ولم يكن إطلاقًا خالصًا لوجه الله.

أما أقبح من شمت في اغتيال نصر الله، فكان مذيع الجزيرة فيصل القاسم، الذي ملأ تويتر نهيقًا وشماتة لا تليق حتى بالحمير، ووصف نصر الله بأقذر وأبشع الألفاظ.  

أما أقذر ما قاله فهو مساواته بين نصر الله وحزب الله وإيران من ناحية والكيان الصهيوني من ناحية أخرى، وقال بوقاحة يحسد عليها: "نحن نشجع اللعبة الحلوة ونشوف مين اللي يكسب فيهم!"

وهناك فتاة أردوغانية تسمي نفسها إسراء أردوغان ، وهي من نشطاء منصة إكس الشهيرات ، ملأت هي الأخرى المنصة بنعيق وخوار ونهيق يعج بالشماتة التي لا حدود لها في اغتيال نصر الله.

لقد اصطف إخوان سوريا وفيصل القاسم والفتاة الأردوغانية في نفس خندق البجاحة والفجاجة مع  إبراهيم عيسى والذباب الإلكتروني وهشام قاسم وأفيخاي أدرعي وبنيامين نتنياهو، اصطفوا جيمعا في معسكر واحد، بوجهة نظر واحدة، وآراء وكلمات متطابقة، ويد واحدة ، في مواجهة معسكر اخر يضم كل أصحاب البصيرة وأصحاب الضمائر  وكل المقاومين في الأرض.

حينما نصح الحكيم لقمان ابنه قبل آلاف السنين بأن يخفض من صوته مؤكدا له أن أنكر الأصوات هو صوت الحمير، لم يكن يعرف لقمان وهو الحكيم النوبي الذي ولد في منطقة النوبة بأسوان أنه سيأتي فيه زمان يكون فيه نهيقا بالشماتة في الشهداء