في القرآن الكريم، تأتي قصة النمل في سياق الحديث عن النبي سليمان عليه السلام، الذي وهبه الله الملك والحكمة والفهم العميق لجميع المخلوقات، بما في ذلك النمل. تُروى القصة في سورة النمل، وهي واحدة من أبرز القصص التي تحمل العديد من الدروس والعبر.
تبدأ القصة عندما كان سليمان عليه السلام يسير بجيشه، الذي يتضمن البشر والجن والطير، حتى وصلوا إلى وادي النمل. عندها، سمع سليمان صوت نملة تحذر بقية النمل: "يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" (النمل: 18). تبرز هذه الآية قدرة سليمان على فهم لغة النمل، وهو فضل من الله تعالى.
توقف سليمان عليه السلام واستجاب لنداء النملة بلطف ورحمة، حيث تبسم ضاحكًا من قولها وشكر الله على نعمه. "فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ" (النمل: 19).
تعلمنا هذه القصة العديد من الدروس الهامة. أولاً، أهمية القيادة الحكيمة والرحيمة، حيث أظهر سليمان عليه السلام كيف يمكن للقائد أن يكون رحيماً ومدركاً لاحتياجات الكائنات الأخرى. ثانياً، تعكس القصة قيمة الشكر والاعتراف بنعم الله، كما فعل سليمان عليه السلام. ثالثاً، تبرز القصة التعاون والتنسيق بين أفراد المجتمع، كما هو موضح في تحذير النملة لبقية النمل من الخطر.
بهذه الطريقة، تظل قصة النمل في القرآن الكريم رمزًا للعبرة والتعلم، وتدعونا للتفكر في عظمة خلق الله وضرورة الشكر على نعمه، والتعامل برحمة وحكمة في كل الظروف.
