رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

الضربة الإيرانية علي الكيان الصهيوني وإحتمالية الرد

المصير

الثلاثاء, 15 أكتوبر, 2024

02:15 م

فاجأت إيران الجميع في 1 أكتوبر ، بضربة صاروخية كانت مفاجئة للجميع ، حيث قامت إيران في الساعة الثامنة مساء بضرب أكثر من 200 صاروخ فرط صوتي علي جميع أنحاء تل أبيب. 

وقد كانت هذه الضربة مختلفة كليا عن ضربة إبريل الماضي. ففي حين كان الجميع وقتها يشعر بكثير من الإحباط والحزن سواء بعد ضربة البيجرز التي قامت بها اسرائيل في لبنان ، حيث استطاعت إقتحام أكثر من 3000 جهاز لاسلكي وتفجيرهم في عناصر مدنية وعسكرية في لبنان، واستُشهد أكثر من 40 شخصا وأصيب الآلاف، وكذلك بعد إستشهاد حسن نصر الله (الأمين العام لحزب الله) والذي كان بمثابة فاجعة للجميع إهتزت لها جميع القلوب المعادية للكيان والمناصرة للمقاومة.

وجاءت الضربة لتحيي الأمل في القلوب من جديد ، وجاءت بعد أن خرج نتنياهو وقال صراحة "نحن بدأنا عملية تغيير وجه الشرق الأوسط بالكامل". 


وقد كانت للضربة الإيرانية عدة إنجازات لا يغفل عنها أحد، فأولاً أنها أعادت قوة الردع الإيرانية من جديد بعدما تعرضت لهزة كبيرة بعد إغتيال إسماعيل هنية ، في قلب طهران، وأثبتت إيران أنها تستطيع إيذاء الكيان الصهيوني، وأنها لم تتراجع أمام التهديدات الأمريكية.

 فالولايات المتحدة قالت صراحة أن إيران ستواجه عواقب وخيمة ، إذا قامت بضرب إسرائيل. وثانيا أنها إستطاعت توجيه عدة ضربات محددة داخل الكيان ، فاستطاعت ضرب هنجرين للطائرات ومبني للصيانة، وقد التقتطهم صور الأقمار الصناعية وهم مدمرين.

وجاءت المصادر بقولها أن هناك من 20-30 طائرة اف 35 الامريكية قد تم تدميرها في القاعدة (نفاتيم). 

أما الضربة الأخرى فكانت في محطة كهرباء وسط تل أبيب مما تسبب في إنقطاع التيار الكهربائي عن حي بأكمله لعدة ساعات، وتم قصف قاعدة حتسريم الجوية أيضا والإضرار بها. 

وقد حاول الجيش الصهيوني نفي هذه الخسائر ، إلا أنه وبعد أن فضحته كاميرات الإسرائيليين أنفسهم وصور الأقمار الصناعية إعترف بالخسائر، لكنه حاول التقليل قدر الإمكان من آثارها. ثالثا وهو الأهم وهي الرسالة الإستراتيجية التي أرادت إيران توجيهها الي الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ، وهي أن هذه الصواريخ مثلما سقطت في قاعدة نفاتيم وغيرها واستطاعت إختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية ، تستطيع ضرب البنية التحتية العسكرية والمدنية الإسرائيلية، وهو ما ستفعله إيران في حالة أن قررت إسرائيل توجيه ضربة قوية لإيران. 

وبالطبع فإن هذا العدد من الصواريخ وهو ما يزيد عن 200 صاروخ ، يمكن أن يزيد لآلاف الصواريخ. 

غير أن إيران لم تُبالي للتهديدات الأمريكية. فنري الولايات المتحدة بعد أن هددت بعواقب وخيمة لإيران قبل الضربة، نراها وهي تعرب فقط عن قلقها إزاء التصعيد بين إيران وإسرائيل لتُثَبِت إيران معادلة الردع الجديدة. وقد أبلغت إيران أيضا الولايات المتحدة في اليوم التالي للضربة من خلال قطر أن سياسة ضبط النفس من طرف واحد قد إنتهت ، وأن أي تهور إسرائيلي سيقابله رد ساحق من إيران .

وهذا يُنذر بدخول إيران مرحلة جديدة من الصراع مع الكيان الصهيوني. ولقد أصبحت إسرائيل في ورطة بعد الضربة الإيرانية ، فبعد تصريحات نتنياهو العنترية بتغيير الشرق الأوسط ، وهو في حالة نشوة لوهم إنتصار كاذب، نري إيران وبسهولة وبمئتي صاروخ فقط تسببت في إنهيار منظومة القبة الحديدية ومقلاع داوود. 

وتسببت الضربة في إهانة الكيان الصهيوني وإسقاط لقوة ردعه أمام العالم. كما أثبتت إيران أن وجودها يمثل قوة الردع الرئيسية للكيان في المنطقة. فالكيان الصهيوني الآن في خيارين كلاهما مُر. الأول هو توجيه ضربة رمزية غير مؤثرة لإيران لحفظ ماء الوجه ، وبالطبع سيتسبب هذا في فقدان ثقة الشارع الاسرائيلي بقوة جيش الاحتلال والتي بناها علي مر سنوات ، وستنهار قوة الردع نهائيا للكيان الصهيوني. 

أما الخيار الآخر وهو الأكثر خطورة، وهو توجيه ضربة قوية ومؤثرة لإسرائيل مثل ضرب مقر الحرس الثوري أو ضرب مصالح اقتصادية او آبار بترول او المفاعل النووي، وهنا ستقوم إيران بتوجيه آلاف الصواريخ الفرط صوتية لتدمير البنية التحتية العسكرية والمدنية للكيان الصهيوني بالكامل وهي قادرة علي فعل هذا.

والضربة الأخيرة أثبتت هذا بجدارة. وفي تلك الحالة ستصبح إسرائيل علي حافة الهاوية ولن يتم مهاجمتها من إيران فحسب، بل من بقية أطراف محور المقاومة (حزب الله في لبنان واليمن والعراق) في وقت واحد، وهو سيناريو كارثي لإسرائيل وينذر ببدء إنهيارها بشكل تام ، خصوصا أن ترسانة الصورايخ الإيرانية وحتي كثير من المنشآت النووية لا توجد فوق الأرض بل تحت الأرض بأكثر من 100 متر في وسط إيران.

 أي أنها ستكون في مأمن من الضربات ، وبالتالي سيواجه الكيان الصهيوني خطر الإنهيار الكامل إذا قامت إيران بإعلان الحرب الشاملة علي الكيان. 

وفي هذا السياق فإن الولايات المتحدة لن تجرؤ علي الدخول في حرب مباشرة مع إيران، وستكتفي فقط بمحاولة إسقاط الصواريخ الإيرانية، لكنها لن تدخل في حرب مباشرة نظرا لوجود الصين، التي تنتظر أن تغرق الولايات المتحدة في حرب واسعة في الشرق الأوسط حتي تستغل الفرصة وتستعيد السيطرة علي تايوان. غير أن الدعم العسكري لأوكرانيا سينقطع تقريبا بسبب إحتياج الولايات المتحدة للسلاح ، خصوصا إذا قامت الصين بإستغلال الفرصة وهو ما سيعطي الفرصة لروسيا للسيطرة أوكرانيا. بالإضافة لوجود قواعد أمريكية في الشرق الأوسط بها اكثر من 70 الف جندي أمريكي تخشي الولايات المتحدة ضربها بالصواريخ الإيرانية، حيث سيتم قتل الآلاف من هؤلاء الجنود وهو ما يمثل كارثة للمجتمع الأمريكي لا يتحملها. 


وختاما ، فإن الجميع ينتظر الرد الإسرائيلي والذي سيؤدي الي خيارين لا ثالث لهما، الأول هو الضربة الرمزية الغير مؤثرة علي إيران ولا علي هيبة ردعها، وستدفع إسرائيل الثمن لهذا الخيار، وهو شرخ كبير في قوة ردعها خصوصا أمام الإسرائيليين أنفسهم. أما الخيار الثاني فإنه يتمثل فيه قيام الكيان الصهيوني بالضربة المتهورة والتي ستؤدي حتما للحرب الإقليمية الكبري والتي ستضع مصير الكيان علي حافة الهاوية.


مازن زهران
باحث في العلاقات الدولية