رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

«المصير» تحاور خالد يوسف عن الفن والسياسة وغزة والمقاومة 1-2

المصير

الخميس, 11 يناير, 2024

08:53 م

إخراج فيلم لأسامة أنور عكاشة كان حلم والحرية غير كافية لخلق حالة سينمائية كبرى

من المدهش وجود مبدعين كبار كداوود عبد السيد وعلى بدرخان "قاعدين في البيت من غير شغل"

الملاحظة الوحيدة التي وصلتني عن فيلم الإسكندراني هي كلمة "تماً"

حجم ما قدمه العوضي في الدراما أقل من موهبته وأنا حريف في إخراج قدرات الممثل

دور العرض في الستينات أكثر مما هي عليه الآن وقصور الثقافة تستطيع هزيمة مشروع الإخوان دون صدام

من التخلف النظر للمرأة باعتبارها وعاء جنسي

لا توجد فضيحة في أن نقول ان هذا واقعنا ونريد تغييره

حاورته في الجزء الفني أميرة عاطف

قدم للسينما أفلاما تناولت الواقع بكل معانيه، بما يحمله من إيجابيات وسلبيات، أثارت أفلامه العديد من التساؤلات، وتسببت له في العديد من الانتقادات، غاص في قلب المشاكل التي تمس المواطن البسيط، والتي يتعرض لها المجتمع المصري، وطرحها على الشاشة الكبيرة بكل جرأة، عرف بأنه المخرج "المشاكس"، الذي يسعى دائما إلى الأصعب، تعرض للعديد من الأزمات، هو المبدع المهموم بالبحث عن طرح قضايا ومحاولة الوصول لحلها، أو حتى عرضها على الساحة أمام المسؤولين، أنه المخرج الكبير خالد يوسف الذي فتح قلبه لموقع "المصير"، وتحدث بكل صراحة عن أخر أعماله "الإسكندراني"، وتحدث أيضا عن همومه على المستوى الشخصي، والفني، والسياسي.

وإلى نص الحوار....

كان من الطبيعي أن نبدأ الحوار معه بسؤال لماذا اختار الرجوع للسينما بعد غياب خمس سنوات بقصة للكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة ؟

لسببين الأول هو حلمي بتقديم عمل من أعمال الراحل الكبير أسامة أنور عكاشة، ولم يحالفني الحظ لأني لست من جيله، وبعد أن توفى ظل الحلم يراودني، ولم أكن أعلم أنه ترك أعمال لم تنفذ، حتى جاء المنتج أحمد عفيفي برواية "الإسكندراني"، وطلب مني قرأتها وقال لي أنها قصة ممتعة وانه معجب بها، ويريد أن يقدمها في فيلم سينمائي، فقرأتها وعجبتي جدا.

أما السبب الثاني هى مدينة الإسكندرية نفسها، فهى لها مكانة كبيرة في نفسي، فهناك بعض الحقائق التي لا يعلمها الكثيرون عن الإسكندرية، فمثلا إذا رجعنا إلى حجم الأغنية الوطنية في تاريخنا، سنجد ان الأغاني التي قدمت عن الإسكندرية أكثر من مثيلتها بالنسبة لمصر كلها، وهذا اكتشفته عندما بحثت عن أغاني عن الإسكندرية للاستعانة بتيمات منها داخل الفيلم، وعندما قمت بعمل حصر عن القوة الناعمة في مصر على مدار المئة عام الماضية في مصر، وجدت أن أكثر من 50% منهم من الإسكندرية، وقمم مثل قمة الفن التشكيلي مجسدة في محمود سعيد، قمة الإخراج يوسف شاهين، البطل العالمي عمر الشريف، قمة المزيكا سيد درويش، وغيرهم الكثيرون، ولذلك فهى تحمل خصوصية ومدينة تحمل عراقة في إسهامها الفني والأدبي .

معروف عن الراحل أسامة أنور عكاشة أنه يتمتع بطول السيناريو الذي يصل في بعض الأحيان إلى 200 صفحة هل قابلت هذه المشكلة في الإسكندراني وكيف تغلبت عليها ؟

نعم فهو مكتوب في 180 صفحة، ومن الواضح أنها ليست النسخة الأخيرة التي كان من المفترض أن تخرج للنور كمنتج فني، لأني وجدت أنه كاتب بعض الملاحظات داخل السيناريو، والصفحة في السينما تساوي دقيقة وكام ثانية، وإذا تحدثنا عن فيلم ساعتان إذن فنحن نحتاج إلى 100 صفحة، فاضررت لتجنيب مئة صفحة، حتى ان نسرين عكاشة إبنة الراحل أسامة انور عكاشة سألتني كيف استطعت أن تفعل ذلك في وقت قليل؟.. فقلت لها انني احتفظت ببعض الملاحظات واللمحات الحلوة، الموجودين يالمئة صفحة المحذوفة، واشتغلت على الـ80 صفحة أعدت بنائهم، وحددت النواقص بداخلهم من ناحية الدراما مثل تواجد البطل في إيطاليا.

شاهدنا الفيلم وشعرنا أن الإيقاع سريع وأننا نجري وراء الأحداث هل كان هذا بسبب طول السيناريو الأصلي؟

لا ليس بسبب السيناريو، ولكن هذه هى طبيعة أفلامي، إيقاعها فعلا لاهث، والمشهد" يلضم" في المشهد الذي يليه، وهذه طريقة اعتمدها، حتى يتابع المشاهد الفيلم بأكمله، وحتى لا يقرر الخروج منه إذا لم ينال إعجابه، وبالتالي أكون نجحت في أن يكمل مشاهدته بالكامل فأنا اقصد الإيقاع السريع المتتابع .

ذهبت أنت وأبطال الفيلم إلى الإسكندرية ماذا كان رد فعل الجمهور خاصة أنه جمهور ذواق للفن ؟

هو ليس جمهور ذواق للفن فقط، بل هو جمهور لديه تعصب لانتمائه السكندري، ودخل الفيلم وهو متحفز هل يجد نفسه و"عيشته، ولهجته، ولبسه أم لا"

ولكن الحمد لله لم يأتي لي أي ملاحظات إلا كلمة واحدة علق عليها الصديق النائب السابق محمد البدرشيني وهى كلمة "تما"، حيث قال لي أن أصلها صعيدي، وأن الصعايدة هم من ادخلوها عندما بنوا الإسكندرية قديما، فقلت له أن الكلمة امتزجت بالإسكندرية منذ القدم عندما اندمج الصعيدي وأصبح إسكندراني مثل اليوناني فقال لي " كدا ماشي" ، والباقي كله نال اعجابهم حتى تصوير إسكندرية.

هل فعلا أحمد العوضي لم يكن هو ترشيحك الأول للفيلم ؟؟

فكرت كثيرا وأنا في مرحلة الكتابة، ولم أبدا في الكلام مع الفنانين إلا عندما اختمرت الفكرة، ففي البداية كان هناك إقترحات من الإنتاج، ومني ولكن في الكتابة الأخيرة، كنت قد رأيت أحمد العوضي الأنسب.

كان هناك تعليق من الجمهور أثناء مشاهدة الفيلم ان بيومي فؤاد شارك أحمد العوضي البطولة لانك أظهرته بصورة مختلفة تماما عن كل أدواره السابقة ما تعليقك على هذا ؟؟

في الحقيقة أن العوضي هو البطل الأول، لكن كل النجوم أظهروا تفوق في كل أدوارهم باختلاف أحجامها، زينة، حسين فهمي، محمود حافظ الذي يظهر بشكل مختلف أيضا، ولكن الملحوظة ان العوضي وبيومي كانوا في ماتش تمثيل وهذا طبيعي، لان الصراع الأساسي في الفيلم بين الأب وابنه، ثانيا لان بيومي يقدم بشكل مختلف للمرة الأولى، وأول مرة يمثل تراجيدي دون ضحك وإفهات، فطبيعي ان الناس تنبهر ببيومي في الفيلم، كما انبهرت بالعوضي.

لماذا راهنت على أحمد العوضي خاصة أنها المرة الأولى له كبطولة سينمائية مطلقة ؟؟

هذه ليست المرة الأولى التي أقدم فيها نجم للسينما للمرة الأولى، ولم أقدم في حياتي للسينما شخص لا يملك الموهبة، وأنا رأيت في العوضي أنه موهوب، وقد شاهدته في المسلسلات ووجدت أن حجم ما قدمه، لا يتناسب مع حجم موهبته، وأدعي انني حريف في إظهار كل إمكانيات الفنان التمثيلية، واستنفار كل طاقته، فراهنت على إخراج الممثل الكبير الموجود بداخله، كما راهنت على بنيته الجسمانية وإتقانه لأعمال مشاهد الأكشن.

ما الذي تغير في خالد يوسف عندما عاد للوقوف أمام الكاميرا بعد غياب 5 سنوات ؟

"ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال"، وفي عصر ثورة الاتصالات وعصر السرعة التي نعيشه، الواقع يتغير بشكل سريع، وان لم يجد هذا الواقع تماشي مني ومحاولة، لإستدراك هذه الحداثة، والواقع الجديد بأدواته لاصبحت موضه قديمه، وأزعم أنني اتماشى مع الحداثة، وأحاول أن أواكب كل ما حدث من متغيرات في الكاميرا، وفنون الصورة والصوت.

هل ترى أن الهوية المصرية اختلفت بعد كل ما مر به المواطن المصري من أحداث خلال الـ 10 سنوات الماضية ؟

فيلم الإسكندراني كان مكتوب عن فترة السبعينيات، والانفتاح الذي حدث وقتها، وفكرة أزمة الهوية، وإختلاف الشخصية المصرية، وهل الرياح الآتيه بالانفتاح الاستهلاكي والقيم الاستهلاكية، ستغير منظومة القيم الانسانية والأخلاقية أم لا ؟ وأنا أعتقد أن ما حدث منذ السبعينيات وحتى الأن، هو تكريث وإمتداد لهذه الحكاية، ولم يتغير شيء فالفقراء زادت نسبتهم عن الأول، والفوارق الطبقية بين الأغنياء والفقراء زادت، ومنظومة القيم الدخيلة على المجتمع المصري، زادت ولم تقل، ولم أجد غرابة فالطرح الذي طرحه اسامة متصل وموجود، حتى هذه اللحظة التي نعيشها،ومناقشة فكرة الهوية من هذا المنظور ملائمة جدا .

لماذ يقال عنك دائما أنك مخرج مشاكس ومثير للجدل ؟

أي فنان لابد أن يكون " مشاكس" لان الابداع، هو الحلم بواقع أكثر جمالا وتحضرا وتألقا، وبالتالي لابد أن اتصادم مع الواقع حتى ولو كان جميلا، والتصادم هنا ليس مع السلطة، ولكن مع منظومة القيم السائدة في المجتمع، لإنه كما مطلوب أن نؤكد أن بها أشياء جميلة في منتهى الأصالة والتحضر، لابد أن نقول ان بها أشياء في منتهى التخلف، ولكي لا يفسر كلامي خطأ، هل الثأر الذي هو جزء من مورثنا، لا يعد تخلفا؟ونظرة المجتمع للمرأة على أنها وعاء جنسي اليس تخلفا؟ ، أو أن مقياس الشرف الذي يتحدد بجسد المرأة ولا شيء غيره.

ولو هناك على الأرض إنجاز ما موجود، فهناك حلم بانجاز شيء أكبر وأجمل تحلم به، وإلا لن تتقدم الدنيا، ولو سلمنا جميعا بأننا نعيش في مجتمع مثالي، وليس في الأمكان أكثر مما كان، هل سيصبح المجتمع أجمل ام سيظل كما هو؟ سيظل كما هو حتى يأتي من يقول لا، فأنا أحلم بالأجمل، فالناس التي تمردت على منظومتة مجتمع، مثل قاسم أمين حين تمرد على سجن المرأة في الجهل والتخلف، وعدم المشاركة في التنمية، ألم تكن وقتها أفكار راسخة في قيم المجتمع، وإذا لم يخرج هذا الرجل ويتمرد، لما كنت أنت وغيرك من النساء، في مثل هذه الأوضاع المهنية والثقافية وغيرها، ولذلك فأنا لست مشاكسا، ولكني أفهم جيدامهنة الأبداع ومهمة المبدع في تغير واقعه لواقع أفضل وأكثر جمالا، ويجوز ان الكلام عن جماليات المجتمع مهمة السلطة أو الوزارات، أما انا فلابد ان اتصادم مع الأخطاء لكي أحاول إصلاحها .

ولكن هناك اتهام أنك دائما ما تركز على سلبيات المجتمع وهذا يظهر مصر بصورة سيئة وعشوائية ؟

هذا الاتهام أصبح سخيفا، خاصة في العصر الذي نعيشه حاليا، في ظل وسائل التواصل الاجتماعي، والسوشيال ميديا، التي تنقل كل ما يحدث في أقل من ثانية، حتى لو في ابعد نقطة في العالم، فما يحدث في حارة في أمريكا نشاهده ونحن جالسين في منازلنا، ففكرة أن المصرين أو الناس عموما لا يعرفون كيف نعيش؟ أو عندنا نسبة فقر كام أو هل لدينا عشوئيات أم لا؟ فكرة ساكنة في عقول الناس الذين يريدون حبس أنفسهم فيها، العالم "كله شيفنا زي ما احنا شيفينه"، وبالتالي لا توجد فضائح لو قلنا ان هذا واقعنا ونريد تغييره، وطول ما احنا ساكتين على مشكلنا لن تحل، ولكن إذا خرجت للنور هناك إمكانية أن تحل أو لا، فلابد من المناقشة لكي نصل للحل.

كان لك تصريح قلت فيه ان دور الدولة غائب في دعم الثقافة والفن والسينما والدراما ماذا كنت تقصد ؟

أقصد انه عندما نعلم أن دور العرض مثلا في الستينيات، عندما كنا 25 مليون نسمة، أكثر من دور العرض حاليا ونحن 100 مليون نسمة، إذن فهناك تقصر، فالعظيم أسامة أنور عكاشة، الذي انشئ قصور ثقافة في كل مركز من مراكز مصر، والتي تصل إلى 4000 مركز، لا أحد يستخدمها في وقتنا الحالي، وهى التي تستطيع أن تفعل حالة تنورية كبرى، تهزم مشروع الأخوان دون ان نضطر إلى الدخول في معترك، لان انتشار الثقافة والفنون، يهزم كل الأفكار الظلامية، ففي كل البلاد يسعون إلى دعم القوى الناعمة، ففي فرنسا مثلا وهى بلد متقدم، نجدها تأخذ الفيلم الأمريكي ولا ترفضه أو تقننه، ولكنها تضع ضريبة خاصة من وراءه، لدعم صندوق السينما الفرنسية، وغيرها من الحلول مع رجال الأعمال، في تخفيض ضرائبهم مقابل إنتاجهم لاي عمل ثقافي، وصناع الدراما وهكذا، فلو مصر نفذت ربع ما أقوله ستصبح في مكان أخر.

ونحن في 2024 هل مازالت الرقابة تمثل قيد كبير على الابداع والمبدعين ؟

بكل تأكيد الرقابة قيد على الابداع، في كل زمان ومكان، وكلما زادت مساحات الحرية في أي بلد، ذادت وانتعشت الفنون والأداب، فهى معادلة علمية وليست فكرية، فأي دولة بها سقف حرية عالي سيخرج منها فن أفضل،حتى لو كان هناك شطط في بعض الأحيان ،لكن في النهاية سنجد هناك إبداعات حقيقة ومحترمة، خارج الصندوق وتخترق المستقبل، وكل شيء له ضريبة وثمن ، ولابد ان نستوعب ونقوم الشطط، حتى لا يظل الموضوع مغلق، بالضبط مثل فكرة التحول الديمقراطي، التي نتخوف منها ولانمارسها لان الفرد غير جاهز وسيظل غير جاهز طالما لم يمارسها ويخفق وينجح، أو بالتجربة والخطأ، كإنجلترا التي وصلت للديمقراطية، والتقاليد البرلمانية الراسخة بالتجربة والخطأ ، ولا يعنى أستخدام الحرية بطريقة خطأ، المصادرة عليها، فالحرية أعلى حقائق الوجود قداسة بعد حقيقة وجود الله .

بوجه عام كيف ترى حال السينما في الفترة الماضية وهل هناك أفلام نستطيع ان نقول عنها أنها ذات قيمة فنية كبيرة ؟

للأسف الأفلام الجيدة إستثناءات لان المناخ غير صحي، لافراز حالة سينمائية كبرى، فلا توجد حرية كافية ، وكثير من مبدعينا لا يعملون ، مثل داود عبد السيد، على بدرخان، فلدينا قامات كبرى لا يجب إهدارها،فما تميز مصر في العالم؟ والسبعة آلاف عام الذين نتحدث عنهم دائما، ما هم إلا تميزنا في الفن والهندسة والحضارة، هل قدمنا منجز علمي للبشرية ؟، فالعالم يحترمنا بما قدمناه من فن، وهذاهو تأثيرنا وقوتنا، ولابد ان نركز فيما نجحنا به .

غدا في الجزء الثاني

الانفتاح في السعودية "خير" سيخرج لنا مبدعين بدلا من بن لادن

الحملة على بيومي فؤاد مبالغ فيها واللي شتمه عمل كده علشان ضامن أنه مش هيتحبس

لو ساءت الأمور أكثر مما نحن فيه فلن أندم على عهد مبارك فهو السبب في كل ما وصلنا اليه

اضفاء أي طابع ديني على القضية الفسلطينية يجعلنا نخسرها

فلسطين لن تتحرر إلا بالدم والذين يهاجمون المقاومة يقلبون الحقائق

تعامل حماس مع الأسرى الإسرائيليين ليس فيه جديد

دفعت أثمانا باهظة لمواقفي السياسية ولكني لست نادمًا على التجربة