كتبت: رؤى حسنين
حذر خبراء ومستوردون من التداعيات الوخيمة المرتقبة لازمة هجمات الحوثيون على السفن بالبحر الأحمر، مؤكدين أن تلك الأزمة سيكون لها آثار سلبية متعددة، أهمها تأثيرها على إيرادات قناة السويس وكونها المعبري التجاري الأهم في العالم، كذلك ستتمد آثارها إلى أسعار السلع المختلفة بالأسواق المحلي بسبب ارتفاع تكاليف الشحن بانواعه، ما يجعلنا أمام موجة تضخم جديدة، ذلك فضلا عن تأثيره السلبي على تدفق الصادرات إلى الأسواق الخارجية وتنافسيتها.
وتتصاعد هجمات جماعة الحوثيون على السفن المارة بالبحر الأحمر ومضيق باب المندب، ردا على الحرب الإسرائيلية على قطاغ غزة، ووذلك منذ 19 نوفمبر الماضي، وتمتد الهجمات إلى الاختطاف وتهديد سلامة ركاب السفن، فضلا عن الاستيلاء على البضائع، الأمر الذي دفع عشرات السفن إلى تحويل مسارها من البحر الاحمر للعبور عن طريق قناة السويس إلى العبور عن طريق رأي الرجاء الصالح.
وارتفع سقف أسعار الشحن البحري نتيجة لتحويل المزيد من السفن من البحر الأحمر، حيث وصل السعر إلى 10 آلاف دولار لكل حاوية قياس 40 قدماً من شنغهاي إلى بريطانيا، وذلك بعد أن كانت الأسعار في الأسبوع الماضي عند مستوى 1900 دولار فقط للحاوية 20 قدماً، و2400 دولار للحاوية 40 قدماً، اي بارتفاع بلغت نسبته أكثر من 400%، وفقا لـ" العربية نت" .
وغيرت نحو 115 سفينة وجهاتها من قناة السويس إلى طريق رأس الرجاء الصالح منذ بداية الهجمات الحوثية على السفن بالبحر الأحمر، واختطاف أول سفينة، وذلك خلال الفترة من 19 نوفمبر الماضي وحتى 20 ديسمبر الجاري. كما ارتفع لاحقا ذلك العدد إلى 158 سفينه خلال الأيام الماضية، بلغت قيمة بضائعها 105 مليار دولار أمريكي.
وتعد إيرادات قناة السويس من أهم مصادر الدخل بالنسبة للاقتصاد المصري، وبلغت مستوى قياسيا عند 9.4 مليار دولار في العام حتى 30 يونيو، كما يمكن للقناة استيعاب أكثر من 60% من إجمالي الأسطول العالمي للناقلات عند تحميلها بالكامل، وأكثر من 90% من ناقلات البضائع السائبة، ويمكنها أيضا استيعاب جميع ناقلات الحاويات وناقلات السيارات وسفن البضائع العامة.
وقال الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادي، أن أزمة الهجمات الحوثية على السفن بالبحر الأحمر، تجعل الاقتصاد المصري على موعد من ازمة جديدة ولكن هذه المرة متعددة الأذرع، حيث أن استمرار أزمة البحر الأحمر سيؤثر سلبا على العديد من الجوانب الحيوية للاقتصاد المصري، موضحا أن أزمة البحر الأحمر والناتجة كأحدى تداعيات حرب إسرائيل على غزة، سيكون أثرها أكبر على مصر بشكل خاص نظرا لتأثيرها المباشر على قناة السويس.
وأوضح جاب الله لـ " المصير" أنه رغم عدم تأثر قناة السويس حتى الآن، إلا أن بالتأكيد استمرار هذه الازمة يثير القلق على إيرادات القناة ومواصلة اعتماد التجارة العالمية عليه كمعبر أساسي للبضائع حول العالم.
وأشار إلى أن من التداعيات الاخرى للأزمة البحر الأحمر، ارتفاع تكاليف الشجن بكافة أنواعه وليس البحري فقط، بل امتد للجوي والبري ايضا، لكونهما بدائل زاد الطلب عليها بعد اعتذر الشحن البحري، موضحا أن ارتفاع تكلفة شحن البضائع يعني ارتفاع أسعار البضائع للمستهلك، وذلك سواء للسلع التامة الصنع المستوردة ، أو السلع المحلية الصنع ولكن تعتمد على مكونات مستوردة من الخارج، وهو ما يجعلنا أمام موجة جديدة من التضخم وارتفاع الاسعار.
ورأى أن العالم بتجارته واستهلاكه لن يتحمل مشكلة جديدة بهذا الحجم، حيث أنه الأزمات تتوالى عليه من عام 2020، حيث جائحة كورونا وما تبعها من نقص سلاسل الإمدادات وتراجع الإنتاج العالمي، ثم الحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من نقص توريدات الحبوب وارتفاع أسعار الغذاء، ثم الآن الحرب الإسرائيلية على غزة وما انتجته حتى الآن من هجمات الحوثيون على السفن بالبحر الأحمر وتهديدها، وهو ما يهدد التجارة العالمية بالكامل ويشعل الأسعار حول العالم، مشددا أنه من الصعب استمرار هذه الأزمة تحديدا متوقعا أن تتدخل كافة دول العالم لوضع حدا لها تجنبا لاضرار وخسائر هائلة قد تواجهها قريبا حال استمرارها.
قال سامح ذكي نائب رئيس غرفة القاهرة التجارية، إن التوتر الجاري بالبحمر الأحمر بسبب هجمات الحوثيون على السفن ردا على الحرب الإسرائيلية بغزة، سيؤدي بالطبع إلى ارتفاع في اسعار الشحن البحري وهو ما يؤثر سلبا على التجارة الخارجية المصرية كافة سواء الصادرات أو الواردات خاصة المتجه إلى أسيا عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ذلك إلى جانب تأثيرها على التجارة العالمية كلها كذلك.
وأضاف سامح لـ" المصير" أن رفع أسعار شحن البضائع المستوردة يعني ارتفاع في تكاليفها ومن ثم أسعار بيعها للمستهلك، مشيرا إلى انه ذلك من شأنه أن يدفع أسعار السلع والمنتجات بالسوق المحلي إلى موجة جديدة من الارتفاعات.
وتابع: أنه بالنسبة للصادرات فإن ارتفاع تكاليف الشحن سيؤثر كذلك على تكلفتها ومن ثم على اسعارها بالاسواق الخارجية، ذلك فضلا عن التأثير السلبي على تنافسيتها امام الصادرات المنافسة.
وأشار إلى ارتفاع تكاليف الشحن البري كذلك، وذلك بسبب زيادة الطلب عليه نسبيا وذلك لبعض الدول التي يمكن اللجوء للنقل البري للوصول لها، الأمر الذي يدفع كافة انواع الشحن ومنها الشحن الجوي كذلك نحو الارتفاع بسبب أزمة الشحن البحري والبحث عن بدائل له.
وأوضح سامح أن الواردات والصادرات التي تتعبر عبر البحر المتوسط للتجه إلى أوروبا أو الولايات المتحدة أو تركيا مثلا، لن تتأثر بالأزمة، أما البضائع العابرة للبحر الأحمر قاصدة شرق وجنوب شرق أسيا سيلحق بها ضرر التوترات الجارية بالبحر الأحمر.