يواصل موقع المصير في هذه الحلقة نشر مقالات الكاتب الصحفي الكبير أيمن شرف مكتشف ومقدم إبراهيم عيسى لعالم الشهرة والأضواء، تتناول تلك المقالات وعددها 5 مقالات بالتفاصيل والأدلة الموثقة علاقة إبراهيم عيسى بالمخابرات الإسرائيلية، وإلى نص المقال
ما هو "معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط" (ميمري) الذي يرأسه فرنانديز صديق إبراهيم عيسى؟
ومن هم ضباط المخابرات العسكرية الإسرائيلية الذين يديرونه ويشغلون فرنانديز الذي يشغل عيسى؟
لكي أجيب على هذه الأسئلة أقتبس هنا من مقالين مطولين للكاتب البريطاني برايان ويتاكر.. الأول منشور في الجارديان وعنوانه "انتقائية دميمري" منشور بتاريخ (الاثنين 12 أغسطس 2002)، الرابط لمن يريد قراءة الأصل بالإنجليزية:
https://www.theguardian.com/world/2002/aug/12/worlddispatch.brianwhitaker
والثاني منشور في موقع "الإعلام والمجتمع العربي" [Arab Media & Society] بتاريخ 1 مارس 2005
عنوانه "عربسات تستقبل معالجات "ميمري" ورابطه:
https://www.arabmediasociety.com/arabsats-get-the-memri-treatment/
معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط [ميمري] الذي يدعي أنه مستقل يترجم مقالات من الصحف العربية.. ويُرسلها إليَّ كل بضعة أيام مجانًا عبر البريد الإلكتروني، وهذه الرسائل تُرسل أيضًا إلى سياسيين وأكاديميين وصحفيين كثيرين آخرين.
معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط (ميمري) مقره واشنطن، وافتتح مؤخراً مكاتب له في لندن وبرلين والقدس.
يتلقى المعهد دعما لأنشطته من دافعي الضرائب الأمريكيين باعتباره منظمة "مستقلة غير حزبية وغير هادفة للربح"، ويتمتع بالإعفاء الضريبي بموجب القانون الأمريكي.
الموضوعات التي يختارها (ميمري) للترجمة تصور شخصية العرب بشكل سيء أو تدعم الأجندة السياسية لإسرائيل، وقد قال إبراهيم هوبر من مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية لصحيفة واشنطن تايمز إن: "ميمري يبحث عن أسوأ الاقتباسات الممكنة من العالم الإسلامي ويسعى لنشرها على أوسع نطاق ممكن".
ورغم أن (ميمري) يدعي أنه يقدم ترجمات من وسائل الإعلام العبرية إلا أنني لا أتذكر أنني تلقيت أياً منها.
الأدلة المتوفرة من الموقع الإلكتروني لمعهد (ميمري) تؤكد على "استمرار ارتباط الصهيونية بالشعب اليهودي وبدولة إسرائيل".
المعهد لا يذكر على موقعه أي اسم للاتصال به، ولا يذكر عنوانه، والسبب في هذا الغموض والسرية يتضح عندما نعرف من يقفون وراءه، مؤسسه ورئيسه والمالك المسجل لموقعه على شبكة الإنترنت إسرائيلي يُدعى يجال كارمون [Yigal Carmon]، كولونيل (عقيد) سابق أمضى 22 عامًا في المخابرات العسكرية الإسرائيلية وعمل لاحقًا مستشارًا في مكافحة الإرهاب لرئيسي وزراء إسرائيليين إسحاق شامير وإسحاق رابين.
من بين قائمة موظفيه ستة أشخاص يصف الموقع ثلاثة منهم - بينهم العقيد كارمون - بأنهم عملوا لصالح المخابرات الإسرائيلية، ومن الثلاثة الآخرين شخص خدم في سلاح المعدات التابع للقيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي.
شاركت العقيد كارمون في تأسيس (ميمري) سيدة اسمها ميراف ويرمسر، هي أيضًا مديرة مركز سياسات الشرق الأوسط في معهد هادسون في إنديانابوليس، والذي يصف نفسه بأنه "المصدر الأول لأمريكا للأبحاث التطبيقية حول تحديات السياسة المستمرة".
"ويرمسر" هي مؤلفة بحث أكاديمي عنوانه "هل تستطيع إسرائيل أن تحيا ما بعد الصهيونية؟" ترى فيه أن المثقفين الإسرائيليين اليساريين يشكلون "ما هو أكبر من مجرد تهديد عابر" لدولة إسرائيل، ويقوضون روحها ويحدون من إرادتها في الدفاع عن النفس.
أي شخص يقرأ الصحف العربية بانتظام لا بد أن يدرك أن العناصر التي يبرزها معهد (ميمري) هي تلك التي تتناسب مع أجندته والتي لا تمثل محتوى الصحف ككل، ومكمن الخطر في أن كثيرين من أعضاء مجلس الشيوخ والكونجرس و"صناع الرأي" الذين لا يقرأون اللغة العربية وإنما يتلقون فقط رسائل البريد الإلكتروني من معهد (ميمري) تترسخ لديهم فكرة أن هذه الأمثلة المتطرفة ليست مجرد نماذج تمثيلية بل إنها تعكس أيضًا سياسات الحكومات العربية.
العقيد كارمون مؤسس (ميمري) حريصٌ على تشجيع أعضاء مجلس الشيوخ والكونجرس و"صناع الرأي" على هذا الاعتقاد، وقد صوّر في شهادة أمام لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب واشنطن الإعلام العربي على أنه جزء من نظام واسع للتلقين العقائدي الذي ترعاه الحكومات.
وقال إن "وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة الحكومات العربية تنقل للناس كراهية للغرب وللولايات المتحدة على وجه الخصوص"، "وقبل 11 سبتمبر كنا نجد بشكل متكرر مقالات تدعم علانية شن هجمات إرهابية ضد الولايات المتحدة أو حتى تدعو إليها"، وقال إن "الولايات المتحدة تُقارن أحياناً بألمانيا النازية، ويُقارن الرئيس بوش بهتلر، وغوانتانامو بالأوشفيتز (المحرقة)".
وللأسف بنيت جوانب كثيرة من السياسة الخارجية الأمريكية هذه الأيام على أساس مثل هذه التعميمات المنحازة باكتساح.
في العلاقات بين الغرب والعالم العربي تُشكِّل اللغة حاجزًا يديم الجهل ويمكن أن يؤدي بسهولة إلى سوء التفاهم.
وكل ما يتطلبه الأمر هو مجموعة صغيرة من الإسرائيليين لكنها نشطة لاستغلال هذا الحاجز من أجل تحقيق مآربهم وتغيير المفاهيم الغربية عن العرب نحو الأسوأ.
الخلفية السياسية لمن يديرون معهد (دميمري) تقوض ادعاءاته بالحياد، وتساعد في تفسير أجندته عند اختيار مقتطفات للترجمة، وقد قال السفير الأمريكي السابق وليام روج في مؤتمر صحفي عقد في الإمارات عام 2002 إن "اقتباسات (ميمري) يتم انتقاؤها لتصوير العرب على أنهم يدعون لكراهية اليهود والغربيين، ويشيدون بالعنف ويرفضون أي تسوية سلمية للقضية الفلسطينية".
نظرًا للنقص النسبي في الترجمات الأخرى من وسائل الإعلام العربية كان تأثير (ميمري) كبيرًا - خاصة في الولايات المتحدة، وكما يقول السفير السابق روج تم الاستشهاد بترجمات المعهد في أكثر من 350 مقالا في الصحف الأمريكية في فترة 17 شهرا حتى يناير 2003، وتنقل عنه صحيفة واشنطن تايمز مرة واحدة كل شهر في المتوسط، وتنقل عنه وول ستريت جورنال في كثير من الأحيان، كما يستخدمه توماس فريدمان كاتب نيويورك تايمز المؤثر في الشرق الأوسط بشكل متكرر.
هنا ينتهي الاقتباس من مقالتي كاتب الجارديان البريطاني برايان ويتاكر، وللعلم كتب وايتاكر مقالاً آخر في البيان الإماراتية عنوانه "مافيا «مراكز الابحاث» تضع جداول العمل للسياسة الأميركية الخارجية" حول (ميمري) وغيره من مراكز الأبحاث، الرابط:
https://www.albayan.ae/five-senses/2002-08-25-1.1340960
وللعلم أيضاً ليس ويتاكر وحده الذي كتب ملاحظاته على طبيعة هذا المعهد "الإسرائيلي- اليميني- الأمريكي" وأهدافه وأجندته الحقيقية، مثلاً كتبت ريما بركات [Rima Barakat]، وهي ناشطة فلسطينية ومسلمة أمريكية وكانت مرشحة جمهوريّة لعضوية مجلس ولاية كولورادو في صحيفة [Rocky Mountain News] في 2006 عن "أمثلة مطولة على فبركات (ميمري) المنحازة تماماً لإسرائيل في الترجمات التي ينتقيها، وكتب علي غريب [ALI GHARIB] في 12 أغسطس 2011 في "ثينك بروجرس" الرابط:
https://archive.thinkprogress.org/state-department-grants-200k-to-discredited-neocon-aligned-middle-east-media-watchdog-a510f8b847c8/
عن "تمويل [ميمري] بمنح إضافية من وزارة الخارجية الأمريكية بخلاف ميزانيته (بملايين الدولارات) التي يحصل عليها من دافعي الضرائب الأمريكيين"، وعن أن (ميمري) "جذب أيضا -إلى جانب الصحفيين والجمهور- انتباه الحركات الأوروبية والأمريكية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعداء للمسلمين، واقتبس "البيان الرسمي" للإرهابي النرويجي اليميني المعادي للمسلمين أندريس بريفيك [Anders Breivik] مقتطفات من ترجمات (ميمري) في ستة عشر موضعا"، وعن أن "مجلس إدارة (ميمري) ومجلس مستشاريه هو بالكامل من مؤيدي اليمين لإسرائيل - بما في ذلك كثير من شخصيات المحافظين الجدد وحلفائهم المقربين - مثل إليوت أبرامز وجون بولتون وستيف إيمرسون ونورمان بودوريتز وآلان ديرشوفيتز.