رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

”متمشيش ورا صندوق النقد”... حينما همس ” لولا دا سيلفا” فى أذن مصطفى مدبولي

المصير

الجمعة, 16 فبراير, 2024

02:02 م


أى قصة ملهمة بطلها عادة من الطبقة الدنيا الكادحة .. ومن طموحه صنع المعجزات ونال الاحترام والتصفيق .. والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا من هذه الفصيلة النادرة التى دخلت التاريخ من بوابة العصامية وارتقاء سلم السلطة على درجات الشعبية وجرأة القرار.

كما أن قصته لم تنته عند وصوله للسلطة بل بدأت، حينما حقق معجزة المعجزات وحول الدولة الأكثر مدينا في العالم لصندوق النقد لدولة دائنة ومقرضا للصندوق في 4 سنوات فقط.


ففى الثمانينات، مرت البرازيل بأزمة اقتصادية طاحنة، ولجأت للاقتراض من صندوق النقد الدولى معتقدة أنه طوق النجاة لحل أزمتها الاقتصادية .. فامتثلت لحزمة شروطه المجحفة، مما أدى الى تسريح ملايين العمال وخفض أجور باقي العاملين، وإلغاء الدعم .. وانهار الاقتصاد البرازيلي على ضوء اشتعال الأوضاع السياسية الداخلية، وتفاقمت الأزمة ليصبح 1% فقط من البرازيليين يحصلون على نصف الدخل القومي، وهبط ملايين المواطنين تحت خط الفقر، الأمر الذي دفع قادة البرازيل إلى الاقتراض من الصندوق مرة أخرى بواقع 5 مليارات دولار .. وتدريجيا، فازت البرازيل بلقب "الدولة الأكثر فسادا" وطردا للمهاجرين، والأكبر فى معدل الجريمة وتعاطي المخدرات والديون فى العالم من واقع مضاعفة الدين العام 9 مرات فى 12 عاما .. إلى أن ظهر ماسح الأحذية وشهرته "دا سيلفا" ليجد بلاده مهددة بإعلان إفلاسها ومحاصرة من صندوق النقد (الجانى الأكبر ) بعدم إقراض البرازيل أى مبلغ فى نهاية 2002 إذا لم تسدد فوائد القروض القديمة .. وانتفض العامل المخضرم شاهرا “إصبعه المبتور" علامة للنهضة المنتظرة والعهد الجديد، وتم انتخابه رئيساً للبرازيل عام 2003، ورفع راية التقشف باستغناء الدولة عن كثير من الرفاهيات لدعم الفقراء .. وقال كلمته الشهيرة:"لم ينجح أبدا صندوق النقد إلا فى تدمير البلدان" .. واعتمد الرئيس الجديد على موارد بلاده وسواعد أبنائه ووضع بندا في الموازنة العامة للدولة باسم "الإعانات الاجتماعية المباشرة" وقيمته 0.5% من الناتج القومي الإجمالي للدولة، وأمر بصرف رواتب مالية مباشرة للأسر الفقير بديلا عن الدعم العينى، ثم رفع الضرائب على رجال الأعمال والفئات الغنية من الشعب، واستجابة الأثرياء بعد أن
منحهم "تسهيلات" كبيرة في الاستثمار وآلية تشغيل وتسيير أعمالهم ومنح الأراضي مجانا وتسهيل التراخيص، فضلا عن
إعطاء قروض بفوائد صغيرة، ساعدتهم فى فتح أسواق جديدة، وبعد 3 سنين فقط من زرع الثقة بين الدولة ورجال الأعمال بروشتة دا سيلفا السحرية، عاد 2 مليون مهاجر برازيلي وجاء معهم 1.5 مليون أجنبي للاستثمار والحياة في البرازيل .. وخلال 4 سنوات (مدة رئاسية واحدة) سدد كل مديونية صندوق النقد .. بل انقلبت المعادلة ليقترض الصندوق من البرازيل 14 مليار دولار أثناء الأزمة العالمية فى 2008، أى بعد 5 سنين فقط من حكم "دا سيلفا" الرشيد!
وبفضل تركيز "دا سيلفا" على محاور الصناعة والتعدين والزراعة والتعليم، تفوقت التجربة البرازيلية فى قطاع الطائرات، وحققت فائضاً إنتاجيا مريحا واعتقلت مكانة مرموقة في اقتصادات الدول الصاعدة .. وبعد نجاح المهمة بامتياز واقتدار، رفض دا سيلفا تغيير دستور بإرادة شعبية لمد فترة وبايته، وقالها بصراحة وشفافية :"البرازيل ستنجب مليون لولا .. ولكنها تملك دستورا واحدا" .. وترك الحكم، ثم عاد إلي مقعده الرئاسي فى 2022 وفى جعبته "سهام إنجازات" يقذف بها أعداء النجاح ومحترفي الفشل .. ويبدو أن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري الذي أدمن الاقتراض من صندوق النقد الدولي كان بحاجة لأن يهمس فى أذنه دي سيلفا أثناء زيارته لمصر قائلا:"لاتمش وراء صندوق النقد .. ودعني أروي لك ماذا صنعت به .. وكيف هزمته .. وحطمت مع شعبي عرش قروضه؟!!".