رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

خبراء لـ”المصير”: الإصرار على التوسع الإقتصادي والإقتراض لتمويله رغم الأزمات.. أكبر أخطاء حكومة ”مدبولي”

المصير

السبت, 6 يناير, 2024

01:28 م

كتبت: رؤى حسنين

قال خبراء اقتصاد أن حكومة الدكتور مصطفى مدبولي ، رغم نجاحها في كثير من القطاعات، ورغم تحملها كثير من المصاعب إزاء ما عاصرته ولازالت من أزمات عالمية تلقي بظلالها من تداعيات خطيرة على الاقتصاد المصري، ونجحها في تجاوز بعض هذه التداعيات، إلا أن اصرارها على استكمال برنامج الاصلاح الاقتصادي التوسعي وتصميمها على تحقيق معدلات نمو مرتفعة، اضطرت على اثره للاقتراض من الخارج، يعد أكبر اخطاءها.

وأوضح الخبراء أن الأزمات الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد المصري من ارتفاع نسب التضخم لنسب غير مسبوقة، قاربت 40% ، والقفزات التاريخية لسعر صرف العملة الاجنبية بوجه عام، والدولار الأمريكي على وجه الخصوص، والذي تضاعفت قيمته امام الجنيه بنسبة 100% رسميا ليسجل 30.90 جنيها، قياسا من سعره قبل التعويم الثاني في مارس 2022 ،والذي كان يقدر بـ 15.80 جنيها، وباكثر من 270% بالسوق السوداء ليلامس حدودو 55 جنيها، كذلك التراجع القياسي لقيمة العملة المحلية الجنيه، والارتفاعات الجنونية للسلع كافة ، وعدم توفر بعض السلع، كلها ما هي إلا أعراض لمراض أخطر تتطلب العلاج الجذري العاجل، مؤكدين أن سوء ترتيب الاولويات الاقتصادية يعد من أكبر المشكلات التي أدت لذلك.

وأضافوا أن محاولات الحكومة لتخفيف الضغط عن الدولار بأدوات جديدة ومبتكرة، والمساعي لزيادة السيولة الدولارية، توجهات جيدة، لكنها لاتغني عن إيجاد حلول جذرية تتمثل في زيادة الانتاج المحلي وتشجيع الصادرات والسياحة وجذب الاستثمار الأجنبي والعمل على تقوية قيمة العملة المحلية.

وقال الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادي ، أن حكومة الدكتور مصطفى مدبولي أبلت بلاء حسنا في العديد من القطاعات، ونجحت في مواجهة كثير من المصاعب خلال فترة توليها والتي شهدت أزمات عالمية ومحلية غير مسبوقة، وهو بالتأكيد يحسب لها ويضاف إلى رصيدها، ألا أنها في الوقت نفسه لم تخلو إدارتها للبلاد من الأخطاء، حيث يعد الخطأ الأكبر الذي ارتكبته الحكومة هو الاصرار وبشدة على مواصلة منهج التوسع الاقتصادي ، والتصميم على رفع معدل النمو الاقتصادي ، في وقت تعاني فيه الدولة من ضعف شديد، وهو ما دفعها لمواصلة الاقتراض من الخارج وتحديدا صندوق النقد الدولي وما تبعه من تداعيات كانت شديدة السلبية.

وقال جاب الله في تصريح خاص لـ "المصير" أن حكومة الدكتور مصطفى مدبولي تمكنت من استكمال ما بدأته حكومة الدكتور شريف إسماعيل من مساعي نحو تحقيق رؤية مصر 2030 الطموحة التوسعية، بشكل جيد جدا، إلا أنها صادفت الكثير من الأزمات التي عرقلت انطلاقها نحو النمو، أولها تداعيات جائحة كورونا، وثانيا الحرب الروسية الاوكرانية، وأخيرا ما تواجهه حاليا من آثار خطيرة ناتجة عن الحرب الاسرائيلية على غزة.

وأوضح أن المشكلات الاقتصادية الشديدة التي يشهدها الاقتصاد المصري حاليا من ارتفاع نسب التضخم واشتعال سعر صرف العملة الأجنبية وتراجع قيمة الجنيه، وعدم توافر بعض السلع وارتفاع أسعارها ، كلها ما هي إلا أعراض لمرض أخطر، والذي يتمثل في الإصرار على مواصلة برنامج الاصلاح الاقتصادي التوسعي الذي عاودت الحكومة استكماله مطلع 2021، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، حيث أصر الحكومة على تحقيق معدلات نمو مرتفعة، ما جعلها تسحب كثير من الفائض الأولى الذي حققته الموازنة العامة، وهو أيضاً الذي دفعها لزيادة اعتمادها على التمويل الخارجي والاقتراض من الخارج بكل تداعياته والتي أكثرها سلبية.

وأضاف أن إصرار الحكومة على تنفيذ خططتها التوسعية جاءت في الوقت الذي اتجهت فيه كبرى اقتصادات العالم كالصين والولايات المتحدة الأمريكية إلى تقليل مستهدفاتها من النمو هذه المرحلة، وذلك لمساعدة نفسها على اكتمال التعافي الاقتصادي من الأضرار التي خلفتها جائحة كورونا ، وتعي في الوقت نفسه بالتحديات والآثار السلبية التي ستتسبب فيها الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي كله، ما يستدعي ضرورة أخذ ذلك في الحسبان عند تحديد الاولويات الاقتصادية.

وتابع: أن الأزمات الاقتصادية التي ظهرت على السطح منذ ذلك الحين، كانت كاشفة ومؤكدة لخطأ ترتيب الأولويات حيث أكدت ان الحكومة لم تكن مستندة بشكل جيد على أرصدة من القوة الاقتصادية تقيها من الصدمات التي تلاطمها من وقت لاخر الاشهر الأخيرة بفعل الأزمات الاقتصادية العالمية، ولم تكن مستعدة من الأساس لمزيد من الأزمات تلقيها عليها الصراعات الدولية، حيث ضربت العالم كله مشكلات في توفير الطاقة والغذاء وارتفاع التضخم وارتفاع سعر صرف الدولار، الا أن انعكاس هذه المشكلات على مصر كان أشد وأعمق.

وأشار جاب الله إلى أنه نتيجة لاستمرار الحكومة في تفعيل مخططها لنمو مرتفع واضطرارها للاقتراض لتمويله، ارتفعت مخصصات خدمة الدين، وظهرت أزمة شح الدولار، وخرجت نحو 30 مليار دولار استثمارات اجنبية كانت تستثمر في الدين الحكومي واتجهت صوب الولايات المتحدة بعد رفعها لسعر الفائدة، كما خلقت كثير من المشكلات يعاني منها الاقتصاد المصري على المدى القصير.

وقال أن تعاملات الحكومة مع ملف العملة الصعبة، تضمن كثير من الاجراءات بعضها نجح وبعض لم يلقى النجاح المطلوب، إلا أنه ملاحظ أن جميعها ركز على كيفية زيادة السيولة الدولارية وزيادة موارد الدولار وهو هدف جيد بالتأكيد، إلا أنه لابد ايضا الاهتمام بكيفية تقوية قيمة العملة المحلية وهو الملف الاهم والاصعب، ويعتمد اساسا على قوة الانتاج المحلي.

وأكد أن الاقتصاد المصري قادر على تحقيق أهدافه، ولديه من الموارد والقدرات والامكانيات التي تجعله يصل الى اهداف التنمية الاقتصادية التي يحلم بها كل مواطن، ولكن لابد من حسن إدارته والاستغلال الامثل لموارده، وتطبيق صحيح لاولوياته وفقا لمتطلبات المرحلة وما ينعكس عليه من تداعيات متغييرات الاقتصاد العالم، وهو ما يجب على الحكومة المقبلة استيعابه وتداركه لتجاوز اخطاء السنوات الماضية ، وايجاد علاج جذري للمشكلات القائمة والمضي نحو تحقيق النمو والتنمية المستهدفة بآمان وسلاسة.

فيما قال الدكتور هاني توفيق الخبير الاقتصادي ، إن ادوات تخفيف الضغط عن الدولار التي بدأت تنتهجها الحكومة مثل مبادلة العملات المحلية مع بعض الدول مثل الامارات وتركيا، والانضمام للبريكس ومبادلة العملات المحلية مع أعضائها، ومبادلة الديون مع الصين بمشروعات تنموية، وبرنامج الطروحات الحكومية أمام المستثمرين، جيدة بلاشك، وستحقق بالفعل قدر من تخفيف الطلب على الدولار، إلا أنها ليس الحل الامثل لعلاج ازمة اشتعال سعر العملة الأجنبية وتراجع قيمة العملة المحلية.

وقال توفيق لـ " المصير" انه الحل الامثل والبديهي لعلاج أزمة العملة ، وغالبية المشكلات الاقتصادية ، هو زيادة الانتاج المحلي، وزيادة الصادرات وتحقيق طفرات كبيرة بها تعبر عن قدرتها الحقيقة، خاصة وأن لدينا صناعات تصديرية قوية وواعدة، وأن يتم تشجيع وتحفيز السياحة وحذو حذو الدول المستقطبة للسياحة في العالم، رغم أنها لا تتمتع بكل ما تتمتع به مصر من معالم ومزارات توفر متطلبات جميع انواع السياحة، من أثرية بأنواعها وشاطئية وعلاجيه وتسويقية، ذلك الى جانب أهمية تشجيع الاستثمار الاجنبي وتحفيزه لتفضيل مصر كوجهة للاستثمار خاصة في ظل المنافسة الشديدة مع دول المنطقة في حوافز جذب الاستثمار الاجنبي، مشددا أن قوة الاقتصاد وعملته المحلية يرتكز اساسا على قوة انتاجه ومخرجاته.