إذا كان العالِم البريطاني تشارلز داروين توصل في العام 1859 إلى أن جميع الكائنات الحية -منذ بدء الخليقة حتى الآن- تتشارك أسلافًا مشتركة، وأن القرد هو السلف للبشر، فإن هذه النظرية ثبت يقينًا عدم صحتها ودقتها في السنوات الأخيرة. وأظن أن "داروين" لو كان حيًا، واستقبل من أمره ما استدبر لأسقط هذه النظرية تمامًا، وقدم اعتذارًا للهيئات العلمية حول العالم، وللبشر عمومًا..ولكن لماذا، وما هو الطرح البديل الذي يمكن أن يتبناه ويناضل في سبيله من جديد؟
قولاً واحدًا.. فإن "داروين" سوف ينتهي، دون تفكير أو إجهاد، إلى أن أصل الإنسان هو التوك توك؛ لما يجمعهما من قواسم مشتركة، ولما يتقاطعان فيه من سمات متشابهة، وساعتئذ..لن يتعرض "دراوين" لما تعرض له من اتهامات بالإلحاد وطعن وتشكيك عندما طرح نظريته الأولى، بل ربما صادفت النظرية المستحدثة تقديرًا علميًا كبيرًا، وربما اقتنص صاحبُها جائزة "نوبل".
لقد أثبتت إحدى الدراسات المعملية التي جرت مؤخرًا على توك توك "مُحنط"، وجود تشابه جيني بين الإنسان والتوك توك، وهو ما فسره الفريق العلمي بتقاطعهما "الإنسان/ التوك توك" في عديد من السلوكيات والتصرفات على نطاق واسع. الدراسة الحديثة بيَّنت أن العشوائية والهمجية قاسمان أساسيان بين الطرفين؛ مؤكدة أن الإنسان -في غياب النظم الصارمة والضوابط الحاكمة- يغدو توك توك بشريًا متحركًا. أحد أعضاء الفريق العلمي قال إنهم أجروا تطبيقًا عمليًا على إحدى الضواحي المتاخمة لأهرامات الجيزة، عندما تم سحب مركبة التوك توك نهائيًا من جميع شوارعها؛ بهدف القضاء على الفوضى والعشوائية والازدحام، ورغم ذلك بقيت المشاكل كما هي، إن لم تكن قد تفاقمت. وأفاد العضو في تصريحات متلفزة: إلغاء التوك توك لم يغير من الواقع البائس شيئًا، حيث تولى قائدو السيارات الفارهة بأنفسهم إحداث الفوضى والعشوائية، من خلال عدم التزامهم بمسارات المرور وضوابطه، وتعمد السير عكس الاتجاه، أو الوقوف في منتصف شارع رئيسي. وانتهت الدراسة –بحسب العضو- إلى أن الأزمة لم تكن أبدًا في التوك توك، ولكنها في الإنسان الذي تميل نفسه إلى الفوضى؛ طالما لن يتعرض لعقوبة أو غرامة عاجلة.
الناطق الرسمي للفريق العلمي ذكر في أكثر من مقابلة أنهم رصدوا سلوكيات عشوائية لأناس ينتمون إلى طبقات راقية، أو يعملون في وظائف مهمة، ضاربًا المثل بأنه في حال تعطل إشارة المرور أو غياب شرطي المرور، تتساوى الرؤوس بين قائد المرسيدس وسائق التريسكل، ويحرص الجميع على مخالفة الحد الأدنى من النظام والانضباط، ويمنحون أنفسهم الحق في أولوية المرور، مطلقين لألسنتهم العنان لسب وشتم كل من يعترضون طريقهم أو يطالبهم بالالتزام، وهو ما لا يحدث نهائيًا حال وجود "عسكري مرور" أيًا كانت هيئته! وذكر الناطق الرسمي أنهم رفعوا لافتة كاذبة على جانب إحدى الطريق السريعة تفيد بتعطل أجهزة الراداد، فكانت النتيجة أن أكثر من 95% من قائدي السيارات ضاعفوا السرعة القانونية من 60 كيلو مترًا إلى 120 و150 كيلو مترًا في الساعة، وكأن الالتزام يكون خوفًا من العقوبة وليس حرصًا على السلامة!
الدراسة ركَّزت أيضًا على العنصر النسائي، حيث قال عضو ثانٍ بالفريق العلمي إنهم رصدوا مخالفات نسائية صارخة أثناء قيادة السيارات على الطرق السريعة، مثل التحدث في هاتف، وإجراء محادثات عبر هاتف آخر أثناء القيادة، رغم أن النسبة الكبرى من السيدات لا يُجدن القيادة، وبعضهن حصل على رخصة القيادة دون اختبار. وأشار العضو إلى أن الدراسة رصدت سلوكيات عدة مجموعات بشرية في بعض المناسبات عندما الإعلان عن البوفيه المفتوح، مؤكدًا أن معظم الحاضرين تصرفوا بعشوائية واندفاع لا يليقان بهم وبظروفهم الاجتماعية المتميزة!
واختتم العضو تصريحاته بأنهم رصدوا أيضًا عبر الفضاء الإلكتروني انحياز بعض البشر ضد قضايا إنسانية محسومة، ضاربًا المثل بعدم التعاطف مع غزة والقضية الفلسطينية والانحياز للطرف الآخر، وكذلك تصفيق بعض المجموعات لألوان رخيصة من الغناء والتمثيل والكتابة وهكذا..
أما نائب رئيس الفريق العلمي فشدد على أنهم رصدوا أكثر من مائة صفة مشتركة بين التوك توك القديم والإنسان الحديث، منوهًا إلى أنهم أصبحوا مطمئنين أشد الاطمئنان إلى أن الإنسان أصله توك توك!