رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

أسامة الهتيمي يكتب.. اغتيال إسماعيل هنية.. ملاحظات وتساؤلات

المصير

الأربعاء, 31 يوليو, 2024

03:58 م

لم أكن أتمنى أن يُغتال إسماعيل هنية فضلا عن أن يُغتال في إيران فقد كان مما يحزني ويشعرني بغصة دائمة في حلقي هو ارتباط المقاومة الفلسطينية بمختلف توجهاتها بإيران التي لم يعد لدي ذرة شك في أنها تتاجر بالقضية الفلسطينية وتستغلها أسوأ استغلال لتحقيق مآرب أخرى يؤكد ذلك ويدعمه الكثير من الحيثيات والتفاصيل والوقائع التي مللنا ذكرها مرارا وتكرارا في مشاركاتنا الإعلامية المختلفة.


قلبي كان ولم يزل مع المقاومة ملتمسا لها كل الأعذار في الارتباط بإيران في ظل غيبة دعم عربي وإسلامي فلا يُعاب على الغريق تعلقه بقشة يظن أنها ستنقذه بل العيب كل العيب على هؤلاء الذين اكتفوا بالوقوف على الشاطئ يتفرجون ولم يحملوا أنفسهم ولو مجرد عبء  الصراخ للتضامن مع أخيهم الغريق.


لكن وبعيدا عن أجواء الحزن والأسى حول رحيل إسماعيل هنية فإن ثمة ملاحظات وتساؤلات بشأن عملية اغتياله أعتقد أنه من المهم النظر فيها..  ومنها:


أولا: أن اغتيال هنية تم في طهران عاصمة إيران التي تتدعي أنها تقود محور المقاومة وذلك عبر استهدافه بصاروخ من خارج حدود إيران ما يعني ببساطة شديدة أن قائدة محور المقاومة غير قادرة على تأمين أجوائها الجوية رغم كل ما أوهمتنا به إيران عن قدراتها الصاروخية والدفاعية التي عملت عليها طيلة العقود الماضية.


ثانيا: أننا بهذه العملية أمام أحد افتراضين الأول هو أن عملية الاغتيال تمت نتيجة اختراق أمني ومخابراتي وهو ما يعني أن الكرامة الإيرانية قد أهدرت فإيران الدولة الإمبراطورية التي تتحكم في خمس عواصم عربية وإسلامية ليس بمقدورها توفير الحد الأدنى من الأمن لضيفها الكبير الذي تعلم قبل غيرها أنه مهدد بالاغتيال فيما أن هذا الاختراق يكشف عن مدى الهشاشة الأمنية التي تعيشها إيران فكيف لإيران إذن أن توفر الامن للموالين لها في أرض غير أرضها؟.


أما الافتراض الثاني فهو أن يكون ثمة تواطؤ إيراني مع الاحتلال الصهيوني لاغتيال هنية لإحداث اختراق في المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى إذ بعملية الاغتيال هذه يمكن أن يدعي نتنياهو أنه حقق نصرا على حركة المقاومة باغتيال قائدها ومن ثم فإنه يمكنه السير قدما لإتمام الصفقة ومن ثم الوقف المرحلي لإطلاق النار في غزة وتراجع احتمالات توسيع نطاق الحرب وانخراط حزب الله اللبناني فيها.


وعلى الرغم من غياب قرائن أو أدلة يقيينة حتى الآن حول صحة الافتراض الثاني إلا أن الأمر ليس مستبعدا فالأهم لدى إيران حفظ درة التاج.


ثالثا: كان معلوما أن زياد نخالة رئيس حركة الجهاد الفلسطيني مرافقا لهنية في زيارته لإيران وربما كل تحركاته بل إنه كان يقيم في طابق آخر من نفس المبني الذي كان يقيم به هنية ومع ذلك لم يتم اغتيال نخالة ما يعني أحد أمرين إما أن الاستهداف لهنية كان دقيقا بدرجة كبيرة جدا أو أن نخالة لم يكن مستهدفا بالأساس رغم أن نخاله هو أيضا قائد لحركة منخرطة في المقاومة ضد الاحتلال وعليه فإن التخلص منه كان سيمثل نصرا جديدا للاحتلال – بحسب تصور نتنياهو – ومن ثم فإن عدم استهداف نخالة يطرح تساؤلا مهما حول مدى تأثير العلاقة الوطيدة بين حركة الجهاد وإيران على عدم استهداف نخالة بما يوحي ضمنيا أن لإيران يدو في إقصاء هنية.


رابعا: أن تنفيذ مثل هذه العملية لا يمكن أن تتم بدون علم واشنطن حتى لو نفت الولايات المتحدة علمها المسبق بهذه العملية فالاحتلال وقادته ليس بمقدورهم الإقدام على مثل هذه العملية دون الإذن الأمريكي وأي استرسال حول هذا الموضوع هو تضييع للوقت.


خامسا: ليس هناك من خيار أمام إيران إلا الرد على عملية الاغتيال قياسا على ردها على الهجمات "الإسرائيلية" على القنصلية الإيرانية في سوريا غير أنه وكالعادة سيكون ردا لحفظ ماء الوجه ومحاولة لإيهام الأذرع والولائيين بأن إيران قادرة على الفعل.


سادسا: يبدو أن الاحتلال الصهيوني وأمام فشله في تحقيق نصر عسكري حاسم على أرض المعركة قرر أن يستعيد منهج الاغتيال السياسي فكان اغتيال هنية الذي سبقه بساعات اغتيال القائد العسكري في حزب الله اللبناني فؤاد شكر بما يعني احتمال تعرض العديد من الشخصيات للاغتيال في الفترة المقبلة.