كتبت-فاطمة محمود
فتح البرلمان الدنماركي جراحا قديمة مؤلمة فى قلب الدين الإسلامي بإصداره مشروع قانون الخميس الماضى، يجرم حرق القرآن الكريم في الأماكن العامة، وهى الواقعة التى أثارت احتجاجات غاضبة في عدة دول إسلامية لتدنيس المصحف الشريف، الأمر الذي أشعل بدوره مخاوف أمنية دنماركية.
وشهدت الدنمارك والسويد سلسلة من الاحتجاجات العامة هذا العام حيث أحرق نشطاء مناهضون للإسلام نسخا من القرآن الكريم، مما أثار توترات مع المسلمين ومطالبات بأن تحظر الحكومات هذه الممارسات الشاذة.
ورحب مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بقرار البرلمان الدنماركي الذي نصَّ على حظر «المعاملة غير اللائقة» للنصوص الدينيَّة، ذات الأهمية الكبيرة لمجتمعات دينية معترف بها، الذي يحظر عمليًّا حرق المصحف الشريف.
وأكد مجلس حكماء المسلمين، أن إقرار هذا القانون، يُعدُّ خطوةً مهمةً، من شأنها أن تسهم في تعزيز روح التسامح والتعايش المشترك والاحترام المتبادل للمقدسات والرموز الدينية، داعيًا البلدان التي تشهد اعتداءاتٍ مماثلةً على الحريات والمقدسات الدينية، إلى سنِّ تشريعات مماثلة، للتصدي لخطابات التعصب والكراهية والإسلاموفوبيا.
ومنذ نحو ١٨ عاما، فجرت الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد حالة من الغضب السخط بعد أن نشرت صحيفة "يولاندس بوستن" الدنماركية 12صورة كاريكاتيرية فى 30 سبتمبر عام 2005 تسخر من النبى محمد، وبعد أقل من أسبوعين وتحديدا في 10 يناير 2006، أعادت الصحيفة النرويجية "Magazinet" والألمانية "دي فيلت" والفرنسية "France Soir" وصحف أخرى في أوروبا نشر تلك الصور الكاريكاتيرية، مما جرح مشاعر الغالبية العظمى من المسلمين، وتدفقت موجات عارمة على الصعيدين الشعبي والسياسي في العالم الإسلامي.
كما ترتب على هذه الإساءة انطلاق سلسلة احتجاجات أدت إلى إقالة كبير محرري جريدة "France Soir" من قبل رئيس التحرير ومالك الجريدة رامي لكح الفرنسي من أصل مصري.
كما تعرضت عدة سفارات غربية للهجوم؛ وأخذت الاحتجاجات طابعاً عنيفا في دمشق حيث أضرمت النيران في المبنى الذي يضم سفارتي الدنمارك والنرويج في 4 فبراير 2006 وتم إحراق القنصلية الدنماركية في بيروت في 5 فبراير 2006.
وكان الأقباط والكنائس المسيحية أيضاً هدفاً للانتقام العنيف في بعض الأماكن.
كما صدرت عدة تهديدات بالقتل ضد رسامي الكاريكاتير والصحيفة، مما أدى إلى اختفاء رسامي الكاريكاتير.
ووصف رئيس الوزراء الدانماركي السابق أندرس فوغ راسموسن آنذاك المشهد بأنه أسوأ حادث للعلاقات الدولية في الدنمارك منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي مقابلة مع مجلة إسبانية عبّر غونتر غراس عميد الأدباء الألمان عن رأيه صراحة في الرسوم المسيئة للنبي محمد، واصفا إياها بأنها مهينة ومؤذية لمشاعر المسلمين حول العالم، وأكد غونتر غراس أن نية الصحيفة الدنماركية في استفزاز مشاعر المسلمين كانت واضحة، وشبه الرسوم برسوم معادية لليهود نشرتها صحيفة ألمانية قبيل الحرب العالمية الثانية، وتابع غراس: «أن ردات الفعل الإسلامية الغاضبة ضد نشر الرسوم متوقعة وغير مفاجئة وتأتي في إطار دوامة من العنف العالمي فجرها الغرب بدعمه للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن في غزوه المخالف للقانون الدولي للعراق.» مضيفا: «إن تذرع الغربيين بالدفاع عن حرية الصحافة كمبرر لنشر الرسوم الكاريكاتيرية يظهر تجاهلهم عمدا لحقيقة تعبير الصحافة الغربية عن مصالح الشركات الاستثمارية العملاقة الممولة لها والمتحكمة في توجيه وقيادة الرأي العام بصورة أفقدته القدرة على التعبير عن رأيه الحر».
كما أكد البرتغالي جوزيه ساراماجو الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 1998، أن نشر هذه الرسوم لاتخضع إلى مسألة الرقابة الذاتية بقدر ماهى تعبير عن خطاب كراهية لايزال يطارد الإسلام داخل قلاع وقصور الأنظمة الغربية المتطرفة .