رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

حسن الصادي: خروج مصر من مؤشر ”جي بي مورجان” يعكس خطورة الموقف الاقتصادي

المصير

الإثنين, 15 يناير, 2024

01:31 م

دخول اسواق الديون الدولية خطأ فادح دفع بنا إلى دائرة مغلقة من " استدامة الاستدانة"

70% فارق سعر الدولار بالسوق السوداء.. و"التعويم" ليس حلا وسيزيد الوضع سوءا

تجريم تداولات العملة خارج البنوك.. والتحول السريع الى الاقتصاد الرقمي مفاتيح حل الازمة

كتبت: رؤى حسنين

كشف الدكتور حسن الصادي أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة عن أن خطورة خروج مصر من مؤشر جى بي مورجان للسندات الحكومية للاسواق الناشئة، موضحا أنه بذلك تكون مصر قد خرجت من كافة التصنيفات الجيدة لجميع المؤسسات الاقتصادية الدولية ومنها ساندرد اند بوروز، وفيتش، وموديز، حيث يتم تصنيف مصر بها بدرجة "جانك" ، وهو ما يعني أن الاستثمار بها عالي الخطورة وغير مؤهلة للاستثمار أو الاقتراض الدولي، وهو أمر غاية في الخطورة لم تشهده مصر من قبل.

وأعلن مؤشر جي بي مورجان الاربعاء الماضي، إنه سيستبعد مصر من سلسلة مؤشراته للسندات الحكومية للأسواق الناشئة اعتبارا من 31 يناير ، وذكر جي.بي مورغان في بيان: "مصر خاضعة لمراقبة المؤشر منذ 21 سبتمبر 2023 على خلفية مشكلات تتعلق بقابلية تحويل النقد الأجنبية الجوهرية التي أبلغ عنها مستثمرون يتم الرجوع إليهم".

وأضاف أن مصر أبقت حتى 29 ديسمبر على وزن 0.61% في المؤشر العالمي المتنوع، ومصر لها 13 من السندات بالجنيه المصري في مؤشراتها، بآجال استحقاق تتراوح بين 2024 و2030.

وقال الدكتور الصادي ،خلال مداخلة لبرنامج الحكاية المذاع على إم بي سي، إن إصدار سندات بالعملة الصعبة في الأسواق الدولية يتطلب أن تكون الدولة مسجلة في عدة مؤشرات من أهمهم مؤشر جي بي مورجان، وذلك بهدف التأكيد على قدرة الدولة على السداد وضمان ذلك، موضحا أن خروج مصر من هذا المؤشر يعني أن مصر أصبحت غير مصنفة أو غير مؤهلة للاستثمار المباشر، وان جي بي مورجان ليس مسئولا عن ضمان أي عمليات إقراض لمصر، وذلك لأن مصر قد لا تستطيع السداد وأن الاستثمار بها عالي المخاطر.

وأوضح الصادي، أنه في هذه الحالة فإن مصر ستضطر لطرح سندات بفائدة عالية جدا، أو بخصم كبير من القيمة الاسمية لمبلغ السندات، تصل لنحو 20%، وذلك للتشجيع على الاستثمار في سنداتها ، ومحاولة تأمين المستثمرين ضد أي مخاطر محتملة، وذلك بالطبع ينعكس على مصر بخسارة هذه النسبة المرتفعة من قيمة السندات.

وقال إن ذلك الإجراء يعد من الإجراءات العقابية العنيفة ضد الاقتصاد المصري، وأنه لا يجب اطلاقا التهاون حياله، لأن ذلك قد يؤول لمزيد من التأزم وضعف الثقة بالاقتصاد المصري، مشيرا إلى ان علاج هذه المشكلة والعودة لدخول المؤشر ليس سهلا، حيث يتطلب ما بين عامين أو ثلاثة وربما أكثر، حيث يخضع الاقتصاد المصري للعديد من المراجعات من قبل المؤشر للتأكد من صلاحيته لدخول التصنيف مرة اخرى.

وقال الصادي أن من الأسباب وراء وقوع الاقتصاد المحلي في هذه الأزمة القاسية، هي دخوله أسواق الديون الدولية، والتوسع في عمليات الاقتراض دون تقدير حقيقي لقدرة الاقتصاد على السداد دون اثار جانبية، حيث اصبحنا تقترض من أجل من سداد ديون اخرى وهكذا ، وهو ما يعرف باستدامة الاستدانة، وذلك خطأ فادح يدفع الاقتصاد المحلي ثمنه حاليا.

وكشف عن أن مصر قد لا تسطيع سداد هذا العام سداد الدين المحلي والبالغ نحو 2.479 تريليون جنيه، في حين أن إجمالي الإيرادات تقدر بـ 2.124 تريليون جنيه، ذلك بخلاف الديون الخارجية الناتجة عن الاقتراض والاستدانة من المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي، أو السندات الحكومية أو الدول.

وأوضح أنه يتم خدمة الدين الخارجي بالطبع من خلال إيرادات الناتج المحلي، وهو ما يعد أحد الاسباب واراء إصدارات شهادات استثمار ذات فائدة مرتفعة من اجل جمع أموال يتم شراء الدولار بها لسداد الديون الخارجية، وهي بالطبع افقر الطرق للتحصل على الدولار، وذلك نظرا لعدم وفرة الدولار بالقدر المطلوب بالسوق المحلي، مشيرا ألى انه نظرا لعدم كفاية هذه الطريقة لجمع المبالغ المطلوبة من الدولار اتجهت مصر لبرنامج الاطروحات الحكومية لبيع اصول لجمع الدولار، كاشفا عن حقيقة صادمة أنه الباب التالي لتلك الخطوات حال عدم كافيتها لتحقيق الهدف سيكون افلاس الدولة.

وكشف الصادي عن أن التعويم ليس الحل لهذه الأزمة، بل على العكس سيزيد من سوء الوضع وفادحته، حيث ان الحصول على سعر صرف مرن يتطلب من الاصل توافر اقتصاد مرن وذلك غير متوفر، حيث أن الاقتصاد المصري متيبس، وكما أن لدينا فجوة ضخمة في السيولة الدولارية، وذلك نظرا لأن الاقتصاد المحلي بكافة قطاعات غير قادر على توفير الدولار بالقدر المناسب للاحتياج له.

وقال الصادي إن كل قرارات التعويم الاربعة السابقة لم تأتي بخير أبدا، حيث لم تحقق الهدف منه، من التوازن في سعر الصرف، سواء كان التعويم المدار او مطلق، بل تفاقمت الأزمة وبلغ سعر الدولار بالسوق السوداء إلى 54 جنيها، كاشفا عن أن حجم الفرق بين سعر الدولار الرسمي وبالسوق الموازية بلغ لاول مرة في تاريخ مصر 70% .

وأوضح أن الحل الوحيد هو السيطرة على الكيانات المحركة للسوق السوداء، وذلك مهمة الأمن في المقام الاول، فسيطرة الحكومة وهي الذراع الاقوى بالدولة على السوق السوداء وتجريم تداولات العملة خارج الجهاز المصرفي، هو الحل الوحيد المتبقي امامنا للخروج من هذه الازمة الاقتصادية الطاحنة.

وأضاف أنه يتبع هذه الخطوة بالضرورة التحول الفعلي للاقتصاد الرقمي، بما يعني اتمام كافة المعاملات المالية عبر البنوك إلكترونيا، وهو الامر الذي سيغلق الأبواب أمام أي محاولات للتداول خارج البنوك.