أحمد عز
قبل ثورة يناير بشهور أصيب الملياردير أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب المنحل ووريث كمال الشاذلي وصفوت الشريف في الحزب الوطني المنحل بنوبة غطرسة وعجرفة غير مسبوقة في تاريخ العمل السياسي في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك.
قرر عز بإرادة منفردة متكئا على قوة الثروة والسلطة معا إسقاط جميع نواب المعارضة في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2010, لم يراجع أحد ولم يستمع لنصائح أحد، كل ما كان يسيطر على خياله و عقليته المتغطرسة أنه آن الأوان لنقل السلطة من مبارك الأب لمبارك الابن "جمال مبارك" الذي كان يرتبط بعلاقة صداقة وطيدة معه.
فعلها عز بمنطق "الغشومية"، كان أشبه ب"العافيجي" الذي يمارس البلطجة السياسية، فأراد عز أن يقول أن مدرسة كمال الشاذلي وصفوت الشريف وكل رجال مبارك ولي زمانها، نسي الصبي في السياسة أن المعلمين الكبار كانوا يمررون كل القرارات وينجزون كل المهمات بمعلمة وحرفية شديدة.
سقط كل نواب المعارضة بإستثناء واحد أو إثنين، ظن عز أنها ضربة "مرزبة" مصنوعة في مصانع الحديد التي يمتلكها، فكانت كذلك ولكنها أتت فوق رأسه، وفوق رأس السلطة والنظام، واشتعل النار في الهشيم الذي كان يغلي وينتظر عود الثقاب، وكان عز هو عود الكبريت الذي تسبب بغطرسته في إشعال ثورة يناير.
أحمد عز ، كان من اوائل الأشخاص الذين تم القبض عليهم، ومكث في السجن بضع سنين قضاها في محاكمات تتعلق بالفساد في رخصة حديد الدخيلة وغيرها من قضايا الفساد الكبرى، إلا أنه بعدها خرج من السجن كغيره من رموز عصر مبارك ونجله.
خرج عز مليئا بالحقد تجاه الشعب الذي أدخله السجن ولو حتى ساعات وأيام، كان يقول لنفسه كيف لملياردير الحديد أن يجلس خلف القضبان، كيف لمهندس البيزنس والسياسية أن ينام على "البورش" ولو حتى كان "بورشا من الفور سيزون".
كان يواسي نفسه قائلا "إذا كان الرئيس مبارك نفسه ونجله وعائلته يجلسون خلف القضبان، بس "معلش كبوة وتعدي"، هكذا كانت تحدثه نفسه دائما، لم يفكر يوما ما أن يراجع نفسه ويعتذر عما فعله، ويتوب إلى الله عما بدر منه من مفاسد كبرى في الحياة السياسية في مصر.
خرج عز من السجن وهو ما زال يعتقد أنه أعظم من هندس العملية السياسية في مصر، لم يتراجع لحظة عن طموحه السياسي، لم ينس للحظة أنه كان صاحب صولجان و"هيلمان" غير عادي في مصر بعد أن تولي أمانة التنظيم في الحزب الوطني، كان الجميع "يعمل ألف مليون حساب".
لم يصدق للحظة واحدة أن كل هذه السلطة والقوة قد ذهبت مع الريح، فراودته نفسه الامارة بالسوء سياسيا أن يعيد الكرة مرة أخرى، وقرر بعد خروجه من السجن أن يعود للحياة السياسية ويخوض الانتخابات البرلمانية قبل الماضية، فوصلته رسالة من فوق "ولا كلمة".
فتراجع مسرعا خائفا من العودة للبرش. وقرر أن يتوقف مؤقتا عن رؤية أفلام الخيال العلمي، ومشاهدة فيلم مستر إكس لفؤاد المهندس، وتراجع عشرات الخطوات للوراء، وعاد إلى منطقة البيزنس، ومصانع الحديد وحقق قفزات كبرى في إنتاج مصانعه بعد أن كانت قد قاربت على التوقف عن العمل نهائيا.
عاد عز للثروة والحديد، ولم ينس طموحه السياسي، فهو منذ أن كان عازفا للدرامز كهواية وليس كحرفة وهو يتوجه بناظريه إلى آفاق كبرى، كان دائما تسيطر عليه عقدة قصر القامة نسبيا، فكان يتطلع دائما لتعويض ذلك بالنفوذ والأموال معا.
يجلس عز فوق مليارات من الدولارات ينتظر اللحظة التي سيعود فيها للسلطة كما عاد للثروة وذلك عبر بوابة البرلمان الذي لم ينساه في يوم من الأيام.