في ظل حالة الزخم التي تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية، وخصوصاً ما يعانيه الحزب الديمقراطي من انقسام بشأن استمرار مرشحه جو بايدن، فقد تصدر اسم السيدة الأولى جيل بايدن العناوين باعتبارها الأكثر تأثيراً في قرارات زوجها، لكن ذلك أضاف بالتبعية أيضاً اسم السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما كمرشحة بديلة، ومن قبلهما السيدة الأولى الأخرى التي ترشحت بالفعل هيلاري كلينتون، ليسلط كل ذلك الضوء على ما يوصف ب«التأثير الناعم» داخل القصور الرئاسية.
جيل بايدن
وقفت السيدة الأولى جيل بجانب زوجها طوال حياته المهنية الممتدة لعقود من الزمن، منذ أن كان عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير حتى أصبح القائد الأعلى للقوات المسلحة، وغالباً ما كانت بمثابة الصوت الحاسم وراء العديد من خيارات زوجها السياسية.
وبينما يلجأ الرئيس في كثير من الأحيان إلى عائلته بشأن القرارات الكبيرة، فإن جيل هي من بين مجموعة قليلة من كبار المستشارين الذين يتمتعون بأكبر قدر من التأثير في الرئيس ويمكن أن يساعدوه في النهاية في تحديد ما إذا كان الوقت قد حان للخروج من السباق.
وبعد يوم واحد من الأداء الكارثي لزوجها في المناظرة الرئاسية الأولى، وقفت جيل بايدن أمام مانحين أثرياء في حفل لجمع التبرعات في نيويورك وحاولت شرح ما شهدوه جميعاً. وقالت لهم: «لن ندع 90 دقيقة تحدد السنوات الأربع التي قضاها كرئيس». وأضافت: «عندما يسقط جو، ينهض من جديد، وهذا ما نفعله اليوم».
أقوى امرأة في العالم
مع ضغوط نخب ديمقراطية على الرئيس بايدن من أجل دفعه إلى الانسحاب من السباق الرئاسي، ظهر اسم السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما كمرشحة رئاسية محتملة، باعتبارها شخصية محبوبة وملهمة في المجتمع الأمريكي، وكان لها دور كبير في نجاح زوجها باراك أوباما، سواء خلال حملته الانتخابية أو خلال وجودهما في البيت الأبيض.
ولدت ميشيل أوباما سنة 1964 لعائلة فقيرة في شيكاغو، حيث عاشت في نفس الغرفة مع شقيقها وشاركته في سرير بطابقين.
وتقول في مذكراتها إنها عندما كانت طفلة لم تكن تحلم بالبيت الأبيض على الإطلاق، بل أرادت «منزلاً من طابقين به درج وعربة بأربعة أبواب وكلب»..
وفي عام 2010، صنفتها مجلة «فوربس» كأقوى امرأة في العالم، لافتة إلى أن الأمريكيين أحبوا السيدة الأولى وقتها أكثر من زوجها الرئيس.
وثارت أنباء عن ترشح ميشيل للرئاسة في عام 2023، وذلك رغم قولها في عام 2019، إن فرص ترشيحها كانت صفراً، أما زوجها أوباما فقد علق على ذلك بروح الدعابة قائلاً: «هناك ثلاثة ثوابت في الحياة: الموت، والضرائب، وعدم ترشح ميشيل للرئاسة».
سيدة البيت الحديدية
أما هيلاري كلينتون والتي خاضت تجربة العمل السياسي كاملة، سواء من خلال مناصبها الحزبية أو عملها كوزيرة للخارجية وانتهاء بخوضها غمار سباق الانتخابات الرئاسية أمام دونالد ترامب نفسه، والذي تمكن من هزيمتها، فقد وُصفت خلال فترة وجودها إلى جوار زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون في البيت الأبيض بالسيدة «الحديدية».
وعندما كانت تلقب ب«السيدة الأولى»، لم يجد زوجها الرئيس كلينتون غضاضة في الاعتراف بدورها في رئاسته، معتبراً أن أمريكا عندما اختارته رئيساً لها اختارت معه رئيسة ثانية وهي هيلاري مع فارق واحد، وهو أن أمريكا تدفع راتب رئيس واحد.
وقد اختيرت في تلك الفترة بوصفها واحدة من أفضل 100 محام على مستوى الولايات المتحدة، كما أنها صبرت على نزوات زوجها العاطفية المتكررة.
إيفانكا لا ميلانيا
وفي الوقت الذي لم يظهر الدور الكبير لميلانيا ترامب كسيدة أولى في البيت الأبيض، فقد أطلت الابنة المدللة إيفانكا ترامب لتلعب دوراً كبيراً أثناء حملة ترشح والدها، وكذلك أثناء فترة وجوده في البيت الأبيض، لكنها بعد أحداث اقتحام الكابيتول قررت الابتعاد عن السياسة.
ويشير كتاب «السيدة الأولى» إلى خوض ميلانيا وإيفانكا «صراعاً داخلياً على السلطة» خلال السنوات الأربع لشغل دور السيدة الأولى، وهو الدور الذي حاولت إيفانكا القيام به عندما لم تنتقل ميلانيا على الفور إلى البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترامب.
ويوضح أن الابنة الكبرى كانت لديها خطط لإلغاء منصب السيدة الأولى بشكل أو بآخر بالسيطرة على مقرها، «لخدمة العائلة الأولى بأكملها، وليس فقط السيدة الأولى».
بريجيت كلمة السر
وبعيداً عن الولايات المتحدة، فإنه لا تكاد أخبار سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون، تتوارى عن الأنظار، منذ انفصالها عن زوجها ووالد أطفالها الأربعة لترتبط بماكرون الذي كان يصغرها بربع قرن، ثم تتزوّجه وتسانده في معركته للرئاسة وتدخل معه «الإليزيه» لتصبح سيدة فرنسا الأولى.
ورغم زواجهما قبل 15 عاماً، فإن علاقتهما تعود إلى المدرسة الثانوية، حيث كان تلميذها وقتها وعمره 15 عاماً، ثم ظلا على اتصال حتى التحق ماكرون بالكلية.
وعن دورها في حياته يقول ماكرون إنه مدين لها بالكثير وعلى الدوام، حين قال في إحدى خطاباته: «أنا مدين لها بالكثير، لأنها ساهمت فيما أنا الآن عليه».
أكشاتا سوناك
شهدت بريطانيا العديد من زوجات رؤساء الوزراء ذوي الدور المؤثر، انتهاء بأكشاتا مورتي، وهي ابنة الملياردير الهندي نارايانا مورتي، أحد أشهر رجال الأعمال في البلاد والذي يلقب ببيل غيتس الهند، وقد كان لها دور كبير حتى قبل وصول زوجها إلى المنصب الكبير.
ولم تسعَ مورتي لأن تكون في دائرة الضوء، لكن صعود زوجها إلى أعلى منصب في السياسة البريطانية وضعها في دائرة التدقيق، وخاصة ملفهما الضريبي الذي كاد يطيح بمستقبل زوجها السياسي قبل تولي المنصب.
وكثيراً ما تتصدر شيري بلير عناوين الصحف بسبب أعمالها الخيرية وعقود الكتب.
شقيقة كيم وابنته
وبتوسيع الدائرة، فإن كيم يو جونغ الشقيقة الصغرى لزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، أصبحت صاحبة دور نافذ، ينتقل جزئياً في الوقت الحالي إلى ابنته الكبرى.
وفي عام 2014، أعلنت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية، تولي كيم يو جونغ، منصب نائبة مدير إدارة الدعاية في حزب العمال الكوري، وفي غضون عام أصبحت الرئيسة الفعلية لتلك الوكالة.
وكان والدها يشغل نفس المنصب في عهد والده، كيم إيل سونغ. ولكن من غير المعتاد بالنسبة لامرأة، حتى لو كانت عضواً في عائلة كيم، أن تصل إلى مثل هذه المناصب العليا داخل النظام الكوري الشمالي.