رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

”جوتيريش والمادة ٩٩”.. نهاية حرب غزة أم شهادة وفاة للأمم المتحدة؟!

بعد استدعاءه أقوى أسلحته في وجه إسرائيل

المصير

الجمعة, 8 ديسمبر, 2023

08:07 م

منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر ومع بداية الانتقام الإسرائيلي الوحشي على غزة ومع تتالي المجازر الدموية التي راح ضحيتها الآلاف من النساء والأطفال والعجائز، لم يتوانى سكرتير عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن إدانة القوة المفرطة الإسرائيلية تجاه المدنيين وتحميلها مسئولية الوضع الإنساني الكارثي الذي آل إليه الحال في قطاع غزة.
ورغم تردي الأوضاع في القطاع، احتاج مجلس الأمن أسابيع منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر الماضي، ليخرج عن صمته بعد رفض 4 مشاريع قرارات، ليتبنى في منتصف نوفمبر الماضي، قراراً دعا فيه إلى "هدن وممرات للمساعدات الإنسانية" في قطاع غزة، وهو القرار الذي ذهب أدراج الرياح مثلما الحال في كل القرارات التي وجهها مجلس الأمن أو الأمم المتحدة سابقا إلى إسرائيل.
ومن هذا المنطلق لم يجد جوتيريش أمامه إلا استدعاء أقوى أسلحته واستخدام صلاحيته القصوى بالإعلان عن تفعيل "المادة 99" من ميثاق الأمم المتحدة للمرة الأولى منذ توليه المنصب عام 2017، والتي تعد "أقوى أداة يمتلكها في إطار الميثاق"، محذراً في خطاب لمجلس الأمن الدولي من أن حرب إسرائيل على قطاع غزة "قد تؤدي إلى تفاقم التهديدات القائمة للسلم والأمن الدوليين".
وتنص المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، الذي وقّع في يونيو عام 1945 في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بنظام الهيئة الدولية، وأصبح نافذاً في أكتوبر من ذات العام: على أن "للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين.
وقد تباينت ردود الفعل الدولية تجاه إعلان جوتيريش ففي الوقت الذي رحب فيه البرلمان العربي ودول عربية وبعض من دول أمريكا اللاتينية وإسبانيا بتحرك السكرتير العام للمنظمة الأممية، فتحت حكومة الاحتلال الإسرائيلية النار على جوتيريش متهمة إياه بدعم حماس، حيث اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أن ولاية الأمين العام للأمم المتحدة تمثّل "تهديداً للسلام العالمي"، مضيفاً أن "مطالبته بتفعيل المادة 99 (من ميثاق الأمم المتحدة) والدعوة لوقف لإطلاق النار في غزة يشكّلان دعماً لمنظمة (حماس)".
كما هاجم المندوب الإسرائيلي الدائم لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان دعوة جوتيريش لمجلس الأمن، والتي اعتبرها "دليلاً على تحامله على تل أبيب"، مشيراً إلى أن الدعوة لـ"وقف إطلاق النار في غزة، هي دعوة إلى الإبقاء على حكم (حماس) بالقطاع".
ووصف إردان مواقف الأمين العام بأنها "مشوهة" و"لا تؤدي إلا لإطالة أمد القتال في غزة"، معتبراً أنه "بلغ مستوى جديداً من التدني الأخلاقي" عندما استخدم المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف: هذه "المادة لا يمكن الاحتكام إليها إلّا في حالة تهديد السلم والأمن الدوليين"، وأنه "بدلاً من الإشارة بوضوح إلى مسؤولية (حماس) عن الوضع ودعوة زعمائها إلى تسليم أنفسهم وإعادة الرهائن، وبالتالي إنهاء الحرب، اختار الأمين العام الاستمرار في العمل لحساب حماس".
وفي المقابل أوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أن تفعيل الأمين العام لـ"المادة 99" يعني بذلك "تفعيل السلطة التي يمنحها له الميثاق فيما يمكن أن يُوصف بالخطوة الدستورية الكبرى"، مبيناً أن "تفعيل المادة لم يحدث منذ عقود، وأن عدداً من الخطابات السابقة أشارت إلى التهديدات الماثلة أمام السلم والأمن الدوليين، ولكن دون الاستناد إلى هذه المادة.
وأرجع سبب تفعيل "المادة 99" إلى "اقترب الأمم المتحدة من نقطة الشلل التام لعملياتها الإنسانية في غزة، في مكان قُتل فيه حوالي 15 ألف شخص، و130 من العاملين بالأمم المتحدة".
وفي هذا السياق أكد الدكتور محمد حسين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على أن أنطونيو جوتيريش السكرتير، العام للأمم المتحدة لديه الحق في إبلاغ مجلس الأمن بأي تهديد قد يؤثر على السلم والأمن الدوليين في أي موقف وفي أي مكان في العالم، وله الحق في جذب انتباه مجلس الأمن من خلال تقديم تقرير له بذلك.
وأشار في تصريح خاص لـ «المصير» إلى أن مجلس الأمن يتألف من دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا التي تحمل حق الفيتو والتي يمكن لأي واحدة منها منع أي قرار يتعارض مع مصالح إسرائيل نظرًا لدعمهم لها، أما الصين وروسيا فيمكن أن يمتنعا أحيانًا عن التصويت أو يعترضا على بعض القرارات.
وأوضح أنه مع تفعيل المادة 99 في الميثاق التي تمنح السكرتير العام الحق في إبلاغ مجلس الأمن بتلك التحذيرات، وكتابة تقرير وفقًا للمادة ورفعه للمجلس، فقد وضع السكرتير العام وضع مجلس الأمن في موقف يستلزم المسؤولية الأخلاقية والقانونية والأدبية، ليعقد مجلس الأمن اجتماعًا لمناقشته، ومن ثم قد يقبله أو يرفضه وفقًا للتوافق بين أعضاء المجلس.
وأعرب عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة، التي تحتفظ بحق الفيتو، لا تدين إسرائيل، وبالتالي لن يتوقف القتال إلا بما تقوم به الجماعات المقاومة، مشجعًا على ضرورة تعزيز المواقف الإيجابية للدول العربية وفرض ضغوط على إسرائيل، مثل قطع العلاقات وطرد السفراء، من أجل تحقيق تأثير إيجابي في القضية الفلسطينية.
واليوم ومع نظر مجلس الأمن في جلسته، بناءا على طلب جوتيريش، استنادا إلى المادة ٩٩، تصاعد التوترات داخل قطاع غزة، والدعوة إلى وقف إطلاق النار، ومع اقتراب كافة أنشطة الأمم المتحدة من نقطة الشلل التام داخل قطاع غزة، يبرز التساؤل، هل يخرج مجلس الأمن بقرار ينهي الحرب في غزة ويوقف المأساة والكارثة الإنسانية وجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بالقطاع، أم يفشل مجلس الأمن كالعادة في اتخاذ قرار ملزم لإسرائيل ويكتب شهادة وفاة المنظمة الأممية التي وقفت عاجزة عن اتخاذ أي إجراء تجاه دولة المجازر الإسرائيلية.