تحليل يكتبه :محمد أبوزيد
شهدت سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد أمس تحركات عسكرية غير مسبوقة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حيث استغل الكيان الصهيوني الفراغ السياسي والعسكري الناتج عن انهيار السلطة المركزية في دمشق للقيام بتوغلات عسكرية مكثفة داخل الأراضي السورية.
احتلال أراضٍ جديدة وقصف واسع النطاق
توغل الجيش الإسرائيلي مسافة 14 كيلومترًا داخل الأراضي السورية، بالتزامن مع سلسلة غارات عنيفة ومتواصلة استهدفت دمشق وريفها، إضافة إلى حمص ودرعا وريف اللاذقية. وأفادت المصادر بأن الهجمات استهدفت مواقع استراتيجية تابعة للجيش السوري، بما في ذلك مستودعات أسلحة ومراكز بحوث علمية.
في دمشق، قصفت الطائرات الإسرائيلية مقر إدارة الحرب الإلكترونية في منطقة السيدة زينب، بالإضافة إلى غارات مكثفة على منطقة يعفور ومواقع أخرى. أما في ريف اللاذقية، فقد استهدفت الغارات مستودعات أسلحة في رأس شمرا والكورنيش والمشيرفة. كما شملت الهجمات مركز البحوث العلمية في برزة ومطار المروحيات في منطقة عقربا بدمشق.
تدمير شامل للبنية العسكرية السورية
تشير التقارير إلى أن القصف الإسرائيلي أدى إلى تدمير أسراب الطائرات الحربية في المطارات، وتفكيك منظومات الرادارات، وتدمير مستودعات الأسلحة. وأكدت إسرائيل أن الهجمات شملت مواقع تحتوي على أسلحة كيميائية وصواريخ بعيدة المدى، بحجة منع سقوطها في أيدي جماعات معارضة مسلحة وصفتها بأنها "متطرفة ذات أيديولوجية راديكالية".
أمن إسرائيل فوق كل اعتبار
في مؤتمر صحفي اليوم، صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بأن هدف إسرائيل الوحيد من هذه العمليات هو "حماية أمن إسرائيل ومواطنيها". وأضاف أن استهداف أنظمة الأسلحة الاستراتيجية يأتي كإجراء وقائي في أعقاب سقوط نظام الأسد، الذي غادر إلى روسيا عقب إعلان المعارضة السورية المسلحة السيطرة على دمشق.
تحويل سوريا إلى "فاتيكان بلا سلاح"
تكشف هذه التحركات عن نوايا إسرائيلية لتحويل سوريا إلى دولة منزوعة السلاح بالكامل، أشبه بدولة الفاتيكان، لضمان تفوقها العسكري في المنطقة وإضعاف أي تهديد مستقبلي لأمنها. ويرى مراقبون أن هذه السياسة الإسرائيلية تستغل الفوضى السورية لتكريس احتلالها وفرض واقع جديد في المنطقة.
ما وراء التوغلات الإسرائيلية؟
الخطوات الإسرائيلية الأخيرة، بما في ذلك توغلها داخل سوريا وشنها غارات واسعة النطاق، تطرح تساؤلات حول مدى قدرة المعارضة السورية على ملء الفراغ الأمني والسياسي. كما تشير إلى تصاعد التوترات الإقليمية واحتمالات انجرار سوريا إلى مزيد من الفوضى في ظل استغلال الكيان الصهيوني للوضع الراهن.
تداعيات الغارات الإسرائيلية
في الوقت الذي تنشغل فيه المعارضة السورية بإعادة ترتيب البيت الداخلي، تستمر إسرائيل في تكريس احتلالها وتوسيع نفوذها على حساب سيادة سوريا وأمنها. يبدو أن حلم سوريا المستقرة قد بات أبعد، في ظل غياب قوة وطنية قادرة على مواجهة المخططات الإسرائيلية.