رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

مختار محمود يكتب: لماذا رفض صاحب العلوم السبعة التردد على السلاطين؟!

أيمن نادي الحنفي

الخميس, 3 أكتوبر, 2024

10:26 ص

تحلُّ ذكرى ميلاد ووفاة الإمام جلال الدين السيوطي –على الأرجح-  في شهر أكتوبر. والإمام "السيوطي" واحد من أكابر علماء الإسلام وأفذاذهم ونوابغهم، وموصوف بـ"صاحب العلوم السبعة".

 أبصرَ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري الأسيوطي، المعروف بـ"جلال الدين السيوطي" النورَ في العام 1445بالقاهرة، وغيَّبه الموتُ في العام 1505 ميلاديًا. وبين التاريخين..أثرى السيوطي المكتبة الإسلامية بمئات الكتب والمراجع المهمة.

 كان "السيوطي" سليل أسرة اُشتهرت بالعلم والتدين، وكان أبوه صالحًا. أصبح "السيوطي" يتيم الأب وهو ابن ستِّ سنوات فقط، فاتجه إلى حفظ القرآن الكريم، وأتمَّ حفظه وهو دون الثامنة، كما حفظ كتبًا مثل: "العُمدة"، و"منهاج الفقه والأصول"، و"ألفية ابن مالك"، فاتَّسعت مداركُه وزادت معارفُه. تأثر "السيوطي" في مرحلة الصبا والشباب بعدد من نوابغ العلماء في زمانه، أبرزهم: الفقيه الكبير الكمال بن الهمام الحنفي، وأخذ عنه ابتعادَه عن السلاطين وأرباب الدولة، كما سنرى لاحقًا.

 وضع "السيوطي" كتابه الأول: "شرح الاستعاذة والبسملة" وهو ابن سبعة عشر عامًا، وصادف ثناءً وتقديرًا كبيرين. 
لم يكتفِ "السيوطي" بالجلوس إلى عشرات  العلماء الرجال في عصره، بل كان له شيوخٌ من النساء اللاتي بلغن الغاية في العلم، مثل: آسية بنت جار الله بن صالح، وكمالية بنت محمد الهاشمية، وأم هانئ بنت أبي الحسن الهرويني، وأم الفضل بنت محمد المقدسين وغيرُهن كثيراتٌ!! طاف "السيوطي" العالم شرقًا وغربًا، وتلقى صنوف العلم على أيدي كبار العلماء في الأقطار الإسلامية. عندما اكتملت أدوات "السيوطي" جلس للإفتاء في العام 1466ميلاديًا وأملى الحديثَ في العام التالي. 


كان "السيوطي" واسع العلم، غزير المعرفة، عظيم الاطلاع، كثير التأليف، حيث قال عن نفسه: "رُزقت التبحُّر في سبعة علوم هي: التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع". لزم "السيوطي" داره في روضة المقياس على النيل، وهو في الأربعين من عمره، وتفرغ للعبادة والتأليف. 
عاصر "السيوطي" ثلاثة عشر سلطانًا مملوكيًا. كانت علاقته بهم جميعًا مُتحفظة، وطابعُها العام المقاطعة، حيث وضع نفسه في مكانته التي يستحقها، وسلك معهم سلوك العلماء الأتقياء الأنقياء. 

كان بعض الأمراء يأتون لزيارة "السيوطي" ويقدمون له الأموال والعطايا والمِنح والهدايا النفيسة، فيردُّها ولا يقبل من أحد شيئًا، بل رفض مراتٍ عديدةً دعوة السلطان لمقابلته، وألف في ذلك كتابًا طريفًا أسماه: "ما وراء الأساطين في عدم التردد على السلاطين".


 تمنَّى "السيوطي" أن يكون إمام المائة التاسعة من الهجرة لعلمه الغزير، فقال: "إني ترجيتُ من نعم الله وفضله أن أكون المبعوث على هذه المائة، لانفرادي عليها بالتبحُّر في أنواع العلوم". 

زادت مؤلفات "السيوطي" على ثلاثمائة كتاب ورسالة، وقدَّرها "ابن إياس" بستمائة مؤلف.


من أبرز مؤلفات "السيوطي" في علوم القرآن والتفسير: "الإتقان في علوم التفسير"، و"متشابه القرآن"، و"الإكليل في استنباط التنزيل"، و"مفاتح الغيب في التفسير"، و"الألفية في القراءات العشر". ومن كتبه في الحديث وعلومه: "إسعاف المبطأ في رجال الموطأ"، و"تنوير الحوالك في شرح موطأ الإمام مالك"، و"جمع الجوامع". وفي الفقه كتب "السيوطي": "الأشباه والنظائر في فقه الإمام الشافعي"، و"الحاوي في الفتاوي"، و"الجامع في الفرائض". وفي اللغة وعلومها..وضع "السيوطي" نحو مائة كتاب ورسالة منها: "المزهر في اللغة"، و"الأشباه والنظائر في اللغة"، و”الاقتراح في النحو"، و"التوشيح على التوضيح".


 توفي الإمام "السيوطي" في منزله بروضة المقياس على النيل بالقاهرة في 18 أكتوبر العام 1505 ميلاديًا، ولا تزال سيرته ومؤلفاته ملء السمع والبصر حتى الآن، وتُزيِّن المكتبات الإسلامية في مصر وخارج مصر.