رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

غزة ونتنياهو.. مسيرة الحروب الستة، والأخيرة تكتب نهايته

المصير

الأربعاء, 13 ديسمبر, 2023

05:27 م

كتب -أحمد عبادي

من أصل ثمانية حروب شنتها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، منذ إعلانها الإنسحاب منه في عام 2005، ثم سيطرة حركة المقاومة الإسلامية حماس على السلطة في عام 2006، كان لنتنياهو نصيب الأسد حيث شن وحده ستة حروب على القطاع في فترة رئاسته للحكومة الإسرائيلية منذ عام 2009 حتى الآن.
نتنياهو، الذي تولى منصب رئيس الوزراء للمرة الأولى بين عامي 1996 و 1999 كأصغر رئيس وزراء منذ نشأة إسرائيل، يشن اليوم الحرب السادسة له على قطاع غزة، بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس على مستوطنات إسرائيلية في غلاف غزة، وأسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي واختطاف أكثر من 200 آخرين.
ولم تكن البداية مع نتنياهو بل كانت مع سلفه في رئاسة الحكومة الإسرئيلية إيهود أولمرت، وبالتحديد في عملية "أمطار الصيف" في 2006، والتي اندلعت عقب أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، من قبل مقاتلين فلسطينيين عقب هجوم على دبابة قرب غزة.
ووقتها أطلق الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية تحت اسم "أمطار الصيف"، بدأت بقصف واسع، تلاه توغل بري في القطاع، وجاء هذا الهجوم بعد عشرة أشهر فقط من خطة إسرائيل التي عرفت باسم "فك الارتباط"، وهي خطة أحادية الجانب أعلنتها إسرائيل بهدف سحب القوات العسكرية والمستوطنين من القطاع.
ورغم توصل الطرفين إلى وقفٍ لإطلاق النار في الـ 26 من نوفمبر 2006، إلا أنه لم يتم إطلاق سراح شاليط إلا في عام 2011 بعد مفاوضاتٍ صعبة استمرت أكثر من خمس سنوات، وأسفرت أيضا عن إطلاق سراح 1027 فلسطينياً من سجون إسرائيل.
وقد تضمنت صفقة تبادل شاليط الإفراج عن يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، والذي تتهمه إسرائيل حاليا بأنه ومحمد الضيف القائد العسكري في حماس، خططا لتنفيذ هجمات 7 أكتوبر الماضي.
وتأتي بعد ذلك عملية "الرصاص المصبوب" 2008-2009، والتي تمت أيضا إبان رئاسة إيهود أولمرت للحكومة الإسرائيلية وبالتحديد في صباح السابع والعشرين من ديسمبر عام 2008، حين بدأت القوات الإسرائيلية عملية "الرصاص المصبوب" على قطاع غزة، وردّت عليها حركات المقاومة الفلسطينية بهجماتٍ ضمن عملية سمّتها "معركة الفرقان".

واعتبرت إسرائيل وقتها هذه العملية العسكرية "عملية رمزيةً" وكان هدفها المعلن هو وضع حدٍ للهجمات الصاروخية التي كانت تستهدف إسرائيل من قبل الجماعات المسلحة، واستمرت المعارك حتى 18 من يناير 2009، حين أعلنت كلٌ من إسرائيل وحماس وقف إطلاق النار، وفي ذلك الوقت، تجاوز عدد الضحايا الفلسطينيين 1400، بينهم نحو 300 طفل، وآلاف المصابين، ودُمرت وشُوهّت مناطق واسعة من قطاع غزة، وشُرّد الآلاف.

كما تعرّض المدنيون جنوبيّ إسرائيل لهجمات صاروخية يوميةٍ مستمرة من قبل حركات المقاومة المسلحة الفلسطينية، حيث استمر إطلاق الصواريخ خلال فترة النزاع التي امتدت إلى 22 يومًا، وقام الجناح المسلح لحركة حماس وغيرها من الجماعات المسلحة الفلسطينية بإطلاق مئات الصواريخ وقذائف الهاون على جنوبيّ إسرائيل، ما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين، كما قُتل ستة جنود إسرائيليين من جراء هجمات الحركات الفلسطينية.

*عمود السحاب 2012

وأولى حروب نتنياهو الخمسة على غزة هي معركة "عمود السحاب" عام 2012، حين استهدف الجيش الإسرائيلي القيادي في الجناح العسكري لحركة حماس أحمد الجعبري، ومحمد الهمص أحد أعضاء كتائب القسام، في غارةٍ على السيارة التي تقلّهما في شارع عمر المختار بمدينة غزة، فردت كتائب عز الدين القسّام من جانبها بإطلاق عشرات الصواريخ وقذائف الهاون على عدد من المناطق الإسرائيلية، في عملية أطلقت عليها حماس "حجارة السجيل".
وفي نهاية الحرب كان الجيش الإسرائيلي قد ضرب قرابة 1500 هدف، في حين أطلقت حركات المقاومة الفلسطينية قرابة 1500 قذيفة، وقُتل 165 فلسطينياً من بينهم 99- 105 مدنيين، منهم 42 طفلاً؛ وجُرح 1220 من بينهم 430 طفلاً، كما قُتل 4 مدنيين إسرائيليين، وجنديان، وجُرح 240.

*عملية الجرف الصامد 2014

هذه العملية جاءت بقرار من مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، برئاسة بنيامين نتنياهو، بشنّ هجومٍ على قطاع غزة، وقد كان الهدف المعلَن للعملية الإسرائيلية وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية على إسرائيل، ومنع المزيد من الهجمات.
ووفقاً لتقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والذي نُشر في الـ 3 من أكتوبر، بلغ عدد الضحايا الفلسطينيين نتيجة الحرب 2189 شخصاً، ومن بينهم من توفوا متأثرين بجروحهم بعد وقف إطلاق النار.
ويشير التقرير إلى أن 70 % من القتلى الأطفال، البالغ عددهم 513 طفلاً، تقلّ أعمارهم عن 12 عاماً، وقد فقدت 142 عائلة فلسطينية على الأقل ثلاثة أفراد أو أكثر في حادث واحد، وبلغ عدد الجرحى قرابة 11100 فلسطيني، من بينهم 3374 طفلاً.
وقد أصيب العشرات من الإسرائيليين بسبب الصواريخ وقذائف الهاون التي أطلقتها الحركات الفلسطينية المسلحة، كما أنّ حجم الأضرار في غزة لم يسبق له مثيل، حيث تعرض نحو 113 ألف منزل للضرر، وفق مسؤولين في غزة.

*معركة "صيحة الفجر" - 2019

بدأت في نوفمبر 2019، بعد أن هز انفجار قوي حي الشجاعية في غزة، وأعلن بعده عن مقتل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بهاء أبو العطا، ومحاولة قتل عضو المكتب السياسي للحركة أكرم العجوري.
وردت حركة الجهاد الإسلامي على ذلك بإطلاق معركة "صيحة الفجر"، حيث أطلقت مئات الصواريخ على مواقع في إسرائيل، بينما لم تعلن إسرائيل عن الخسائر البشرية والمادية من جراء هذه الصواريخ، وقد أسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية عن مقتل 34 فلسطينياً وإصابة أكثر من 100 آخرين، بما في ذلك نشطاء في سرايا القدس، فضلاً عن عدد كبير من المدنيين.

*حرب عام 2021 - "الشيخ جراح"

كانت البداية في أبريل2021، حين قام سكان حي الشيخ جراح في القدس الشرقية بالتظاهر احتجاجاً على ما يقولون إنه "مخططات" لطرد عائلات فلسطينية من منازلها في الحي، مما أدى إلى تصاعد التوترات مع المستوطنين الذين حاول بعضهم الاستيلاء على ممتلكات بعض العائلات الفلسطينية، ورداً على ذلك، شهدت القدس المحتلة احتجاجات واشتباكات يومية بين الفلسطينيين والمستوطنين وقوات الأمن الإسرائيلية.
وفي 10 مايو، اقتحمت قوات الأمن الإسرائيلية المسجد الأقصى، وأصابت عددا من الصحفيين والمسعفين ومواطنين آخرين، وبلغ عدد الإصابات نحو 300 فلسطيني، وهو ما دفع كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس بإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، لترد إسرائيل بقصف عنيف في غزة ومناطق مختلفة.
وبعد 11 يومًا من القتال المستمر، وبفضل جهود الوساطة، وافق الطرفان على وقف إطلاق النار، حيث بلغ عدد القتلى الفلسطينيين، وفق أرقام رسمية لمسؤولين في قطاع غزة، 243 شخصا، منهم 66 طفلاً، 39 امرأة، و17 مسنًا، بينما أصيب 1910 آخرون بجروح. وأدت الهجمات الإسرائيلية أيضاً إلى نزوح أكثر من 75 ألف فلسطيني، حيث لجأ 28 ألفًا و700 منهم إلى مدارس تابعة لمكتب الأمم المتحدة لدعم اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وبلغت الخسائر المادية أكثر من 322 مليون دولار، شملت هدم 1447 وحدة سكنية، وأضرارا في 13 ألف وحدة أخرى.
على الجانب الإسرائيلي، بلغ عدد القتلى 12 شخصًا و335 جريحًا، وأطلقت الحركات المسلحة في غزة أكثر من 4300 صاروخ على إسرائيل، ودمر الجيش الإسرائيلي أكثر من 1700 هدف في غزة.

*عملية "الفجر الصادق" - 2022

وقعت في أغسطس 2022، حين قالت إسرائيل إنها قتلت قائد المنطقة الشمالية لحركة سرايا القدس، وهي الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، حيث تم استهدافه داخل شقة سكنية في "برج فلسطين" بحي الرمال، بواسطة طائرة مسيرة.
وقد أطلقت إسرائيل على هذه العملية اسم "الفجر الصادق"، وذلك لتأكيد تركيزها على حركة الجهاد، التي تعتمد اللون الأسود كشعار، وفقًا لبيان من الجيش الإسرائيلي، وردت حركة الجهاد الإسلامي بعملية أطلقت عليها اسم "وحدة الساحات"، وقامت بإطلاق مئات الصواريخ على مدن وبلدات إسرائيلية، بالتعاون مع "كتائب المقاومة الوطنية"، و"كتائب المجاهدين" و"كتائب شهداء الأقصى"، وهي الجناح العسكري لحركة فتح.
و أفادت وزارة الصحة في قطاع غزة آنذاك بأنّ عدد الضحايا في هذه الحرب بلغ 24 شخصا، من بينهم ستة أطفال، وأصيب 203 آخرون بجروحٍ مختلفة جراء الغارات الإسرائيلية على غزة.

*طوفان الأقصى.. السادسة تكتب النهاية

ويبدو أن الحرب السادسة التي شنها نتنياهو على غزة عقب عملية طوفان الأقصى، والتي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من ١٨ ألف شهيد فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، ستكتب خاتمة مستقبل نتنياهو السياسي، حيث رجح الخبراء أنه بنهاية الحرب سيضطر نتنياهو إلى الاستقالة.
وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تحليل لها مؤخرا إن الدعم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فى الداخل يتراجع وسط تزايد الغضب الشعبي والدعوات لاستقالته.
ووفقا للصحيفة فإنه لأكثر من عقد من الزمان، كانت هناك دعوات تطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بالاستقالة ــ لأسباب عديدة منها: تزايد مستويات عدم المساواة، وأزمة الإسكان في إسرائيل، وميله إلى الشعبوية القبيحة، وفضائح الفساد المتعددة التي تورط فيها. ولا يزال قيد المحاكمة، ومؤخراً، محاولات لإجراء إصلاح قضائي، لتأتي حرب غزة الحالية وتكتب فصل النهاية.