رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

ما لم تتوافر شروطه.. خبراء يحذرون: ” التعويم الجديد”.. أزمة جديدة أكثر شراسة

المصير

الأحد, 10 ديسمبر, 2023

01:07 م

كتبت: روئ حسنين
أثار الحديث عن تحرير سعر الصرف المحتمل "التعويم الجديد" ، حالة من الجدل بين أوساط المجتمع الاقتصادي، حيث حذر خبراء اقتصاديون في تصريحات ل" المصير" من كارثة اقتصادية قد تضرب الاقتصاد المصري حال الإقدام على هذه الخطوة مجددا، وذلك لأن الظروف غير مواتية تماما لإتخاذ هذا القرار ، وأن الشروط اللازمة له غير متوفرة بالاقتصاد المحلي ، ما يجعل ضرر التعويم أكبر كثيرا من نفعه المستهدف.

فيما رأى أخرون أن تعويم الجنيه أمر له ضرورة ملحة لإنقاذ قطاع الصرافة ،والذي أوشك على الانهيار ، من بين أنياب السوق الموازية " السوق السوداء" والتي بالغت في افتراسه الأشهر الأخيرة حتى كبدته خسائر فادحة، مشيرين إلى أن التعويم سيعمل على طرح سعر موحد متوازن بين السوق الرسمي والموازي ما من شأنه القضاء على السوق السوداء او الحد كثيرا من انتعاشها على أقل تقدير.

ويترقب الشارع المصري قرارا بتعويم جديد لسعر الجنيه مع مطلع 2024 ، وذلك التزاما بسياسية سعر الصرف المرن الذي يعد عنصرا اساسيا في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لإقراض مصر مبلغ 3 مليارات دولار ، والذي تم ابرامه العام الماضي 2022.

ويعد تعويم الجنيه المرتقب هو التعويم الرابع لقيمة الجنيه أمام العملات الاجنبية في العامين الأخيرين، فكان التعويم الأول في مارس 2022، حيث انخفضت قيمة الجنيه من مستوى 15.77 جنيه للدولار إلى مستوى 19.7 جنيه للدولار بتراجع 25 %، والتعويم الثاني في أكتوبر 2022، وانخفض الجنيه من مستوى 19.7 جنيه للدولار إلى مستوى 24.7 جنيه للدولار، بتراجع 25.4 %، و التعويم الثالث فكان في يناير 2023 ، وانخفض الجنيه من مستوى 24.7 جنيه للدولار إلى مستوي 30.80 جنيها للدولار بتراجع 30 %، ليكون إجمالي نسبة التراجع في قيمة الجنيه مقابل الدولار خلال عامين، ما يقارب 100% .. وعلى أثر ذلك ارتفع التضخم السنوي بعد التعويم الثالث إلى أكثر من 35%.

ويترواح سعر الدولار بالسوق السوداء ما بين 47 و 50 جنيها ، وذلك مقابل 30.80 جنيها بالسوق الرسمي من البنوك وشركات الصرافة، لتتسع الفجوة في سعر الدولار بين السوق الرسمي والسوق السوداء بشكل كبير وغير مسبوق لتسجل ما بين 16 و 19 جنيها ، واتخذ الدولار رحلته الصعودية لهذه القيمة فما يقرب من عام، حيث بدأ بعد التعويم الثالث في يناير ٢٠٢٣، غير أن خطواته باتت متسارعة في الاشهر الاخيرة بشكل ملحوظ ، وذلك نتيجة زيادة الاقبال على السوق السوداء ، وذلك في ظل الاتساع المتواصل في الفارق بين السعر الرسمي والموازي وزيادة إغرائها لمتداولي العملة، ما مهد لها الطريق للانتعاش ، بحسب أراء خبراء.

وكشفت الدكتورة سهر الدماطي الخبيرة المصرفية ونائب رئيس بنك مصر سابقا، عن رأيها بأن الإقدام على تحرير سعر الصرف مجددا " تعويم جديد " قد يؤدي لكارثة اقتصادية ، موضحة أنها الظروف التي يعانيها الاقتصاد المصري لا تسمح اطلاقا بتعويم سعر العملة، وأن التعويم له شروط واضحة لابد من توافرها لتجنب اي اضرار محتملة له.

وأوضحت أن الهدف من تعويم سعر العملة هو الوصول الى سعر توازني مرن بين السعر الرسمي والسعر بالسوق الموازي "السوق السوداء" ، وهو ما يساعد في الحد من انتشار السوق السوداء، لذلك لابد من توافر شرط اساسي وهو توفير العملة الاجنبية بما يكفي لتغطية احتياجات السوق، في هذه الحالة فقط يمكن الإقدام على خطوة التعويم ، مشيرة الى انه غير ذلك فإنه يصبح بمثابة الدوران في حلقة مفرغة لا غاية منها ولا هدف يمكن جنيه من ورائها.

(وسائل لتوفير العملة)
وتابعت: انه حال اتخاذ خطوة التعويم دون توافر المعروض الكافي من العملة الصعبة، ذلك سيؤدي إلى انخفاض كبير في قيمة الجنيه مقابل العملات الاجنبية، حيث سيكون السعر العادل للدولار مثلا مرتفع جدا امام الجنيه، بسبب نقص المعروض منه، ذلك الى جانب ارتفاع التضخم لما هو أكبر من الجاري حاليا، حيث أنه كلما انخفضت قيمة العملة المحلية كلما ارتفعت نسبة التضخم، ما سيتسبب في ازمات اقتصادية واجتماعية طاحنة، ذلك فضلا عن مواصلة السوق السوداء نشاطها وأن التعويم لن يحقق هدفه الرئيسي وهو القضاء على السوق السوداء للعملة.

وأكدت الدماطي ان زيادة المعروض الدولار وزيادة موارده امر لامفر منه، ولابد من تحقيقه بشكل عاجل، موضحة انه اصبح لدى مصر ادوات غير تقليدية تمكنت من توفيرها مؤخرا ، وهي من شأنها زيادة وفرة السيولة الدولارية والحد من الطلب على الدولار، منها اتفاقية تبادل العملات المحلية مع عدد من الدول منها الامارات العربية المتحدة، ويمكن امتداد هذه الاتفاقية لمزيد من الدول للحد من الضغط على الدولار كعملة رسمية وحيدة للتبادل التجاري، ايضا الانضمام لاتفاقية منظمة البريكس والتي تيتحلاعضائها تبادل العملات المحلية ، ايضا مقاضية القروض مع الصين والتي تيتح مقايضة القروض التي حصلت عليها مصر من الصين وتبلغ قيمتها 8.5 مليار دولار مقابل أسهم في الطروحات التي تطرحها الحكومة، ذلك إلى جانب الطروحات الحكومية لبيع بعض الشركات لمستثمرين وهو اتجاه جيدا جدا لجذب الاستثمار الاجنبي وحصد حصيلة كبيرة من الدولار.

وقال المهندس بهاء العادلي رئيس جمعية مستثمري بدر وعضو مجلس إدارة اتحاد المستثمرين، أنه لا يتوقع أن يكون هناك تعويم جديد لسعر الصرف على الأقل خلال الفترة القريبة المقبلة، مرجعا توقعه إلى عدم مواتية الظروف لاتخاذ هذه الخطوة، حيث أنه لايوجد وفرة في المعروض من الدولار، الامر الذي يجعل ازمة اشتعال اسعار الدولار بالسوق السوداء مستمرة حتى لو تم الإقدام على تعويم جديد.

واوضح ان وفرة المعروض من الدولار هي كلمة السر للقضاء على الازمة الاقتصادية الراهنة، وطالما أنه لم يتم تحقيق ذلك حتى الان فإن التعويم مرة رابعة هذه المرحلة لن يكون له أي جدوى بل على العكس، قد يتسبب في كثير من التداعيات الخطيرة منها مواصلة ارتفاع سعر الدولار امام الجنيه وارتفاع الاسعار.

ولفت العادلي الى ان نقص الدولار وصعوبة تدبيره، يحد من قدرة المصانع على توفير الخامات ومستلزمات الانتاج، كما انه يتسبب في عدم انتظام عجلة الانتاج، كذلك الارتفاع المتواصل في تكلفة الانتاج وعدم ثباتها.

(خسائر فادحة للصرافات)
من جانب أخر ، قال علي الحريري رئيس المجلس التنسيقي لشركات الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية، " تعويم الجنيه" ، هو الحل الأمثل للقضاء على السوق السوداء للعملات الاجنبية، والحد بشكل كبير من نشاطها، كما انه سيعمل على إستعادة شركات الصرافة لنشاطها من جديد، خاصة وأنها تعاني مما يشبه الشلل التام في عملها منذ نحو ٧ أشهر بسبب انتعاش السوق السوداء.

ورأى الحريري أن تحرير سعر الصرف هو أيضا حل جيد للوصول سعر أقرب ما يكون للسعر الحقيقي للجنيه مقابل الدولار الامريكي، وذلك وفقا لمعايير العرض والطلب، ذلك على الرغم من أن السعر الحقيقي المتوقع في هذه الحالة سيكون مرتفعا بشكل واضح وهو ما سيلقي بظلاله السلبية على اسعار مختلف السلع والمنتجات المحلية والمستوردة ، وذلك أمر لايمكن إغفاله.

لذلك شدد رئيس المجلس التنسيقي لشركات الصرافة، على ضرورة الاستعداد جيدا قبل اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف، وذلك من خلال زيادة الايرادات الدولارية وتوفير المعروض اللازم من الدولار لتغطية احتياجات السوق،وذلك تجنبا لموجة تضخم كبيرة قد لا يتحملها المستهلك، خاصة وان التضخم قد بلغ حاليا مستوى غير مسبوق.

وكشف عن ان شركات الصرافة تتكبد خسائر فادحة، حيث انها شبه متوقفة، ما أدى الى خروج اكثر مم ٨٥% منها من السوق، حيث كانت تقدر ب ١٢٦ شركة قبل ٣ سنوات، الان لا يتجاوز عددها ٢٣ شركة، مشيرا الى انها مهددة بالاغلاق وتسريح العمالة وذلك نظرا لاستحواذ السوق السوداء على كامل حركة السوق، مبينا ان الفارق الكبير والذي يصل لنحو ٢٠ جنيها بين السوق الرسمي والسوق السوداء مغريا للغاية لمتداول العملة ما يضر شركات الصرافة يكبدها خسائر كبيرة.

وقال الحريري ان رحلة صعود سعر الدولار امام الجنيه بالسوق السوداء للوصول الى ذلك المستوى التاريخي والذي يترواح ما بين ٤٧ و ٥٠ جنيها، بدأت تدريجيا بعد قرار التعويم الاخير في يناير ٢٠٢٣، حيث تم تثبت السعر الرسمي للدولار ب ٣٠.٨٥ جنيها بالبنوك والصرافات، فيما كان يدور السعر بالسوق السوداء حول ٣٤ جنيها، ولكن مع زيادة الطلب على العملة في ظل نقص الموارد الدولارية وعجز البنوك على الوفاء بمتطلبات طالبي الدولار، انتعشت السوق الموازية واخذت تبالغ في السعر حتى اصبح مغريا وقادرا على سحب المستهلكين من السوق الرسمي للاستفادة بالفارق الكبير في السعر.

وجدد الحريري تحفظه على قانون البنوك الجديد والذي ينص على رفع الحد الادني لرأسمال شركة الصرافة من ٥ ملايين الى ٢٥ مليون جنيه، موكدا ان المبلغ كبير للغاية خاصة ما يجري بسوق العملات حاليا من ارتفاع كبير، كاشفا عن ان الشركات خسرت نحو ثلثي رأسمالها نتيجة ارتفاع اسعار العملات مؤخرا، مؤكدا ان الدور المهم لشركات الصرافة فهي رمانة الميزان لاسواق العملات ووجودها ضروري لضبط السوق والحد من انتشار السوق السوداء، فضلا عن انها جزء من نسيج الجهاز المصرفي والحفاظ عليها امر مهم للغاية.