مختار محمود
شرزمة قليلون جدًا مِن أرباب القلم والبيان والتبيان مَن يحتشدون في خندق الدفاع عن الإسلام ضد التيارات المعادية والكارهة من الداخل والخارج. ولعل الإعلامي الكبير والكاتب الصحفي البارز تهامي منتصر واحدٌ من هؤلاء المُنافحين بقلب سليم عن الدين الخاتم. فضلاً عن كونه من أحد أعمدة الإعلام الديني، عندما كان في مصر إعلام ديني، فإن "منتصر" يملك من الفصاحة وقوة البيان والجرأة نصيبًا موفورًا. نشأته الريفية وتعليمه الأزهري أكسباه قوة شخصية لا تخشى في الحق لومة لائم. لذا لم يكن مستغربًا أن يكون صاحب بصمة واضحة وكلمة متفردة في ظل الخصومة المُستعرة ضد الإسلام؛ لأسباب لم تعد تخفى على ذي عينين أو عين واحدة، حتى وإن انفضَّ عن المعركة وفرَّ من الميدان أناسٌ كنا نظنهم من الأبرار، وكان أولى بهم أن يكونوا في صدارة الصفوف الأولى، وليسوا بين القواعد!
"تاريخ الحرب على الإسلام..مصر مهد التوحيد والإيمان" هو أحدث مؤلفات تهامي منتصر. رابطة العالم الإسلامي العالمية تعقد غدًا بمقرها بوسط القاهرة ندوة لمناقشة هذا السِّفر العظيم بحضور قامات أدبية ونقدية مؤثرة. الكتاب –الصادر عن دار غُراب للنشر- يستعرض تاريخ الحروب علي الإسلام: دوافعها وأدواتها وصورها وأسرارها وكواليسها.
في مقدمة الكتاب..يقول "منتصر": "الحرب علي الإسلام حقيقة مشهودة، وليست ضربًا من الخيال، أو ظنًا من الإثم. هذا الدين المُسالم يدعو الناس إلي التوحيد والخير والسلام مع البشر والحجر والشجر والمدر، منذ انبثق فجره ولمع شعاعه في مكة المكرمة، ورغم هذا نال الإسلام حظًا وافرًا من الحقد والحسد، حرَّك نوازع الشر في قلوب المنكرين الكارهين، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وإن فريقًا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون، فأعلنوا الحرب علي الإسلام منذ فجره الأول، يشككون في إلهية القرآن، ويسبُّون النبي عليه الصلاة والسلام، ويتهمونه بأنه كذاب أشر، أومجنون وازدجر، حتي بلغت الحرب ذروتها، فتآمروا عليه؛ ليقتلوه، فهاجر فرارًا بدينه ودعوته إلي يثرب"، مضيفًا: "ثم تتوالى الحرب في صور شتى من مُدعي النبوة ومحاكاة القرآن بقول ساقط إلي فتن الفرق المارقة، حتي القول بخلق القرآن؛ فلما زحف الاستعمار واستقر في ديارنا أعمل رجاله ومطبعته يغير في المناهج، ويطعن في الدين إلي حرب أشد فتكًا، بعدما اجتمعت أوربا لتدعم جحافل المستشرقين العنصريين؛ ليشغبوا علي الإسلام، ويختلقوا شبهات تخيل على القاريء الفارغ؛ بقصد التشكيك في ثوابت الدين الإسلامي: قرآنا وسُنة وعقيدة".
وبحسب "منتصر"..فإنهم فشلوا في مسعاهم، مما دفعهم إلى تجنيد عملائهم في العالم العربي؛ لاسيما مصر؛ نكاية في الأزهر الشريف، قلعة الدين وحصن العقيدة وحارس اللغة، وأغدقوا المال عليهم ووفروا لهم كل وسائل النشر والإعلام ؛ وقدموا لهم فلسفة الحرب الجديدة ..العلمانية البغيضة ؛ يشككون في ذات الله وفي رسوله وفي قرآنه، بل وينكرون السنة النبوية وينكرون الحديث؛ وفق خطط وأساليب مدروسة في معهد بريمن الأمريكي، ومدفوعة الأجر مقدمًا من دوائر حاقدة لاتخفي على مسلم؛ فصاحت أفراخ العلمانية "تصوصو"، وهي غير قادرة علي التأثير والتغيير في نفوس المؤمنين بالله.
وفي موضع آخر..ينتقل المؤلف إلى أعداء آخرين قائلاً: "في ذات الوقت اُبتلي الإسلام بعدو آخر من الشيعة، يقولون بتحريف القرآن ونقصه، ومن الشيوعية ينقضون العروة الوثقي ويرفضون الله جُملة، ومن البوذية والعنصرية الكاثوليكية يذبحون المسلمين بالملايين ماداموا لم ينصرفوا عن الإسلام، مشددًا على أن الإسلام تعرض لكل هذه الحروب، ولم يشهر سيفه، بل أعلنها مُدوية: "حوار لامواجهة"، ما جعله قويًا راسخًا كالجبال الشوامخ، فلم يخسر المعركة، ولن يخسرها، بل هم الخاسرون، ولا يزال الناس من كل فج عميق يدخلون في دين الله أفواجًا.