رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

مبادرة الجزار لاعتزال الإخوان للحياة السياسية لمدة 15 سنة تثير ضجة.... هل تجري الجماعة مراجعات داخل السجون؟

المصير

الإثنين, 26 أغسطس, 2024

02:28 م

في مفاجأة غير متوقعة عرض القيادي الإخواني حلمي الجزار نائب القائم بأعمال مرشد الأخوان مبادرة جديدة للاقتراب خطوة من السلطة في مصر وإنهاء حالة العداء التام بينهما منذ 3 يوليو 2013.


تفاصيل مبادرة الإخوان


وفي المبادرة أعلن نائب القائم بأعمال مرشد الإخوان عن عدم التنافس على السلطة مجددًا والتخلي نهائيًا عن السياسة، مؤكدًا فيه أنه يرحب بأي مبادرة جادة من شأنها تحرير المسجونين السياسيين.

وأعلن الجزار أن عدم التنافس على السلطة لا يعني انسحاب التنظيم من العمل السياسي، الذي يظل جزءًا أساسيًا من مشروعهم الإصلاحي، مشيرًا إلى أن الجماعة تظل جزءًا أصيلًا من الشعب المصري تدافع عن حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وطرحت المبادرة التي عرضها الإعلامي ماجد عبدالله، عبر موقع يوتيوب. دعوة السلطات المصرية للتصالح مع الجماعة، مقابل عدم المشاركة في السياسة لمدة 20 عامًا. وأفاد عبدالله بأن الجزار طلب منه أن ينقل استعداد الجماعة للتصالح والتخلي عن العمل السياسي لهذه المدة.


تضارب وتناقض


البيان الرسمي للتنظيم والمبادرة التي طرحتها ماجد عبدالله تعكس تضاربًا وتناقضًا كبيرًا، مما يبرز ارتباك الجماعة وانقسامها الداخلي وتعدد أجنحتها، وفقًا للكاتب الصحفي والخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، هشام النجار.

ردود الفعل في مصر على مبادرة الإخوان: رفض شعبي ورسمي وتحليل للمشهد السياسي


الإعلامي أحمد موسى: الشعب قرر عدم التصالح مع جماعة الإخوان الإرهابية


أكد الإعلامي أحمد موسى أن حلمي الجزار، أحد قيادات الإخوان المعتقل لدى المخابرات البريطانية، يسعى للتصالح مع الدولة المصرية والتخلي عن السياسة. وخلال تقديمه برنامج "على مسئوليتي" على قناة "صدى البلد"، شدد موسى على أن الإخوان أساءوا للإسلام، ويهتمون فقط ببقاء تنظيمهم، مذكرًا بأحداث 2011 التي أظهرت نواياهم الحقيقية عندما أشعلوا الفتن في البلاد.

وأشار موسى إلى أن الشعب المصري قرر رفض التصالح مع الجماعة الإرهابية، مستذكرًا محاولات جماعة الإخوان للتفاوض من خلال جمعة أمين، الذي طلب من أحد المسؤولين المصريين عدم إعدام قيادات الجماعة مثل الشاطر وبديع ومرسي، مقابل العودة للساحة السياسية.

واختتم موسى حديثه بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي رفض التصالح مع من "خربوا وقتلوا ودمروا"، مشيرًا إلى أن ما بين الشعب المصري والجماعة هو "الدم فقط".


علاء مبارك عن المبادرة: لا أمان لتجار الدين


في رد فعل آخر، عبر علاء مبارك، نجل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، عن رفضه لما طرحته جماعة الإخوان بشأن التصالح مع الدولة. وكتب علاء في تدوينة عبر حسابه الرسمي على موقع "إكس": "لا أمان لتجار الدين".


مصطفى بكري: المبادرة ستزيد من حدة الانقسام داخل التنظيم


من جهته، قال الكاتب الصحفي وعضو مجلس النواب مصطفى بكري في تصريحات صحفية، إن المبادرة التي أطلقها حلمي الجزار وأعلنها إعلاميًا ماجد عبدالله، أثارت جدلًا واسعًا وخلافات حادة داخل صفوف جماعة الإخوان، خاصة بين جبهتي لندن وتركيا. وأضاف بكري أن هذه المبادرة ستزيد من حدة الانقسامات داخل التنظيم، مما سيعقد الأمور بينهم، بينما يعزز موقف الدولة المصرية ويؤكد انتصارها على الجماعة.


وأشار بكري إلى أن هذه المبادرة تعكس وصول الجماعة إلى مرحلة اليأس ونهاية مشروعها للعودة إلى الحكم، وفقدانها التأييد الشعبي بعد فشلها في تحقيق أهدافها. كما أوضح أن الضغوط التي يواجهها المحكوم عليهم في السجون دفعتهم إلى قبول أي حل يفضي إلى العفو عنهم.


ولفت بكري إلى أن تصريحات الجزار أثارت غضب واستياء داخل صفوف شباب الجماعة الذين طالبوا بحل التنظيم والتركيز على الأنشطة الحقوقية للدفاع عن المسجونين، معتبرين أن البيان الصادر عن التنظيم والمبادرة التي طرحها الجزار مجرد شأن داخلي يهدف إلى تعزيز الصراع على القيادة داخل التنظيم.


انقسام داخلي في الإخوان: جبهتان متصارعتان


تحت تأثير الملاحقات الأمنية ورفض المصريين لاستمرار الجماعة في المشهد السياسي، انقسم تنظيم الإخوان إلى جبهتين: الأولى في لندن بقيادة صلاح عبدالحق، الذي انتخب قائمًا بأعمال المرشد، وجبهة إسطنبول بقيادة الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين. وكل جبهة تنكر شرعية الأخرى، مما يعكس أعمق انقسام في تاريخ الجماعة الحافل بالخلافات.

باحث في شؤون الإسلام السياسي يؤكد: المبادرة انتهازية سياسية


قال الدكتور عمرو فاروق، الباحث والمتخصص في شؤون الإسلام السياسي، إنه يرى أن كلمة "مصالحة" كلمة مشبوهة وغير محددة المعالم، موضحًا أنها صورة من صور المتاجرة أو الانتهازية السياسية.


أضاف عمرو فاروق في حديثه لموقع "المصير الإخباري" أن جماعة الإخوان طرحت العديد من المبادرات من قبل في أوقات مختلفة، مشيرًا إلى أن قادة الجماعة يلعبون على عامل التوقيت. ففي هذه الأيام، يستغلون التقارب المصري-التركي والمصري-القطري، خاصة في ضوء التعاون بين الجانب المصري والقطري في الأزمة الفلسطينية.


أشار الباحث في شؤون الإسلام السياسي إلى أن جماعة الإخوان تستغل موضوع الزيارة المرتقبة للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تركيا، بالإضافة إلى استغلال حدث الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مؤكدًا أن هناك ضغوطًا تُمارَس من قبل الجماعة في الخارج عبر الولايات المتحدة، بهدف الحصول على دور في الحياة السياسية المصرية في المرحلة المقبلة.


أكد فاروق أنه إذا كانت جماعة الإخوان ترغب حقًا في المصالحة، فعليها أن تعترف بأخطائها تجاه المجتمع. وطالب قادة الجماعة بالخروج للجماهير والاعتراف بمسؤوليتهم عن العنف الذي وقع في الشارع المصري منذ يونيو 2013، وتحمل تبعات ذلك وتقديم الاعتذار.


كما طالب فاروق قادة الجماعة بالاعتراف بتبني منهجية التكفير التي انتابت العقل الجمعي العربي على مدار السبعين عامًا الماضية، والانحرافات الفكرية لسيد قطب وحسن البنا وغيرهم من قيادات التنظيم سواء داخل مصر أو خارجها.


وطالب فاروق أيضًا قادة الجماعة بالخروج للشارع المصري والإعلان عن إجراء مراجعات على المستوى الفكري والسياسي والحركي أو التنظيمي، والإعلان عن التخلي عن مفهوم دولة الخلافة والالتزام بضوابط الدولة المصرية والقومية العربية. كما دعا إلى إعلان حل الجماعة وتنظيمها داخل مصر، والانصهار داخل مؤسسات الدولة المصرية، دون وجود مشروع فكري أو سياسي أو دعوي. وأكد أيضًا على ضرورة إعلان فك التنظيم الدولي للجماعة وتفكيك الإمبراطورية الاقتصادية للتنظيم، بمعنى إلغاء مفهوم التنظيم سواء داخليًا أو خارجيًا.


وأكد الباحث عمرو فاروق أن المبادرة تعكس انتهازية سياسية، مشيرًا إلى أن الجماعة لم تمارس السياسة في مصر بشكل فعلي منذ 2013، وبالتالي لا تملك قرار الابتعاد عن ممارسة السياسة من عدمه. كما أشار إلى أن النظام المصري لا يحتاج إلى شرعية من الجماعة، حيث أن النظام قائم ويعمل وله مؤسسات وجاء عن طريق صندوق انتخابي.


أكد فاروق أن جماعة الإخوان من خلال هذه المبادرة تريد العودة إلى الحياة السياسية المصرية بشروطها. وتساءل: "ماذا قدمت الجماعة لمصر حتى يتم الإفراج عن أعضاء مكتب الإرشاد وقبول المبادرة التي تطرحها؟" مشيرًا إلى أنهم حولوا الأزمة السياسية إلى أزمة دينية ومارسوا العنف ضد المصريين.


أضاف فاروق أنه يرى أن النظام السياسي في مصر والرئاسة يرفضان تمامًا مقترحات الإخوان، ويرفضان الجلوس مع قادة الجماعة على أي مائدة سواء محلية أو عربية أو دولية، رغم وجود ضغوط تُمارس على النظام المصري من أجل المصالحة معهم والإفراج عن بعض قيادات مكتب الإرشاد.


أكد فاروق كذلك أن القيادة السياسية في مصر لديها قناعة تامة بأن جماعة الإخوان لن تتخلى عن السعي للوصول إلى السلطة، ولن تتراجع عن محاولاتها للتغلغل في مؤسسات الدولة، ولن تتخلى عن مشروعات تكفير الأنظمة السياسية وتجهيل المجتمعات العربية.


وفي النهاية، أكد الباحث في شؤون الإسلام السياسي عمرو فاروق أن المبادرة هي مجرد متاجرة سياسية، مشيرًا إلى أن الإخوان لم يقدموا شيئًا للمجتمع ولن يقدموا شيئًا، وإنما يسعون لاستغلال فرصة الخلاص من "العشيرة السوداء"، لإعادة ترتيب أوراقهم وتنظيمهم مرة أخرى.