رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

الجمهور السعودي والخليجي يحدد مسار السينما المصرية

المصير

الإثنين, 22 يناير, 2024

09:14 م

الناقد رامي عبد الرازق: لا أتذكر فيلم مصري جيد خلال العام الماضي

ارتفاع أسعار التذاكر يغطي ضعف الإيرادات

النجوم اكتفوا بلم الملايين ولا يهمهم الجودة

السينما المصرية ستواجه مستقبل ضبابي بعد بناء ذائقة عربية واعية

الناقد عصام زكريا: المخرجون المتميزون يتخلون عن الفن من أجل الربح

عبء التكاليف يقتل الابداع ولا يوجد تمييز بين الفيلم التجاري والمستقل

عانت السينما المصرية ومازالت تعاني منذ سنوات، من تراجع في الانتاج المتميز والفيلم الذي يحمل قدر من المستوى الفني الجيد والمقبول، فبعد أن كانت مصرهى الأولى دون منافس في مجال السينما، في منطقة الشرق الأوسط وكانت تحمل لقب "هوليود الشرق"، أصبح هناك تراجع ملحوظ في الكم والكيف السينمائي، وبات ما يقدم على شاشات السينما، أفلام تجارية تغازل السوق العربي قبل المحلي، ويلهث صناعها وراء الكسب السريع والمضمون، دون تقديم محتوى يحسب لتاريخ السينما المصرية، وقد رصد موقع المصير هذه الظاهرة وحاور النقاد السينمائيين بها، واللذين بدورهم أكدوا على تراجع الوضع السينمائي ونوعية الأفلام المعروضه، ومغازلة شباك التذاكر السعودي والخليجي .

تجارب متواضعة

قال عبد الرازق في تصريحات خاصة لموقع "المصير" إن "السينما المصرية في تراجع بشكل عام، ولا أتذكر أني رأيت فيلمًا مصريًا علق في ذهني خلال العام الماضي، فكل الأفلام التي تم إنتاجها كانت متواضعة ولا تستحق كل هذا الاحتفاء، وفيلم "بيت الروبي" مثال على هذه الأفلام، فهو فيلم بسيط ولا يقدم أي جديد، ولا يستدعي كل هذه البروباجندا التي صاحبت عرضه.

وتابع عبد الرازق أن ما يحققه أي فيلم حاليًا من إيرادات مرتفعة لا يعكس الواقع، فهذا الارتفاع يرجع إلى ارتفاع أسعار التذاكر، فعندما يحقق فيلم إيرادات 70 مليون جنيه، فهذا يعني أن عدد مشاهديه لا يتعدى نصف مليون متفرج، وهذا رقم متواضع جدًا، هناك حالة من الإنكار لدى البعض، حيث يرفضون الاعتراف بارتفاع أسعار التذاكر، ويحاولون تصوير الأفلام التي حققت إيرادات مرتفعة على أنها نجاحات فنية كبيرة.

وأضاف عبد الرازق أن نجاح فيلم في شباك التذاكر لا يعني بالضرورة أنه فيلم جيد، فعندما كانت أسعار التذاكر 5 جنيهات، كان نجاح أي فيلم بإيرادات 100 مليون جنيه يُعد نجاحًا كبيرًا، أما الآن ومع ارتفاع أسعار التذاكر إلى 120 جنيه، فإن تحقيق نفس الإيرادات لا يُعد نجاحًا حقيقيًا، لأنه يعني أن الفيلم لم يجذب سوى عددًا محدودًا من المشاهدين.

وأكمل عبد الرازق أن السينما المصرية لم تنتج خلال العام الماضي أي فيلم لافت للنظر، حتى في مهرجان الجونة السينمائي، حيث كان الفيلم المصري الوحيد المشارك هو فيلم "ال شنب"، وهو فيلم تجاري متواضع لا يرتقي إلى مستوى المنافسة في المهرجانات الدولية، ويعد فيلم "19 ب" من أكثر تجارب المخرج أحمد عبدالله المتواضعة، وذلك بسبب زيادة ثقته في نفسه، ما أدى إلى تراجع مستوى أفلامه، حيث أصبح يعتقد أن كل ما يفعله إبداع، دون أن يبذل أي جهد لتحسين مستوى أعماله.

وتابع عبد الرازق: بشكل عام هناك تراجع، وكل الأمور مرتبطة ببعضها البعض، الوضع العام في مصر ليس أفضل شيء، والوضع الاقتصادي متردي، ومستوى التعليم والثقافة ضحل، فبالتالي السينما في تراجع، فالفنون في جانب من جوانبها إنعكاس لواقع المجتمع، ولأن السينما بها جزء كبير تجاري، فمستوى الأذواق والناس في الشارع ينعكس على مستوى الأفلام التي يقبلوا عليها.

واستكمل حديثه قائلاً: "ولأن المنظومة السينمائية المصرية مرتبطة ببعضها البعض، فهناك من يسعى وراء تحقيق إيرادات عالية في السعودية، ويبحث عن الأفلام التي تحقق ذلك هناك، فلا يجدون إلا أفلام بيومي فؤاد، فيصبح الاتجاه السائد في الإنتاج السينمائي المصري هو الاستعانة بيومي فؤاد في أي فيلم، حتى لو كان الفيلم لا يصلح له. وكأن بيومي فؤاد أصبح تميمة الحظ لشباك التذاكر السعودي. لقد عدنا مرة أخرى إلى الثمانينيات، عندما كنا ننتج أفلامًا تجارية رخيصة، ثم نرسلها إلى دول الخليج العربية. وهذا تراجع واضح للوراء، فالقائمين على العمل لا يهتمون بالجودة أو المحتوى، ويكتفون بتحقيق الإيرادات فقط. فهم يعلمون أن لديهم منظومة دعاية قوية، فإذا حققوا 50 مليون جنيه، فسوف يروجون لهذه الإيرادات على أنها دليل على نجاح العمل.

وقال عبد الرازق : للأسف الوضع سيصل إلى مرحلة أسوء، مما نحن عليه الآن إذا ظلت الأوضاع الأقتصادية في هذا التردي، والتضخم والأعباء الضريبية، والقيمة المضافة، على التذاكر والمنتج والفنان، والمنظومة بأكملها، سيقل الإنتاج المحترم، ويقل الأقبال على السينما، من من الأسر المصرية سيذهب للسينما، ويدفع 500 جنيه في خروجة واحدة؟، وبالتالي فالقرصنة ستزيد، فنحن نقدم مستوى رديء أمام منتج تنافسي يزيد كل يوم، سواء في قيمة وشكل الإنتاج، أو في الموضوعات، والنجوم اكتفوا بلم الكام مليون من السوق المحلي، على ملايين السعودية والخليج، وللأسف سيكتشف الجمهور العربي بسرعة ضعف الإنتاج المصري السينمائي والتلفزيوني، وأن يبدأ في بناء ذوق فني سليم، يرفض هذا المنتج السيئ. ففي الواقع، تتصدر الأفلام السعودية شباك التذاكر السعودي، وهي أفلام جيدة جدًا، ومستوى إنتاجها أعلى من الأفلام المصرية، مثل فيلم "مندوب الليل" الذي مازال يتصدر السينمات. ولن يستمر الجمهور العربي في مشاهدة أفلام بيومي فؤاد وعلى ربيع لفترة طويلة، لأن ذوقه الفني ينمو بسرعة، لأن لديهم أحتكاك مع الثقافات والإنتاج الغربي بشكل كبير، وللأسف سيظهر مردود كل ذلك، بعد فترة في الدعاية المضادة تجاهنا، في أننا لا ننتج شيء عليه القيمة ووقتها سنخسر كل الأسواق داخل وخارج مصر.

استهداف واضح للسوق السعودي

قال الناقد عصام زكريا في تصريحات خاصة لموقع المصير: إذا قيمنا الإنتاج السينمائي المصري من حيث الكم والكيف، فسنجد أن الكم مرضي، حيث وصل عدد الأفلام إلى 40 فيلمًا في عام 2023، مقارنة بـ 20 فيلمًا فقط في السنوات الماضية. وهناك استهداف واضح للسوق السعودي، حيث إن إيرادات الأفلام في السعودية تغطي تكاليف الإنتاج، ما أدى إلى زيادة عدد الأفلام المنتجة. فالجهات الإنتاجية تعلم أنه إذا عرض فيلم في السعودية لمدة أسبوعين فقط، فسيضمن تغطية جزء كبير من التكلفة. وللأسف، تنتج الأفلام وفقًا للطلب وحسب مواصفات الجمهور السعودي والخليجي، وغالبًا ما تحتوي على توليفة من بيومي فؤاد وعلي ربيع.

وأضاف الناقد عصام زكريا للأسف، الجودة الفنية للأفلام المصرية لم ترق إلى المستوى المطلوب. حتى المخرجين الذين كانوا يتميزون بإنتاج أفلام فنية، اتجهوا إلى إنتاج الأفلام التجارية، فلم يتواجد سوى فيلم أو اثنين من الأفلام الفنية الجيدة، ولم يستطيعوا الوصول إلى المستوى المطلوب، فالأفلام الفنية ذات الجودة العالية أصبحت محدودة، وتعتمد بشكل أساسي على دعم المهرجانات السينمائية. حتى المخرج محمد حفظي الذي كان من أبرز رواد إنتاج الأفلام الفنية، اتجه إلى إنتاج الأفلام في السعودية. أما المنتجون الآخرون والشباب، فهم في ورطة، لأن تكلفة إنتاج الأفلام في زيادة مستمرة، ولا يستطيعون إنتاج أفلام بمفردهم. والمشكلة تكمن في أن الجميع يفكر في الجري وراء الأفلام التي تحقق إيرادات عالية، دون التفكير في إنتاج أفلام ذات قيمة فنية.

وتابع زكريا تعاني صناعة السينما المصرية من عدم وجود حوافز أو صناديق دعم محلية، مما يجعل عملية الإنتاج باهظة الثمن. فمثلاً، أسعار الاستديوهات وتصاريح التصوير مرتفعة للغاية، ولا يوجد فرق بين الأفلام التجارية والأفلام المستقلة. كل هذه العقبات تجعل المنتجين خائفين من إنتاج أفلام ذات مخاطر تسويقية، لأن السوق يفضل الأفلام التجارية التقليدية.