في خضم الأنباء المتواترة حول موقف قطر من قادة حماس والمفاوضات حول غزة، ظهرت تساؤلات حول مستقبل وجودهم في الدوحة، وما إذا كانت هناك وجهات أخرى قد تستقبلهم حال قرروا مغادرتها. نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر مطلعة أن قطر أبلغت قادة حماس بأن مكتبهم في الدوحة لم يعد يوفر الفائدة المرجوة، في ظل الحديث عن التوصل إلى هدنة محتملة في غزة. إلا أن وزارة الخارجية القطرية سارعت إلى نفي هذه الأنباء، مؤكدة أن انسحاب قطر من المفاوضات أو طرد قيادات حماس لا أساس له من الصحة.
لكن رغم النفي القطري، يظل من المهم تحليل الخيارات المتاحة أمام قادة حماس، في حال طرأ تغيير فعلي على سياسة الدوحة تجاه وجودهم، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية. نستعرض هنا أربع دول قد تشكل ملاذاً لقادة الحركة في حال مغادرتهم قطر.
1. تركيا: حليف استراتيجي وداعم للقضية الفلسطينية
تُعد تركيا خياراً قوياً لقيادات حماس نظراً للعلاقات الوثيقة التي تربطها بالحركة، حيث تحتضن تركيا بالفعل بعض قادة حماس على أراضيها. كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لطالما أعلن دعمه الصريح لحقوق الفلسطينيين واستعداده لاستقبال قيادات المقاومة الفلسطينية. تُقدم تركيا بيئة سياسية آمنة نوعاً ما لحماس، فهي عضو في حلف "الناتو" مما قد يوفر نوعاً من الحماية الدولية.
لكن هناك تحديات أمام اعتماد تركيا كوجهة رئيسية، أهمها الضغوط الدولية المتزايدة على أنقرة، وخاصة من الولايات المتحدة وإسرائيل، للحد من أنشطة حماس على أراضيها. رغم ذلك، تظل تركيا من الخيارات المتاحة بقوة، نظراً لرغبة أردوغان في استخدام الملف الفلسطيني لتعزيز نفوذه في الشرق الأوسط وكسب شعبية داخلية.
2. ماليزيا: بيئة آمنة وداعمة إسلامياً
تعتبر ماليزيا خياراً آخر محتملاً، وهي معروفة بتأييدها الثابت للقضية الفلسطينية، حيث شهدت العاصمة كوالالمبور عدة فعاليات مؤيدة لفلسطين خلال السنوات الأخيرة. كما تربط ماليزيا وحماس علاقات جيدة على المستوى الرسمي والشعبي، وقد أعلنت الحكومة الماليزية سابقاً استعدادها لتقديم الدعم السياسي والإنساني للفلسطينيين.
ولكن ماليزيا قد تكون أقل ملاءمة من تركيا لاحتضان قيادات بارزين من حماس، نظراً لموقعها الجغرافي البعيد نسبياً عن المنطقة، ولعدم امتلاكها نفس الحماية العسكرية والدبلوماسية المتاحة في تركيا. كما أن كوالالمبور قد تتعرض لضغوط خارجية لعدم احتضان قادة الحركة، وخاصة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
3. إيران أو العراق: خيارات محتملة لكنها محفوفة بالمخاطر
تظل إيران خياراً آخر أمام قادة حماس، خاصة في ظل علاقتها الوثيقة مع فصائل المقاومة الفلسطينية مثل حركة الجهاد الإسلامي، ولكن هذا الخيار يأتي بتعقيدات خاصة. إذ إن احتضان إيران لقادة حماس قد يزيد من توتر العلاقات مع دول عربية أخرى، فضلاً عن تعرض الحركة لضغوط جديدة كونها ستكون مرتبطة أكثر بالمحور الإيراني، مما قد يؤثر على علاقتها بدول أخرى في المنطقة مثل مصر والسعودية.
أما العراق، فهو خيار غير تقليدي لكنه محتمل، خاصة مع وجود فصائل مسلحة مؤيدة للقضية الفلسطينية. يمكن أن يكون العراق ملاذاً بديلاً لقادة حماس في حال ضاق بهم الخيار في الدول الأخرى، ولكن عدم الاستقرار الأمني في العراق والتدخلات الأجنبية يجعلان منه خياراً محفوفاً بالمخاطر.
في ظل هذه الخيارات، يظل الوضع معقداً بالنسبة لقيادات حماس. فمن ناحية، قد تستمر قطر في استضافتهم، إلا أن هذا يعتمد على مدى قدرة الدوحة على مقاومة الضغوط الخارجية. وفي حال الحاجة إلى الانتقال، ستكون تركيا الوجهة الأكثر ملاءمة نظراً للعلاقات الجيدة والاحتضان الشعبي. أما ماليزيا، رغم بعد المسافة، تبقى خياراً آمناً سياسياً ودبلوماسياً. وفي المقابل، قد يمثل العراق وإيران خيارين إضافيين، لكن مع تداعيات أكثر خطورة وتبعات إقليمية.
ستعتمد الخطوة القادمة لقيادات حماس بشكل كبير على المتغيرات السياسية في المنطقة، وعلى مدى استعداد الدول المذكورة لتحمل الأعباء السياسية والأمنية المترتبة على استضافة قادة من حركة المقاومة.