رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

مختار محمود يكتب: نقابة الشيخ حشاد ومافيا القرآن الكريم والمادة الرابعة

المصير

الأحد, 25 أغسطس, 2024

06:34 م


أما وقد زال وزير الأوقاف والمفتي السابقان، فهل يحق لنا أن نطالب بإعادة النظر في مجلس نقابة محفظي وقراء القرآن الكريم، وإحداث تغيير جذري وعاجل في بنيته وطريقة عمله؟ أظن أنها قد وجبت الآن أكثر من أي وقت مضى؛ فكما يقول العرب: "لقد اتسع الخرق على الراتق"، وبدت النقابة عاجزة ضئيلة مستضعفة أمام مافيا القراء المتوحشة التي صارت في العشرية الأخيرة أكثر توحشًا من مافيا المخدرات والسلاح؛ فمن أمن العقوبة أساء الأدب!

بعيدًا عن الكلام المرسل، فإننا نضع النقابة في هذا المقال أمام مسؤولياتها التي نصَّ عليها قانون إنشائها؛ حتى يعلم القاصي والداني أن المجلس الحالي فقد شرعية استمراره فعلاً، وآن لوزير الأوقاف أن يغضب ويتدخل؛ لأنها –بكل أسف- تخضع لولايته! المادة الرابعة من قانون إنشاء نقابة محفظي وقراء القرآن الكريم تنصُّ على أن تمارس النقابة نشاطها لتحقيق الأهداف الآتية: "النهوض بمستوى حفظ وتعليم القرآن الكريم، ونشر الدعوة إلى تحفيظ القرآن الكريم وأحكام تلاوته، والمحافظة على التراث الإسلامي في أحكام تلاوة القرآن الكريم والالتزام بقواعده الشرعية المقررة في علوم القراءات، وللنقابة إبلاغ الجهات المختصة بمخالفة أحكام التلاوة". كما تنصُّ المادة ذاتها على أن "النقابة مُختصة بتنشيط الدراسات الدينية المتصلة بالقراءات وتشجيع القائمين بها ورفع المستوى العلمي لأعضاء النقابة وترشيح العناصر المتميزة لجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية على اختلاف أنواعها"، وكذلك "تقديم المشورة في حالة طلبها من وزارة الأوقاف أو اتحاد الإذاعة والتليفزيون، أو غيره من الأجهزة بشأن ترشيد تلاوة القرآن الكريم، أو ما يتصل به، وإيفاد بعثات القراء في الداخل والخارج في المناسبات المختلفة". تُلزم المادة الرابعة مجلس النقابة أيضًا بـ"تقديم الخدمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأعضاء وتنظيم معاش الشيخوخة والعجز والوفاة وتقديم المساعدة عند الحاجة، وتوفير الرعاية الصحية، بما يكفل للأعضاء وأسرهم حياة كريمة، وذلك وفقًا للأحكام التي تحددها اللائحة الداخلية للنقابة"، وكذلك "توفير العمل للأعضاء وتنظيم التعاون وتقوية روح الزمالة بينهم والعمل على فض المنازعات التي تنشأ فيما بينهم أو بينهم وبين الغير"، فضلاً عن "توثيق العلاقات مع النقابات والجمعيات والروابط المماثلة في الخارج، وخاصة البلاد العربية والإفريقية والإسلامية، والتقريب بين أعضاء النقابة في الداخل وبينهم وبين زملائهم في الخارج بما يخدم علم قراءات القرآن الكريم".

تُمثل هذه المادة، كما أوضحنا، جوهر عمل النقابة التي أُنشئت -في الأساس- للنهوض بمستوى حفظ وتعليم وتلاوة القرآن الكريم، ولكن ما يحدث في عهد نقيبها الحالي وأصدقائه في مجلس الإدارة يؤكد أن حال النقابة يتطلب أن نقيم لها مأتمًا وعليها عويلاً. من يُصلح الملح إذا الملح فسد؟ ما كان يجب عليكم أن تخضعوا وتستسلموا لهذه الحالة من الرداءة التي اجتاحت عالم التلاوة، حتى أصبحت مدرسة التلاوة المصرية -تحت أعينكم ورعايتكم- أثرًا بعد عين! ترفضون النصح وتكابرون وتعاندون وتفرطون في أمانة عظيمة اختاركم الله لحملها!

نستحلفكم بالله ألا تظلوا جزءًا أصيلاً في أسوأ مافيا عرفها التاريخ، وهي مافيا الاتجار بكتاب الله، وهي عصابات شديدة القبح، وحكاياتها بائسة، وأطرافها لاهثون خلف المال، ولا دين لهم سواه! سماسرة العزاءات والمحافل القرآنية اتخذوا من كتاب الله وسيلة للاسترزاق دون خجل أو حياء، ساعدهم في ذلك مجلس نقابة مُغيب، وقراء ضعاف العقل وقليلو الحكمة، رضوا بالدنيئة وارتضوا بالهوان! كل هذا وأكثر يجري تحت أعين مجلس النقابة الحالي وبرعاية غير مباركة من أعضائه المهمومين برضا السماسرة والفراشين، ولا يشغلهم رضا الله. فإما أن تغضبوا لكتاب الله تعالى، وإما أن تتركوا أماكنكم وتسرحوا مع السماسرة، وتكملوا ما تبقى من حياتكم مع "مافيا القرآن الكريم"!

إن النقابة التي بدأت قوية وصاحبة كلمة مسموعة ومقدرة في عهد نقيبها الأول الشيخ عبد الباسط عبد الصمد –رحمه الله تعالى- تخلت في السنوات الأخيرة، وتحديدًا في زمن النقيبين الأخيرين عن دورها المنوط بها، وغدت في مرمى الانتقادات ووضعت نفسها في دائرة الشبهات. النقيب الحالي يضيق صدره بهذه الانتقادات ويصفها بـ"المغرضة وغير النبيلة". عاب محبو القرآن الكريم والغيورون عليه مؤخرًا على النقابة تقاعسها في التعامل مع فئة كبيرة من القراء الذين لا يتلون الكتاب حق تلاوته، ولا يوقرونه حق توقيره، حتى عدت المحافل القرآنية أشبه بالمهرجانات الغنائية وحفلات السيرك القومي وفقرات الأراجوز! قراء إذاعيون يقترفون الآثام أثناء تلاوة كتاب الله، ويخرجون عن آداب اللياقة وأدبيات التلاوة وأحكام القراءة السليمة، دون ضابط أو رابط، وربما نستيقظ يومًا –إن انشغل الوزير وعاد إلى العلمين مرة أخرى- على اختيار سمسار أو فراش نقيبًا لمحفظي وقراء القرآن الكريم؛ فمن ملك المال والنفوذ حقَّ له أن يحكم ويأتمر الناس بأمره.. وفي كل حال، سوف يبقى للقرآن العظيم ربٌّ يحميه ويحفظه من المتلاعبين وأراجوزات دكة التلاوة.