رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

رمال الأزمات المتحركة تبتلع ”مصر للطيران”.. أسباب الخروج من تصنيف ال100 الأفضل عالميا

المصير

الجمعة, 22 ديسمبر, 2023

02:02 م

كتب- أحمد عبادي وفاطمة السيد

أولى شركات الطيران في أفريقيا والشرق الأوسط والسابعة عالميا، تطير للأسف للخلف، وعلى الرغم من كفاءة طياريها المصنفين ضمن أفضل طياري العالم، إلا أن خروج مصر للطيران خارج تصنيف "سكاي تراكس" البريطاني لأفضل 100 شركة طيران عالمية، أثار حالة من الحزن والأسى على الشركة الوطنية صاحبة الاسم العريق والتاريخ الطويل في عالم الطيران.
ورغم أن تصنيف "سكاي تراكس" ليس بجديد حيث صدر في يونيو الماضي، إلا أن تقريرا للعربية نت صادر بالأمس أثار الأزمة من جديد وحرك المياه الراكدة بشأن أزمة الشركة الوطنية التي ابتلعتها رمال الأزمات المتحركة، حيث أصبح الحديث عن مشكلات الشركة وكيفية مواجهتها ضرورة ملحة على المستوى الحكومي والبرلماني المصري.
ووفقا، للعربية نت، فقد أكد وزير الطيران المدني، الفريق محمد عباس حلمي، أن تصنيف الشركة البريطانية لمصر للطيران وخروجها من قائمة أفضل 100 شركة عالميًا هو تصنيف صادر في شهر يونيو الماضي، وليس جديدًا أن يظهر الآن وهذا التقييم كان عن الفترة السابقة من أول 2022 حتى نهاية 2022.
كما أوضح أن التقييم يقيم تجربة الراكب في الطائرة ومع شركة الطيران منذ دخوله على موقع الشركة الخاصة بالطيران وأسلوب الحجز والخدمات بالمطار وشكل الطائرات.
وفي المقابل أكد النائب كريم طلعت السادات، أن خروج شركة مصر للطيران من التصنيف العالمي جاء نتيجة سوء الخدمات المقدمة من قبل الشركة، وتراجع الجودة على الرغم من أن الشركة تتمتع بكوادر وطيارين ذوي خبرات عالية.
وعارض السادات بشدة الرأي القائل ببيع حصة من الشركة، ورفض تمامًا هذا الاقتراح المقدم من قبل البعض لأنها "شركة قومية كبيرة تجلب مدخلات إلى الدولة بالعملة الأجنبية"، حسب تعبيره، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن في سوء الإدارة من قبل الشركة على الرغم من دور الدولة القوي وتدعيمها للسياحة وللشركة، باعتبارها ثروة قومية تجلب دخلًا بالدولار.

* من السابع عالميا إلى خارج ال100

كانت اللبنة الأولى لمصر للطيران، سنة 1932 على يد الإقتصادي المصري طلعت باشا حرب، و دارس الطيران المصري كمال علوي، وبدايتها كانت للطيران العارض الغير منتظم، وبحلول العام 1933 بدأت في رحلات الطيران المحلي المنتظم، و في 1934 بدأت أولى رحلاتها الجوية الدولية وكانت فلسطين هي وجهتها الأولى، وفي عام 1936 كانت أول شركة طيران تهبط في المدينة المنورة.
وخلال الحرب العالمية الثانية تولت الحكومة المصرية إدارة الشركة، وفى عام 1948 كان لابد من توفير الخدمة للمسافرين، ومن هنا ظهرت المضيفات لأول مرة على طائرات مصر للطيران، فى عام 1949 تم تغيير اسم الشركة إلى «مصر للطيران»، وفى يناير سنة 1961 انضوت شركة مصر للطيران والسورية للطيران تحت لواء شركة جديدة هى الخطوط الجوية العربية، وكان ذلك نتيجة للوحدة السياسية التى قامت بين مصر وسوريا آنذاك، ظلت «مصر للطيران» تحمل اسم شركة الطيران العربية المتحدة حتى أكتوبر 1971 إلى أن تم تغيير اسمها إلى مصر للطيران (Egypt Air)، وفى العام 2002 تمت إعادة هيكلة الشركة وتحويلها من مؤسسة حكومية إلى شركة قابضة وتسة شركات تابعة لها، وذلك لتحسين الكفاءة الخدمية والربحية.
ورغم أن شركة مصر للطيران هي أولى شركات الطيران في الشرق الأوسط و إفريقيا و سابع شركة يتم تأسيسها عالميا، فلم تتجاوز الحوادث الجوية لمصر للطيران طوال تاريخها 11 حادثة جوية، بلغ عدد ضحاياها حوالي 900 قتيل، بينما تعد الولايات المتحدة الأمريكية هي الأولى في حوادث الطيران بعدد 788 حادث جوي، بعدد ضحايا 10625 ضحية ،تليها روسيا بعدد 360 حادث جوي، بلغ ضحاياها 7298 ،و في المرتبة الثالثة تأتي البرازيل و بريطانيا بعدد ضحايا حوالي الالفين ضحية لكلا منهم، أي أن حوادث مصر للطيران مقابلة بأمريكا تساوي أقل من 1 في الألف من الحوادث الأمريكية، بعدد ضحايا لا يمثل أكثر من 9 في المائة مقارنة بعدد ضحايا الحوادث الأمريكية.
ويعكس هذا الرقم حقيقة تاريخية تقر بأفضلية طياري الشركة وتميزهم وبراعتهم عن نظرائهم بشركات الطيران الأخرى، وهو ما يدعونا إلى البحث في أسباب تدهور أحوال الشركة والتحديات التي جعلتها تطير للخلف، وتتراجع لتخرج من قائمة أفضل 100 شركة طيران عالمية وفقا لتصنيف "سكاي تراكس".

*عمالة وسوء إدارة وديون متراكمة

ووفقا للخبراء تتعدد مشكلات وأزمات مصر للطيران والتي أدت إلى تدهور أحوالها لهذا الحد، وتعد أزمة الموظفين أبرز تلك المشكلات حيث تعاني الشركة من تُخمة في العمالة، وفشل في الاستفادة منها، إذ تُشير التقديرات إلى أن متوسط العدد 35 ألف موظف، في حين لا تحتاج الشركة منهم إلا ل8 آلاف موظف وفقا لأسطول طائراتها.
وتمثل المكاتب الخارجية ثاني هذه المشكلات حيث تضم مصر للطيران 73 مكتبًا حول العالم، وهو ما تسبب في انتقادات حادة لها بسبب تكلفة تأجير تلك المكاتب بالعملة الأجنبية، وأجور الموظفين العاملين بها، في حين يمكن تقليص عددها خاصةً مع سهولة الحجز الإلكتروني للتذاكر.
وتضاف إلى قائمة المشاكل مشكلة الديون حيث أدت ثورة يناير، وفقا لقيادات مصر للطيران، وبعض الحوادث التي حدثت في مطارات مصرية، مثل حادثة الطائرة الروسية في أكتوبر 2015، وفيروس كورونا 2020، والحرب الروسية الأوكرانية، أسبابًا رئيسية في تفاقم خسائر الشركة، دفعتها للجوء للاقتراض، لتصل ديونها إلى 30 مليار جنيه، ووفقًا لتقارير مصر للطيران، فإن خسائر شركة الخطوط الجوية وحدها دون حساب باقي خسائر الشركة القابضة، 6.7 مليار جنيه عام 2021/2020 (عام فيروس كورونا)، مقابل 2.4 مليار جنيه في عام 2020/2019، وفي عام 2017/2016 (العام التالي على انفجار طائرة مصر للطيران القادمة من باريس)، وصلت خسائر الشركة إلى 5.55 مليار جنيه، مقابل 1.28 مليار جنيه في 2016/2015.
ومن أزمة الديون إلى عدم التخطيط الجيد للخطوط الجديدة، تتوالى مشكلات الشركة، وعلى سبيل المثال أثار إعلان مصر للطيران عن فتح خطوط طيران جديدة، منها إلى ولاية نيو جيرسي بالولايات المتحدة الأمريكية، انتقادات الكثير من مستخدمي الشركة، نظرًا لأنها تُسير رحلات بالفعل إلى ولاية نيويورك التي تبعد نحو 100 كيلو عن نيو جيرسي، فيما تركت مدن أخرى أبعد مثل لوس أنجلوس، بولاية كاليفورنيا، كما قامت الشركة بتشغيل خطوط أخرى لها بمدينة مانشستر الإنجليزية على سبيل المثال وهي لديها خط آخر مع العاصمة لندن، فيما تتجاهل وجود خطوط مباشرة مع بعض الدول مثل أستراليا والتي يقطنها عشرات آلاف المصريين.
ومازالت مشكلة ارتفاع أسعار التذاكر الدولية لمصر للطيران تمثل لغزا في سياسة الشركة التنافسية، حيث نجد أسعار تذاكر مصر للطيران الدولية دائمًا مرتفعة، مقارنة بمثيلاتها من أفضل شركات العالم ما يُضعف من فرص المنافسة لديها.
وختاما فإن تعاقب وزراء الطيران على الشركة منذ ثورة يناير حتى الآن تسبب في تخبط سياسات الشركة حيث أدى ذلك إلى أن يغير كلًا منهم سياسة وإدارة مصر للطيران، ما أثر عليها بالسلب.

* تحرك برلماني عاجل

وقد دفع هذا التدهور الكارثي في مسار الشركة عدد من النواب لتقديم طلبات إحاطة عاجلة للكشف عن الأسباب الحقيقة التي أدت إلى تدهور حال الشركة لهذا الحد، حيث تقدم النائب مصطفي بكري، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، موجهاً إلى وزير الطيران المدني، مطالبًا بالوقوف على الأسباب التي أدت إلى استمرار الخسائر التي بلغت 30 مليار جنيه، وتراجع مركزها وخروجها عن قائمة أفضل 100 شركة طيران حول العالم.
وقال "بكرى، إن شركة "سكاى تراكس" البريطانية والمعنية بتقييم ومتابعة شركات الطيران التجارية العالمية أعلنت عن خروج شركة مصر للطيران" من قائمة أفضل 100 شركة طيران حول العالم، بعد أن كانت تحتل فى وقت سابق المركز الـ(95)، وهو أمر ترك انطباعًا سلبيًا في كافة الأوساط.
وأضاف بكري، أنه بالرغم من أن "شركة مصر للطيران" التي أنشئت عام 1932 كانت الأولى في الشرق الأوسط وأفريقيا والسابعة عالميًا، وتمتد خطوطها إلى 52 دولة عبر 72 وجهة، إضافة إلى 13 خطا داخليا، إلا أن أوضاع الشركة تدهورت خاصة خلال الأونة الأخيرة، بالرغم من اقراضها 8 مليارات جنيه من وزارة المالية والبنوك المختلفة.
من جانبها، تقدمت النائبة ميرال جلال الهريدي، عضو مجلس النواب عن حزب حماة الوطن، وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي، بطلب إحاطة للدكتور المستشار رئيس مجلس النواب، أكدت فيه أن خسائر الشركة تم تقديرها بحوالي 30 مليار جنيه، كما تراوحت خسائرها الشهرية ما بين 700 و800 ألف دولار أمريكي، بجانب حصول الشركة على تصنيف 3 من بين 5 نجوم، مما يعكس متوسط درجات المعايير التي تعتمدها الشركة في تصنيفها لشركات الطيران، مثل جودة المطار والمنتجات على متن الطائرة وخدمة الموظفين ووسائل الراحة، ما يُشير إلى تدني منظومة الشركة بالكامل.
وقالت إن صدى تدهور ترتيب شركة مصر للطيران في أوساط الطيران العالمي قد انتشر كالنار في الهشيم، ما قد يزيد من حدة تلك الأزمة بشكل كبير، وذلك نظرًا للمكانة الكبيرة والتاريخ العريق لمصر للطيران بين مختلف شركات الطيران حول العالم.
وفي السياق ذاته، أكد النائب أحمد إدريس عضو لجنة السياحة والطيران والمدني بمجلس النواب، أن شركة مصر للطيران تواجه مشاكل عديدة منذ أكثر من 30 سنة وتراكمت، مما تسبب في خسائر كبيرة وفادحة للشركة الوطنية.
وأوضح النائب أحمد إدريس، أن من أهم المشاكل التي تواجه مصر للطيران هى أعداد الموظفين والذى يصل إلى 37 ألف موظف، هذا بجانب صفقات شراء بعض الطائرات والتي تبين أنها دون جدوى.
وقال عضو لجنة السياحة والطيران، إن كل هذه الأخطاء تراكمت مما أدى إلى خروجها من التصنيف العالمى لكثرة تحميلها بالديون والخسائر التي وصلت الى مليارات الجنيهات وعدم قدرتها على المنافسة والصيانة وتجديد الأسطول.