مبارك كان متواضعًا وفتحي سرور من أنقى الناس
لا يمكنني مشاهدة فيلم لمحمد رمضان ومروة الشربيني أهم قضية في حياتي
أرفض قضايا الآداب ولم تحدث مشكلة واحدة بيني وبين زوجتي لمدة 45 عامًا
شاركت في حرب أكتوبر والشهيد أحمد حمدي مات أمام عيني
ذهبنا إليه أنا والزميلة نجلاء كمال لنجري معه حوارًا إنسانيًا لا يخلو من بعض المناوشات السياسية، اعتقدت نجلاء أنه لن يتذكرها، فلقد مضى أكثر من عقد من الزمان على آخر حوار أجرتها هي معه ولكنه تذكرها واستقبلها بترحاب شديد.
دلفنا إلى مكتبه الراقي في حي المهندسين، وجدنا صوره مع كافة رموز مصر في عهد الرئيس مبارك تكسو جدران غرفة استقبال الضيوف، تذكرنا تلك الحقبة السياسية التي اصبحنا نحن إليها بقوة النستولوجيا وبفعل مساحة الحريات التي عشناها خلالها، استقبلنا الرجل بترحاب شديد وتواضع أشد، وابتسامة لا تفارق وجهه، أنه حمدي خليفة نقيب المحامين السابق الذي تحدثنا معه وتحدث معنا بقلب مفتوح عن بدايته وكيف أنه بدأ من الصفر، وكيف بدأ مكتبه بغرفة واحدة إلى أن أصبح صرحا يتخرج منه الآلآف المحامين، عرفنا منه من هم الشخصيات الذين أثروا في حياته، وتعرفنا على ذكرياته في حرب أكتوبر ومع الرئيس الراحل حسني مبارك، سألناه عن القضايا التي لا يقبلها وهل يقبل قضايا المخدرات أم لا، ثم تطرق الحديث عن رؤيته للرئيس السيسي وعن رأيه في أحداث غزة واصطفاف بعض المتصهينين العرب مع العدو الصهيوني في خندق واحد.
بعد انتهاء الحوار، أصر الرجل السبعيني أن يصطحبنا حتى المصعد بتواضع العلماء وزهد الناسكين وطلب منا أن نعتبره أخا وصديقا وأبا...
وإلى نص الحوار...
كيف كانت البداية؟
بدأت من الصفر، حتى صعدت سلم النجاح درجة درجة.
كيف كان وضعكم المادي في حياة والدكم؟
والدي كان من أسرة متوسطة، لي أخ استشهد في حرب أكتوبر كان لواء طيار، وأخ آخر محامي، وأختان كانوا معيدات في الجامعة ثم تفرغوا للبيت، كما توفي أحد أشقائي صغيرًا، لقد كنا 6 أخوة، وأرى دائما أن أقرب مسافة بين نقطتين هو الخط المستقيم، واعتمدت هذا الأمر في حياتي، وقررت أن أمشي بشكل مستقيم.
منذ طفولتي وطموحاتي لا تتوقف عند حد معين، بدأت حياتي في المحاماة في مكتب الاستاذ محمد لبنه، عليه رحمة الله، فهو استاذي ومعلمي، وخلال فترة قصيرة جدا استطعت أن اعتمد على نفسي وافتتح مكتب محاماة قبل انتهاء فترة التدريب، بدأت بمكتب مكون من غرفة واحدة ثم أصبح غرفتين ثم أصبح ٣ غرف ثم أصبح عمارة واثنين، ومكتبي على مدار 45 سنة، تخرج منه الالاف من المحامين، وعلمتهم جميعًا ما تعلمته.
من 45 سنة، زملائي الذين بدأوا معي، كان دخلهم اليومي أكبر من دخلي الشهري، ولكنم كانوا يعملون بطريقة لا أقبلها على نفسي، بعضهم كان يقف في المحكمة لكي يحصل على قضية، كانوا يكسبون 30 جنيه في اليوم، كنت ممكن اتحصل عليهم كل شهر، ولكنني أصريت على طريقتي في العمل حتى وصلت إلى ما وصلت إليه بفضل الله.
وبدأت طريقي النقابي من الصفر أيضا، كنت عضو مجلس نقابة في نقابة المحامين بالجيزة، ثم أمين عام نقابة المحامين بالجيزة، ثم وكيل نقابة المحامين بالجيزة، ثم عضو مجلس نقابة المحامين ونقيب المحامين، وأمين عام اتحاد المحامين العرب، كل ذلك بفضل الله
وماذا عن الأسرة زوجتك وأولادك؟
زوجتي كان لديها الدور الكبير والمهم في مسيرة حياتي وكافحت وعانت معي، في بداية حياتي ،وانا تزوجتها منذ 45 سنة ولم يحدث بيننا خلاف واحد أو مشاجرة واحدة!!!
ولدي ثلاثة أبناء، الأول رئيس نيابة، والثاني دكتوراه في القانون ومعي هنا في المكتب وكان لدي بنت توفاها الله.
ما هي أشهر القضايا التي ترافعت فيها؟
لدي قضايا كثيرة ومنها قضايا على المستوى العالمي، وأهمها قضية مروة الشربيني التي قتلها ألماني يميني متطرف ، لقد توليت ملف القضية، ولأول مرة في تاريخ القضاء الألماني يتم الاستماع لمرافعة محامي مصري باللغة العربية. ولمدة أسبوعين كنت اترافع في القضية إلى أن وفقنا الله وحصل الجاني على أقصى عقوبة في القانون الألماني وهي السجن مدى الحياة، وهذه القضية ترافعت فيها ليس بصفة شخصية ولكن بصفتي كنقيب عام المحامين وباعتبارها قضية تهم الإسلام والمسلمين، وكل ما كان يهمني أن أثبت أمام كل وسائل الإعلام التي تتابع القضية أن الإسلام ليس له علاقة بالإرهاب.
وماذا عن أشهر قضية جنائية ترافعت فيها؟
هناك قضايا كثيرة ترافعت فيها ومنها قضية العبارة السلام 98
وهل هناك قضايا رفضتها؟
أي قضية لا اطمئن لها وأن موكلي برئ، أرفضها بالطبع، والقضية التي أحس انها تتعارض مع رسالة المحاماة التي نقدسها أرفضها أيضًا، وكل قضايا الآداب أرفضها تمامًا، لا أقبل ألا القضية التي أطمئن إليها.
وهل تقبل قضايا المخدرات؟
ممكن حينما أشعر أن المتهم مظلوم.
وما رأيك في من يقبل قضايا القتل والمخدرات مع علمه بإدانة موكله؟
هذا الأمر يختلف من محامي إلى آخر وفقًا لقناعات كل محامي.
وما تفسيرك للقضايا الغربية التي تشهدها ساحات المحاكم حاليًّا وزيادة معدلات الجريمة والقتل؟
والله الزمن الجميل لم يكن فيه ما نشاهده الآن، مثل قضايا الاغتصاب، أو اغتصاب شاب أو رجل لطفلة عمرها 5 سنوات، كل هذا لم يكن موجود إطلاقًا
كل شئ كان جميل في هذا الزمن، وأنا لا أعرف أن أدخل في النوم إلا إذا شاهدت فيلم عربي أبيض وأسود، مثل فيلم في بيتنا رجل، والشموع السوداء، كانت أيام جميلة، تربينا وقتها على العادات والتقاليد والقيم والأخلاق، حتى المجرم في أفلام زمان، ليس مثل المجرم في أفلام هذه الأيام.
حتى نكت اليومين دول حتى مع أنها خارجة متضحكش لكن شوف إفيهات زمان تلاقيها متتنسيش، يعني اتذكر عبد السلام النابلسي كان في الاسكندرية في يوم وكان راكب تاكسي فالسواق بيقوله رايح فين قاله بشر فرد عليه السائق قصدك سيدي بشر فقال له عبد السلام النابلسي سيدك أنت مش سيدي أنا".
الفنان محمود المليجي قال في حوار قديم له أنهم كانوا يمثلون أدوار الشر لكي يكرهوا الناس في الشر، ولكن أفلام هذه الأيام الشرير والمجرم هو بطل الفيلم؟
للأسف هذا ما يحدث بالفعل.
ماذا عن علاقتك بالرئيس مبارك؟
ألتقيت الرئيس مبارك عدة مرات وكان رجل إيجابي جدا في كل ما طلبته منه فيما يخص المحامين، وعلاقتي معه كانت علاقة طيبة.
كيف ترى مبارك على المستوى الإنساني؟
حينما كنت أجلس معه كنت أشعر بأنه متواضع للغاية، كنت أشعر أنني أجلس مع أخي.
هل كان متكلفًا أو متكبرًا؟
إطلاقًا إطلاقًا، وكان ممكن يتكلم معاك في أي موضوع، اتذكر يوم مباراة مصر والجزائر التي أقيمت في السودان، كنت اتحدث معه وتحدث معي في هذا الأمر وتحدث عن الجزائر، وكان حديثه لبقا، تشعر معه أنه حديث من القلب
وماذا عن صداقاتك مع الشخصيات العامة وكيف أثروا فيك؟
علاقتي بالدكتور زويل الله يرحمه كانت علاقة طيبة جدا، وتعلمت منه الإصرار على النجاح وأن اطور من نفسي
وماذا عن علاقتك بالدكتور فتحي سرور؟
علاقة طيبة جدا وما زالت موجودة حتى الآن، وعلاقتي به من قبل أن يكون رئيسا لمجلس الشعب ومن قبل أن يكون وزيرًا للتعليم، والدكتور سرور مدرسة في كل شئ، في العلم والأخلاق، وهو إنسان متواضع ومن أنقى الناس.
هل تعتقد أننا ظلمنا مبارك؟
أشهد الله أن الرئيس الراحل مبارك لم يكن بهذه الصفات التي حاول الناس أن يلصقوها به، بعد 25 يناير، كان رجل وطني ويحب مصر ورفض أن يتركها ويذهب لمكان آخر بعد ثورة يناير،
ما هي الكتب التي كان لها تأثير على شخصيتك عند قراءتها؟
أنا كاتب وعضو اتحاد كتاب ولدي 150 قصة قصيرة منها نساء في مملكة إبليس وحافة الهاوية وكلها قضايا جنائية، ترافعت فيها وكتبت قصصها.
هل يمكن أن تتفرج على فيلم أو مسلسل لمحمد رمضان؟
بصراحة لا.
ما رأيك في هجوم ابراهيم عيسى على المقاومة الفلسطينية وتحميله لها المسئولية عما يحدث في غزة؟
أنا لا أصدق ما يفعله إبراهيم عيسى، فما يفعله يفوق الخيال، فأنا لا أتصور أن هناك شخصًا يمكن أن يقف مع الصهاينة في خندق واحد في ظل هذا الإجرام الإسرائيلي غير المسبوق، فأنا من الذين حاربوا في حرب أكتوبر 73، والبطل الشهيد أحمد حمدي مات على يدي، ولذا حرب أكتوبر هي حياتي وهي أكبر بصمة في حياتي ولها تأثير رهيب على شخصيتي وعلى مسار حياتي وهي التي جعلتني لا أعرف شيئا اسمه الخوف ولا شيئا اسمه الفشل.
وكيف ترى الرئيس السيسي؟؟
الرئيس السيسي له مميزات عديدة وأكبر ميزة له وهذه تكفيه أنه أنقذ مصر من الإخوان وأنقذ مصر من ما كان مخططًا لها إذا استمر الإخوان في السلطة، وهو دائما يعمل لبكره، ولا يعمل بالمثل القائل "احييني النهارده وموتني بكره".