رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

حنان رمسيس تكتب: التصعيد الإسرائيلي وأزمة الغاز في مصر.. ارتفاع الأسعار ومخاوف الحرب

المصير

الأربعاء, 9 أكتوبر, 2024

09:16 م

في ظل التصعيد الإسرائيلي في المنطقة وتحولها إلى ساحة توترات مستمرة، تؤثر هذه الأحداث بشكل كبير على أسواق الطاقة في المنطقة بل وفي العالم أجمع. فالشرق الأوسط يُعَدُّ من أكبر منتجي النفط والغاز، وكان لديه القدرة سابقًا على التحكم في الأسعار العالمية سواء بالزيادة أو النقصان عبر ضخ كميات إنتاج أو حجبها، وذلك من خلال اتفاقيات مثل "أوبك بلس" التي أصبح هناك شبه اتفاق على تحديد أسعار الطاقة من خلالها.

 

ولكن بعد أن استغنت الولايات المتحدة عن بترول الخليج، وحلّت الصين محلها كأكبر مستهلك لنفط الشرق الأوسط، تغير الوضع. ومع تكرار الأزمات، سواء الجيوسياسية أو الوبائية كما حدث خلال جائحة كورونا، انخفض الطلب على النفط وكل أنواع الطاقة بسبب سياسات الإغلاق التي تسببت في أزمات اقتصادية عالمية وتعطل سلاسل الإمداد. بدأت أسعار الطاقة في الارتفاع مرة أخرى، لكن تصاعدت الأحداث بشكل أكبر بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وزاد الطلب على الغاز الذي لجأت إليه العديد من الدول الصناعية ليحل محل النفط.

 

النفط والعقوبات الروسية


بعد فرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية على روسيا وتأثر إمدادات الغاز إلى أوروبا، ارتفعت أسعار النفط إلى قمم قياسية، وكان لا بد من وجود بدائل. لذلك، لجأت معظم دول العالم إلى الغاز المنتج في الشرق الأوسط، مما رفع سعر الغاز إلى مستويات تاريخية. كانت مصر بعيدة عن هذه الارتفاعات السعرية بل كانت مستفيدة منها بسبب الإمدادات المتدفقة من إسرائيل للغاز، حيث تقوم مصر بتسييله وبيعه في الخارج بأسعار مرتفعة، إلى جانب الاكتشافات المتنوعة ودخول حقول جديدة في الإنتاج بكامل طاقتها مثل حقل ظهر، الذي كان يغطي الاستهلاك المحلي ويفيض للتصدير.

 

لكن بعد التصعيد الأخير من الجانب الإسرائيلي على غزة، وموقف مصر الرافض لهذا العدوان السافر، تأثرت سلاسل الإمداد القادمة من إسرائيل، مما تسبب في أزمة في الغاز. كما انخفض إنتاج حقل ظهر بسبب سرعة الإنتاج، مما أدى إلى تسرب الماء داخل الحقل وبالتالي توقفه عن الإنتاج، فتأثر استهلاك مصر من الغاز. وانعكس ذلك في توقف بعض المصانع عن الإنتاج وظهور أزمة في انقطاع الكهرباء التي عانى منها الشعب المصري لمدة عام ونصف وما زالت الأزمة مستمرة ولكن بوتيرة أقل.

 

ولتجاوز هذه الأزمة، اشترت مصر نحو 30 شاحنة غاز على مراحل لسد احتياجات الدولة، مما أدى إلى رفع سعر الغاز للمستهلكين بنسبة تزيد عن 40%. كما ارتفعت تكلفة الغاز على المصانع والمنتجين، مما تسبب في ارتفاع تكلفة الإنتاج بشكل كبير. وتزداد المخاوف من استمرار التصعيد ونشوب حرب بين إيران وإسرائيل، حيث ستؤدي هذه الحرب إلى ارتفاع أكبر في أسعار الغاز. فالسفن المحملة بالغاز قد ترفض المرور في البحار والممرات والقنوات المتواجدة في منطقة الصراع أو ستفرض رسومًا أعلى، مما يزيد من التكلفة.

 

كان يمكن لمصر أن تكون مستفيدة من هذه الارتفاعات إذا كانت منتجة ومصدرة للطاقة. ولحل هذه الأزمة، تسعى مصر حاليًا إلى مد جسور التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي لسد احتياجاتها من الغاز بأسعار مناسبة. كما تبحث عن شركات تنقيب واستكشاف ذات خبرة لاستكمال استكشافات الغاز بتكلفة مناسبة، في ظل ظروف ضبابية وتوترات جيوسياسية متزايدة.