رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

بعد فوزهم في انتخابات الأردن... هل يقدم «طوفان الأقصى» قبلة الحياة للإخوان في الشارع العربي؟

المصير

الخميس, 12 سبتمبر, 2024

12:32 م

كتب :محمد أبوزيد


بعد مرور ما يزيد عن  عقد من الزمان من التراجع الحاد و الانحسار في كافة الأقطار العربية،وتحديدا  منذ 3  يوليو  2013، بعد أن تمت إزاحتهم من السلطة في مصر، أعلنت  الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن عن النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية لمجلس النواب ، والذي حازت فيه جبهة العمل الإسلامي التي تمثل جماعة الإخوان  - على 31 مقعداً من أصل 138 مقعداً.


ورغم أن تقدم حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض، في الانتخابات الراهنة يعد غير مسبوق مقارنة بآخر مجالس نيابية انتخبها الأردنييون، إلا أنه لم يحصد غالبية المقاعد داخل المجلس الحالي.


وبلغ عدد مقاعد الجبهة في البرلمان الماضي 10 مقاعد من أصل 130 مقعداً، و16 مقعداً في انتخابات 2016، بينما حازت الحركة الإسلامية في المملكة على أفضل نتائجها عام 1989 بحصولها على 22 مقعداً من أصل 80 مقعداً في البرلمان آنذاك.


وقد آثار هذا الفوز  جدلاً واسعا وتساؤلات كبيرة وكثيرة  حول دلالاته ، وتأثيره المحتمل على مسار الإسلام السياسي في المنطقة بعد 11 سنة  من الانحسار


فهل هذا  الفوز ي  يشير إلى بداية دورة جديدة من دورات نمو الإسلام السياسي في المنطقة، أم أن الأردن حالة فريدة لا يمكن تعميمها.


وهل بدأ المنحني  البياني للإخوان في السير في الاتجاه المعاكس بعد سنوات طويلة  من الهبوط لاسفل


النتيجة الانتخابية في الأردن تأتي في سياق إقليمي متوتر، حيث شهدت العديد من الحركات الإسلامية انحساراً ملحوظاً، خاصة بعد ثورات الربيع العربي وما تبعها من تدخلات دولية وإقليمية. 


بيد أن جماعة الإخوان في الأردن استطاعت المحافظة على حضورها في الشارع السياسي والاجتماعي، مستفيدة من تاريخ طويل من العلاقات المعقدة مع النظام الملكي الأردني الذي تعامل بحذر ومرونة معها مقارنةً بالأنظمة الأخرى.

 

 وضع الإخوان المسلمين في باقي الدول العربية


لتقييم دلالات فوز الإخوان في الأردن، لا بد من النظر إلى وضع الجماعة في الدول العربية الأخرى. فعلى الرغم من النجاحات التي حققتها بعض الفروع الإخوانية في فترة ما بعد الربيع العربي، شهدت الجماعة تراجعاً حادا وكبيراً في العديد من الدول.

 

مصر: تمثل مصر المثال الأبرز على تراجع الإخوان المسلمين بعد ثورة 30 يونيو 2013 التي أطاحت بالرئيس محمد مرسي وحكم الإخوان. 


منذ ذلك الحين، خاضت الجماعة مواجهات شديدة مع الدولة  كان نتيجتها  اعتقال الآلاف من أعضائها، وتجريم الجماعة واعتبارها منظمة إرهابية.


وتراجع الإخوان في مصر كان له تأثير كبير على وضع الحركة في باقي الدول العربية، حيث كانت الجماعة تعتبر نموذجاً يُحتذى به.وهي الجماعة الأم لباقي الفروع في العالم.


تونس: في تونس، وبعد نجاح حركة النهضة، التي ترتبط فكرياً بجماعة الإخوان المسلمين، في الوصول إلى السلطة بعد الثورة التونسية، شهدت الحركة أيضاً تراجعاً تدريجياً. على الرغم من بقاء النهضة لاعباً رئيسياً في السياسة التونسية، إلا أن الأزمات الاقتصادية والسياسية الداخلية أثرت على شعبيتها، خاصة بعد الانقسامات داخل الحركة ومحاولاتها التكيف مع المشهد السياسي الجديد.

ليبيا: في ليبيا، ما زال الإخوان يلعبون دوراً هامشياً، وسط حالة من الفوضى السياسية والعسكرية المستمرة. ومع ذلك، فإن تأثيرهم محدود بالمقارنة مع الفصائل المسلحة والقيادات القبلية والسياسية الأخرى.

 

سوريا: في سوريا، ومع استمرار الحرب الأهلية، لم تتمكن الجماعة من لعب دور سياسي كبير رغم مشاركتها في المعارضة المسلحة في بعض المراحل. استمرارية الحرب وتدخل القوى الدولية قللت من فرص الإخوان في استعادة مكانة سياسية مؤثرة.

 

المغرب: حالة المغرب تختلف عن باقي الدول العربية، حيث تمكن حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي من البقاء في السلطة لعدة سنوات، رغم التحديات الاقتصادية والسياسية. إلا أن هذا التواجد لم يكن مصحوباً بتوسع في نفوذ الإسلام السياسي على المستوى الإقليمي.


دلالات فوز الإخوان في الأردن ؟

فوز الإخوان في الأردن يمكن أن يعتبر مؤشراً على عودة محتملة للإسلام السياسي في المنطقة، لكنه قد يعكس أيضاً حالة خاصة بالأردن. على عكس مصر ودول أخرى، لم تشهد الأردن تحولات جذرية في النظام السياسي أو الثورة الشعبية التي أطاحت بالأنظمة، بل اتسم النظام السياسي الأردني باستمرارية واستقرار نسبيين، رغم الضغوط الاقتصادية والسياسية.


إحدى النقاط الجديرة بالتوقف عندها هي أن فوز الإخوان المسلمين في الأردن يأتي في وقتٍ حساس، حيث يشهد العالم العربي تحولات كبيرة، بعد عملية طوفان الأقصى وحرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة  وتأثيرها على الوضع الإقليمي.


حركة الإخوان في الأردن قد تكون استفادت من التوترات الإقليمية، وخاصةً ما يرتبط منها بالقضية الفلسطينية.


علاقة طوفان الأقصى بالنتائج الانتخابية


من الجدير بالذكر أن فوز الإخوان المسلمين في الانتخابات الأردنية تزامن مع تصاعد مع  معركة "طوفان الأقصى" التي خاضتها المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل. هذا التطور، الذي جاء في إطار صراع طويل حول المسجد الأقصى والحقوق الفلسطينية، أثار تعاطفاً واسعاً في العالم العربي والإسلامي، وكان له تأثير على الشارع الأردني الذي يعتبر القضية الفلسطينية جزءاً من هويته القومية والسياسية.


لا يمكن إغفال أن جماعة الإخوان المسلمين في الأردن لطالما كانت من أبرز الداعمين للقضية الفلسطينية، مما جعلها تحظى بشعبية كبيرة بين الأردنيين، خاصة في أوقات التصعيد. ومن المحتمل أن يكون لتزايد المشاعر المؤيدة لفلسطين تأثير على نتائج الانتخابات البرلمانية، حيث لجأ الناخبون إلى دعم القوى التي تعبر عن هذا التوجه، وعلى رأسها الإخوان المسلمون.

 


فرص عودة الإسلام السياسي إلى الحياة السياسية


يبقى السؤال المركزي هنا: هل يمكن اعتبار فوز الإخوان المسلمين في الأردن بداية لعودة الإسلام السياسي إلى الحياة السياسية بعد عقد من التراجع؟ الإجابة على هذا السؤال تتطلب نظرة شاملة على السياق الإقليمي والدولي. فبعد عقد من التحولات الكبرى التي شهدها العالم العربي منذ ثورات الربيع العربي، أصبح من الواضح أن الإسلام السياسي يمر بفترة صعبة، لكن هذا لا يعني أنه انتهى بشكل كامل.


ما حدث في الأردن قد يكون بمثابة "صحوة محلية" أكثر من كونه مؤشراً إقليمياً. الاستقرار النسبي الذي يشهده الأردن، مقارنة بالدول الأخرى التي عانت من الفوضى والحروب الأهلية، قد سمح لجماعة الإخوان بالحفاظ على مكانتها السياسية. وعلى الرغم من الانتصار الذي حققته الجماعة في الانتخابات، إلا أن طريق عودتها للمشهد السياسي في باقي الدول العربية خاصة مصر ما زال مستبعدا، فمنذ أسابيع عرضت الجماعة مبادرة عبر القيادي حلمي الجزار مفادها اعتزال الحياة السياسية تماما لمدة تزيد عن 15 سنة مقابل إطلاق سراح المعتقلين، وقوبلت المبادرة بتجاهل تام من قبل السلطة، وهو ما يعني أن وضع الجماعة في مصر ما زال في ذاكرة السلطة متوقفا عند 2013