رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية لـ ”المصير”: وثيقة توجهات الدولة للاقتصاد طموحة لكنها لا تخلو من المغالاة.. وتحقيقها يتطلب جهد حقيقي

المصير

الخميس, 11 يناير, 2024

12:36 م

كتبت: رؤى حسنين

بنظرة متعمقة وتحليل متأني استقبل خبراء الاقتصاد وثيقة أبرز التوجهاتِ الاستراتيجيةِ للاقتصادِ المصري للفترةِ الرئاسيةِ الجديدة (2024-2030)"، حيث أكدوا أن الوثيقة الطموحة للغاية يمكن أن تحدث طفرة غير مسبوقة في الاقتصاد المصري حال نجاح الدولة فعليا في تحقيقها، وتوفير الادوات واتباع النهج السليم والمناسب للوصول إليها.

ووثيقة أبرز التوجهات الاستراتيجية الاقتصادية للسنوات الـ ٦ مقبلة ، أعدها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، وقام بإعدادها ٤٠٠ مختص في ١٩ قطاع ، وتهدف إلى تحديد أهداف الدولة واولوياتها خلال فترة الولاية الرئاسية الجديدة للرئيس عبد الفتاح السيسي.

ومن أبرز الأهداف التي تضمنتها الوثيقة لتحقيقها خلال السنوات الست المقبلة: الوصول لرقم أحادي أقل من ١٠٪؜ في معدل التضخم ، وزيادة معدل النمو ليترواح ما بين ٦ و ٨ % ، وأن يدور السعر الرسمي للدولار في فلك ٣٦ جنيها، وأن تصل الصادرات إلى ١٤٥ مليار دولار، ، وزيادة عائدات قناة السويس إلى ٢٦ مليار دولار، وأن توفر مليون فرصة عمل مقابل ١٠٠ الف حاليا ، ونمو عائدات السياحة ليصل الي ٤٥ مليار دولار بزياده ٢٠٪؜ سنويا، و زيادة الرقعة الزراعية لتصل إلى ١٢ مليون فدان، وزياده الانفاق علي التعليم ليصل الي ١،٨ مليار جنيه مصري في عام ٢٠٣٠، وزياده قيمه دعم منظومة التموين ليصل ١٢٧ مليار جنيه ويشمل ١٠٠ سلعة، و زياده الوحدات السكنية من خلال بناء ٦٧٢ ألف وحده سكنية، وزيادة عدد الجامعات من خلال تجهيز ١٦ جامعه أهلية، وزيادة الإنفاق علي برامج وشبكه الحماية الاجتماعية بنسبة ٢٣٪؜، وأن يرتفع نسبة الاعتماد علي الطاقة النظيفة بنسبة ٧٥٪؜ من إجمالي حجم الاستثمارات، وزيادة مساهمة قطاع التعدين ليصل إلى ٥٪؜ من حجم الناتج المحلي الإجمالي، ونمو تحويلات العاملين بالخارج لتصل إلى ٥٣ مليار دولار سنويا، وإطلاق أول عملة رقمي مصرية.

وبعد قراءة متأنية للوثيقة ، قال الدكتور عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية ، في تصريحات خاصة لـ "المصير" ، إن الوثيقة طموحة للغاية وأن تحقيقها سيكون إنجاز حقيقي يحسب للرئيس عبد الفتاح السيسي، وستسهم بشكل فعال في تحقيق النمو والتنمية المستدامة، وذلك بالطبع أمر جيد جدا ، إلا أن بعض أهدافها جاءت صعبة ومغالى فيها بشكل واضح، فيما جاءت أهداف أخرى كاهداف منطقية بل ومن الضروري الوصول إليها خلال تلك الفترة كتطور طبيعي للنمو الاقتصادي .

وقال إن الوثيقة ترسمُ وتحدد أولويات التحرك على صعيد السياسات بالنسبة للاقتصادِ المصريِّ حتى عام 2030 سواءً فيما يتعلقُ بتوجهاتِ الاقتصاد الكلي، أو التوجهات على مستوى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الداعمة لنهضة الدولة المصرية، والهدف من هذه الدراسة وضع الخطه والاهداف التي تسعي لها الحكومة لتحقيقها خلال الـ ٦ سنوات المقبلة.

وأضاف السيد أن الوثيقة مستمدة بشكل كبير من رؤية مصر ٢٠٣٠، وهي موضوعة من قبل المختصين بحيث ترسم الخطوط العريضة لكيفية تحقيق هذه الأهداف بصورة عامة دون الدخول في التفاصيل، ولكن من اللازم وضع آليات التنفيذ ومحاولة توفير الأدوات اللازمة لتحقيق هذه الاهداف .

وقال مدير مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، إنه بالنسبة لمستهدف زيادة الوحدات السكنية من خلال بناء ٦٧٢ ألف وحدة سكنية بحلول عام ٢٠٣٠ ، فهو بالطبع مستهدف جيد جدا، ولكن في الحقيقة لا يتناسب هذا الرقم المستهدف مع الزيادة السكانية التي تصل إلى حدود ٢٪؜ سنويا، إضافة إلى وجود احتياج لعدد ٥٠٠ ألف وحده سكنيه سنويا ، ويقوم القطاع الخاص ببناء في حدود ١٥٠ ألف وحدة سكنية سنويا، وبالتالي ستظل هناك فجوه في حجم الوحدات السكنية المطلوبة خاصة بالنسبة لمحدودي و متوسطي الدخل.

أما بالنسبة لزيادة معدل النمو الاقتصادي ليتراوح من ٦٪؜ إلى ٨٪؜ ، فقا أن ذلك هدف معقول ويمكن تحقيقه، ولكن لابد من تحديد قطاعات النمو المستهدفة ، وتشجيع الإنتاج وتذليل العقبات امامها.

وأضاف السيد أن استهداف الحكومة زيادة الصادرات الإجمالية لتصل الي ١٤٥ مليار دولار سنويا ، وكذلك توفير مايترواح بين ٦ إلى ٧ مليون فرصة عمل، فإن ذلك يحتاج جهد كبير واتباع عدة خطوات، أهمها توطين التكنولوجيا الصناعية ، وزيادة الإنتاج الصناعي، وفتح أسواق عالمية جديدة، وحسن الاستفادة من الانضمام لتحالف البريكس، لافتا إلى أن قيمة الصادرات بلغت عام ٢٠٢٢ نحو ٥٢.٨ مليار دولار بزيادة ١٩.٦ % ، ومن المرجح أن تصل حصيلة العام المنقضي ٢٠٢٣ الى نحو ٥٦ مليار دولار، وهي زيادة ضئيلة.

وحول رفع مساهمة قناة السويس في الناتج الإجمالي، ليصل حجم إيراداتها لتصل إلى ٢٦ مليار دولار بحلول عام ٢٠٣٠، مقابل نحو ٩.٤ مليار للدولار للعام المالي الماضي، لزيادة مساهمة عائداتها إلى ما يتراوح بين %5 إلى %7 من الناتج المحلي إجمالي عام 2030، فأكد السيد ان ذلك مستهدف مطلوب للغاية ، للوصول إلى أقصى استفادة من قناة السويس وتحقيق للمرجو منها، خاصة وان ذلك أمر ممكن وليس مستبعد.

وأكد أن باقي مستهدفات الحكومة في قناة السويس، جيدة وطموحة جدا، وسيكون من الرائع تحقيقها لما تمثله قناة السويس من اهمية كبيرة في الاقتصاد المحلي، حيث تستهدف الحكومه تفعيل وتعظيم الدور الاقتصادي لقناة السويس من خلال زيادة استثمارات قناة السويس إلى 88.1 مليار دولار خلال الفترة 2024-2030 ، وكذلك اسـتهداف زيـادة إجمالـي السـفن العابـرة لقنـاة السـويس إلـى نحـو 190.7 ألـف سـفينة بحمولـة نحـو 13.4 مليـار طـن خلال الفتـرة (2024-2030)، واستهداف 5.4 تريليـون جنيـه إيـرادات مـن اسـتثمارات القطاعـات الصناعيـة المتضمنـة في المنطقـة الاقتصاديـة لقنـاة السـويس بحلـول عـام 2030، بجانب تحويل قناة السويس إلى مركز إقليمي للطاقة الخضراء بحلول 2030، وإنشـاء مناطـق اقتصاديـة منافسـة إقليميـا (خدمـات بحريـة، لوجسـتيات، اتصـالات وتكنولوجيـا المعلومـات، تقنيـات ماليـة، وتجـارة الترانزيـت)، مع استهداف الوصـول إلـى مليـون فرصـة عمـل بحلـول 2030، وهي حاليا ١٠٠ ألف فرصة عمل.

وبالنسبة لمستهدف زيادة ونمو تحويلات العاملين بالخارج لتصل إلى ٥٣ مليار دولار سنويا بحلول عام ٢٠٣٠،

فرأى السيد أن ذلك الرقم من السهل تحقيقه، وذلك في ظل زيادة العاملين المصريين بالخارج ليصل إلى ١٤،٥ مليون مصري، غير أن ذلك يتطلب أيضاً احكام ضبط سوق الصرف والقضاء علي السوق السوداء وتقليل الفجوه التمويلية، وهي المشكلة الجارية حاليا وتفسر ظاهرة انخفاض معدل تحويلات العاملين المصريين بالخارج بنسبة ٢٩.٦٪؜.

وحول بند الاهتمام بالثروة التعدينية في مصر وزياده استغلال الثروات التعدينية من خلال زياده المناجم والمحاجر وزيادة مساهمة قطاع التعدين ليصل إلى ٥٪؜ من حجم الناتج المحلي الإجمالي ، قال السيد إن ذلك الهدف طموح جدا ، وذلك لان مساهمة هذا القطاع حاليا في حجم الناتج المحلي الإجمالي لاتزيد عن ١٪؜ ، لذلك يمكن وصف هذا الهدف بالمهم للغاية إن نجحت الدولة في تحقيقه.

وأضاف السيد أنه بالنسبة للاستثمارات وتمكين القطاع الخاص، فحدد التقرير مجموعة من الأهداف وهي زيادة الاستثمارات العامة الخضراء الصديقة للبيئة والتي تعتمد علي الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الهيدروجين الأخضر بنسبة ٧٥٪؜ من إجمالي حجم الاستثمارات، إلا أن هذه النسبة صعب الوصول إليها خلال الـ ٦ سنوات، خاصة وان حجم الاستثمارات القائمة حاليا التي تعتمد علي الطاقة النظيفة أقل من ١٠٪؜، كما أن الوصول لهذه النسبة يحتاج إلى تضافر الجهود، والتنسيق بين الوزارات بمستوي عالي، وتمكين القطاع الخاص بشكل سريع لقدرته لإنشاء المصانع والمشروعات التي تعتمد علي الطاقة النظيفة، وايضا مشروعات انتاج الطاقة النظيفة سواء كانت مشروعات الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية وطاقه الرياح .

وأشار إلى أن ذلك يمكن تحقيقه عن طريق تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجال التعدين ، من خلال جذب كبرى شركات التعدين العالمية، كذلك تعد المنطقة الاقتصادية الخاصة للمثلث الذهبي هدف للتطوير حيث تتضمن مشروعات تعدين وقيمة مضافة، خاصة أن هذه المنطقة تعد من أغنى المناطق في مصر من حيث المعادن مثل الحديد، النحاس، الذهب، الفضة، الجرانيت، الفوسفات وهى تمثل حوالى 75% من الموارد المعدنية للدولة.

ومن الأهداف التي تم الحديث عنها بالوثيقة ايضا قيام البنك المركزي المصري ، إطلاق أول عملة رقمي مصرية ، فأوضح أن هذا يتطلب جهود الدولة لتعزيز التحول الرقمي في الاقتصاد، ومشير إلى أنه يمكن للجنيه الرقمي أن يقدم فوائد عديدة مثل زيادة الكفاءة في التحويلات المالية، وتحسين الشمول المالي، وتعزيز مراقبة السلطات المالية، ويجري العديد من البنوك المركزية حول العالم تجارب ودراسات حول إمكانية وجدوى إصدار CBDCs، ومع أن بعض الدول قد أطلقت بالفعل نسخًا من العملات الرقمية الوطنية، إلا أن حجم التطبيقات والاستخدامات تختلف من بلد إلي آخر.

وجاء الهدف التالي للحكومة خلال الـ٦ سنوات القادمة وهو توجيه ٢٥٪؜ من التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك وجهات التمويل الي تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فقال السيد إن ذلك التوجه جيد ومطلوب لدعم الصناعة، ومن الممكن تحقيقه، لخدمة المشروعات الصناعية والقيام بالدور الأصيل للبنوك في تمويل المشروعات الاقتصادية.