رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

مختار محمود: لماذا يغيب الأزهر الشريف عن نقابة القراء؟

المصير

الأحد, 29 سبتمبر, 2024

06:22 م

أمَا وأن وزير الأوقاف "المستجد" يتجاهل كل دعوة إصلاحية، ويُفرِّغ نفسه للطواف مع الطرق الصوفية، فهل يحضرنا الأزهر الشريف ويحسم الأمر؟

انعقدت أمس جمعية عمومية "عادية" بنقابة محفظي وقراء القرآن الكريم، ولكن جرت في الكواليس أمور وتربيطات واتفاقيات، وجرى في النهر مياه كثيرة! بعض القراء يرغبون في الإطاحة بمجلس النقابة الحالي برئاسة الشيخ محمد حشاد، وطرح أنفسهم بدلاء مُحتملين تحت أي ظروف. ربما جاء المجلس الحالي في ظروف غير مواتية، وربما لم يكن –بحكم تركيبته الضعيفة وغير المنسجمة وسيطرة الوزير المعزول عليه- موفقًا في إحداث طفرة حقيقية على مستوى الحفاظ على القرآن الكريم، ولكن من يطرحون أسماءهم بدلاء لـ"حشاد" ورفاقه لن يزيدوا الأمر إلا سوءًا. المقدمات الخاطئة تقود دومًا إلى نتائج كارثية. أحدهم يتسلح بتزلفه الدائم لوزير حالي، ويرى نفسه الأنسب لمنصب النقيب خلال الفترة المقبلة، وحَرَص أمس على التواصل مع عدد من القراء للتربيط معهم قبيل الوصول إلى النقابة، وتحدث مع أحدهم نحو 30 دقيقة عن خططه "الواهنة" للارتقاء بمستوى النقابة، فهل كان يقصد الارتقاء إلى أعلى أم إلى أسفل سافلين؟ّ! قاريء آخر  يصنع رأيًا عامًا بأنه النقيب المنتظر اليوم أو غدًا أو بعد غد؛ زاعمًا أنه مسنود من الوزير وممن هو أعلى من الوزير! إذا ذهب المجلس الحالي، وجاء مجلس آخر من فوق "دكة التلاوة"، فلن يسعنا إلى أن نقيم على النقابة وما تبقى من دولة التلاوة مأتمًا وعويلاً وقراءة الفاتحة والوقوف "60 دقيقة حداد"!! 
قلنا آنفًا: الأزمة ليست في مجلس يذهب ومجلس يأتي، ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في أن يكون النقيب ومعظم الأعضاء –ابتداءً- من "رفقاء الدكة وأصحاب الليل وآخره"؛ هذه كارثة، أثبتت الأيام خطورتها وفداحتها ومدى تأثيرها السلبي والخطير، ولولا الملامة لذكرنا تفاصيل مريرة، ولكن حتمًا سوف يأتي وقتها. قصَّرت النقابة –بتشكيلها الحالي- في جميع مهامها التي أسندها إليها قانون إنشائها، وانشغل المجلس  بالبحث عن مصالح ذاتية ورخيصة جدًا؛ لأن أعضاءه من "شركاء الدكة". دهس المجلس الحالي المادة الرابعة، التي تحدد على سبيل الحصر، أهداف إنشاء النقابة؛ فلا هو نهض بمستوى حفظ وتعليم القرآن الكريم، ولا هو نشر الدعوة إلى تحفيظ القرآن الكريم وأحكام تلاوته، ولا هو حافظ على التراث الإسلامي في أحكام تلاوة القرآن الكريم، ولا هو التزم بقواعده الشرعية المقررة في علوم القراءات، ولا هو أبلغ الجهات المختصة بمخالفة أحكام التلاوة إلا في حالات القراء المغمورين جدًا، ولا هو اضطلع بتنشيط الدراسات الدينية المتصلة بالقراءات وتشجيع القائمين بها ورفع المستوى العلمي لأعضائها! كم عضوًا بالمجلس الحالي أو المحتمل اطلع على قانون إنشاء قانون النقابة وعرف تفاصيله؟! 
  فقدت دولة التلاوة المصرية تحت مظلة مجلس النقابة الحالي كثيرًا جدًا من بريقها ومجدها وتاريخها. قراء مصر أصبحوا مثيرين للشفقة والغضب والحزن والجدل. وإن جاء مجلس جديد من القراء، فإن السيناريو السييء سوف يتكرر بتفاصيل أسوأ؛ لا سيما أن من الأسماء  المطروحة من يعشق الأضواء والشهرة، ويتنازل عن كرامته من أجلهما. ومن أقواله المشهودة لمسؤول بارز في هذا السياق عندما كان يُهاتفه: "أقسم عليك بالله يا أفندم أن تضع هاتفك على  حذائك الشريف؛ كي أنال شرف تقبيله"!  يا للهول..هل يُنتظر خير من قاريء يتحدث بهذه اللهجة الوضيعة؟! رحم الله قراءً كانوا لا يطأطئون رؤوسهم لرئيس أو وزير.
وفي مثل هذه الغُمة الكالحة.. نفتقد إلى الأزهر الشريف الذي يجب أن تكون له كلمة نافذة، كما كانت له كلمة نافذة إبان إنشاء هذه النقابة من قبل، وتدخل في أدق تفاصيلها، واُستجيب لرأيه، عندما قال يومئذ: "إنْ رغب القراء في إنشاء نقابة، فعليهم أن يتحولوا – بجانب القراءة - إلى وظيفة تحفيظ وتعليم القرآن الكريم، بحيث يقومون بتحفيظ القرآن في أوقات مُحَدَّدة وبشروط مَعلومة كشيوخ وأعضاء للمقارئ – فيكون مِن الجائز حينئذ أن تُنشأ لهم نقابة ترعى مَصالحهم؛ ذلك أن جُمهور العلماء على جواز أخذ الأجر على تعليم وتحفيظ القرآن، فيُمْكِن أن تكون مِهْنة"! واستجاب مجلس الشعب لرأي الأزهر الشريف، وجرى تعديل شامِل لمَشروع إنشاء النقابة بناءً عليه، فأصبح اسم النقابة: "نقابة مُحفظي وقراء القرآن الكريم"، وتقدم المحفظون على القراء! عندما تدخل الأزهر الشريف قديمًا وفرض كلمته، لم تكن الأوضاع بهذا السوء ولا بهذا القبح، فلماذا لا يحضر الآن ويطرح رؤية شاملة لإصلاح النقابة والحفاظ على القرآن الكريم من فوضى عارمة لا تُبقي ولا تذر؟ 
عندما يكون القراء هم قوام مجلس النقابة، كما تخطط المجموعة الجديدة؛ فإنهم ينشغلون بمصالحهم الشخصية جدًا، وينشغلون عن المهمة النقابية المنوطة بهم، ومن ثمَّ فما الذي يمنع  الأزهر الشريف من أن يتدخل -قانونُا أو عُرفًا في ظل العلاقة الطيبة بينه وبين وزارة الأوقاف- بحيث يكون المجلس القادم، بعد وقت طال أو قصر، ونتمناه قصيرًا- من المُحفظين وأساتذة القراءات وأعضاء لجنة مراجعة المصحف نقيبًا وأعضاءً، ممن لا تشغلهم تربيطات العزاءات والأفراح وحفلات الطهور وما شابه، وممن لا يتحكم فيهم السماسرة والفراشون والكلافون الذين انتشروا أمس داخل النقابة وفي محيطها! 
 ربما عندما يكون النقيب وجميع أو معظم أعضاء مجلس النقابة من السادة الأفاضل أساتذة القراءات وعلوم القرآن الكريم والمحفظين الكبار ينصلح الحال تدريجيًا؛ لأنهم لن يغضُّوا الطرف عن قاريء مقصر متخاذل بحق كتاب الله تعالى، ولن يوفروا الحصانة لقاريء عابث متلاعب، ولن يكونوا مضطرين لاسترضاء واستقطاب المرتزقة والصييتة والسماسرة والفراشين. إن تضارب المصالح يعمي الأبصار والبصائر والضمائر؛ ومن ثمَّ.. فإن الأمور لن تنصلح أبدًا بمجلس من القراء..وتلك رسالة لمن يهمه الأمر!