كتب - أحمد عبادي و رحاب سعودي
ليس عجيبا أن تشهد كافة السلع الغذائية في مصر ارتفاعا غير مبرر دفع جموع الشعب إلى التذمر من الأداء الحكومي، خاصة بعد أن تحولت وزارة التموين إلى ما يشبه وكر الفساد الذي أرهق الجهات الرقابية في السنوات الأخيرة بملاحقة المسئولين الفاسدين داخلها حتى أصبح مصطلح قضية فساد وزارة التموين، أو رشوة وزارة التموين مصطلح دارج تصيبك الحيرة أمامه في معرفة أي قضية مقصودة به فهم كثر.
ففي مطلع ديسمبر الجاري قامت هيئة الرقابة الإدارية بالكشف عن شبكة فساد في وزارة التموين، وإلقاء القبض على مستشار الوزارة و 8 آخرين من المعاونين له، حيث شكل الـ 9 متهمين تشكيلاً عصابيًا لحجب السلع واحتكارها ورفع الأسعار وذلك للاستيلاء على المال العام.
وكان مستشار وزير التموين المتورط في قضية الفساد قد شغل منصبه منذ عام 2015، وتمت ترقيته منذ عدة أشهر، إلا أنه شكل بالمشاركة مع المتهمين معه شبكة فساد في الوزارة، حيث اتبعوا نظام الرشاوي للتلاعب في أسعار السلع وحجب المواد التموينية عن المواطنين، وهو ما دفع رئيس الشركة المصرية لتجارة الجملة، محمد عاطف، تقدم باستقالته لتقاعسه والإهمال في أداء مهام عمله.
*فساد ورشوة بالقاهرة والإسكندرية
ولم تكن تلك القضية الأولى وإن كانت الأخيرة والأبرز، حيث سبق وأحيل 11 متهمًا للمحاكمة في القضية رقم 25238 لسنة 2021 جنايات عين شمس، والمعروفة إعلاميا بـ “فساد قيادات التموين”، حيث اتهمت النيابة قيادات التموين بأحد مكاتب تموين عين شمس، بتسهيلهم بغير حق وبنية التملك استيلاء الغير على سلع وأموال مملوكة لجهة عملهم.
وفي عام 2019 شهدت أروقة الوزارة واقعة فساد كبرى في القضية المعروفة إعلاميا بـ«رشوة وزارة التموين»، حين أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكما بمعاقبة علاء الدين فهمى، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية السابق، بالسجن المشدد 10 سنوات، وغرامة 7 ملايين و500 ألف جنيه.
ولم تقتصر قضايا فساد التموين على مسئولي الوزارة بالقاهرة فقط، حيث امتدت إلى الإسكندرية، حين أكدت التحقيقات التى أجرتها نيابة اللبان بالإسكندرية، تحت إشراف محامى عام غرب الإسكندرية، اشتراك وكيل وزارة التموين بالإسكندرية واثنين من الموظفين، في استخدام 10 آلاف و71 بطاقة تموينية، وصرف الآلاف من النقاط التموينية منها لصالحهم، دون صرفها للمواطنين.
*بطاقة تموين باسم الرئيس السيسي في المنيا
ومن المضحكات المبكيات أن الترهل في الوزارة وصل إلى حد بعيد حين خرج الرئيس عبدالفتاح السيسي في أحد المؤتمرات ليؤكد أنه فوجئ بوجود بطاقة تموينية له يستخدمها شخص آخر في محافظة المنيا، لافتا إلى أن هناك مصريين مدرجين ضمن قوائم التموين، لكنهم لا يستخدمون البطاقات في الحصول على حصص التموين المخصصة لهم، لكنهم لا يعلمون أن آخرين يصرفوها باسمهم.
والعجيب أن وزير التموين الحالي محمد المصيلحي الذي تولى منصبه في الوزارة عام 2017، في أعقاب استقالة الوزير السابق وزير التموين المصري خالد حنفي في خضم أكبر قضية فساد تتعلق بصرف ملايين الدولارات المخصصة لدعم المزارعين في شراء قمح لم تتسلمه الوزارة، أصبح أكثر الوزراء الذين شهدت وزارتهم قضايا فساد من مسئولين مقربين منه وعلى رأسهم بعض مستشاريه، مما يضعنا أمام سؤال هام حول مسئولية المصيلحي الأدبية والأخلاقية عن بؤر الفساد التي استشرت في الوزارة.
*جمال زهران: عناد الحكومة يعيدنا إلى عهد مبارك
وفي هذا السياق عبر الدكتور جمال زهران، الخبير السياسي، عن استيائه من فشل حكومة الوزير علي المصيلحي في حل الأزمات الراهنة.
ووصف زهران في تصريح خاص ل "المصير" الحكومة بأنها نمطية وتعود بالبلاد إلى نمط يشبه نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، من جهة وجود حالة عناد واضح وعدم تواصل مع الشعب.
وأشار إلى أن هذا التصعيد يعيد البلاد إلى فترة تفتقر فيها الحكومة إلى الحس الشديد بمطالب وتطلعات المواطنين.
وقال إن استمرار الحكومة في دعم الوزراء المثيرين للإستياء شعبيًا يعكس عناد الدولة والسلطة الحاكمة، مما يجعلهم يستمرون في مناصبهم رغم معارضة الشعب، مؤكدا أن هذا النهج قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات وتصاعد التوترات في المجتمع، نتيجة لعدم الالتفات إلى مطالب واحتياجات الناس.