كتب - شريف سمير:
ما بين حديث اللواء محمد نجيب، أول رئيس لمصر بعد ثورة يوليو 195، وقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمنحه قلادة النيل عام 2018 .. لن يغفل التاريخ الدور البطولي المجيد للعقيد يوسف صديق الذي وضع رأسه على كفه يوم 23 يوليو وبرتبة اليوزباشي قاد كتيبة الحرية من الجنود لاعتقال ومهاجمة قيادات الجيش وقتذاك معلنا انطلاق الثورة!.
** معركة التحرير!
واعترفت قلادة النيل كأرفع وسام مصري بفضل صديق في نجاح ثورة يوليو واعتذارًا رسميًّا لما ارتُكب في حقه لاحقًا،
فقد تحرك صديق لمبنى القيادة العامة للجيش وقلب كافة الموازين، وحينما وصل برفقة جنوده إلى المبنى وبعد معركة قصيرة، سقط فيها 4 جنود من الطرفين، استسلم بقية الحرس فدخل صديق المبنى وبدأ في تمشيطه تباعًا.
** ضربة معلم!
وفي غرفة القيادة وجد صديق الباب مغلقا فحاول فتحه ووجد مقاومةً من خلفه .. وأمر رجاله فأمطروا الباب بوابل من الرصاص واقتحموا الغرفة فوجدوا الفريق حسين فريد، قائد الجيش، والعديد من الضباط الآخرين، باختلاف رتبهم لكنهم اتفقوا علي رفع منديل أبيض إعلانًا للاستسلام، وقبض صديق عليهم فى ضربة معلم، وسلَّمهم لمعاونه عبد المجيد شديد ليرافقهم إلى معسكر الاعتقال المُعد مسبقًا، في الكلية الحربية.
null
** خطأ تنظيمي!
بعد ساعة كاملة بدأت الإمدادات تصل إلى صديق، فقد وجَّه عبد الناصر الفرق التي ستتحرك في موعدها الرسمي بالتوجه لمساندة صديق، وبعد تمام الاستيلاء على مقر القيادة، ومع بزوغ الفجر توجه صديق مع كتيبته لمواجهة الملك فاروق، ليكون الخطأ التنظيمي البسيط بعدم إعلام صديق بالموعد الجديد هو السبب المباشر في نجاح الثورة، وتحركه المبكر كان الدرع التي حمت بقية الضباط الأحرار من رد فعل قوي من قيادة الجيش والملك.
** تسليم السلطة!
وبعد بضعة شهور من اندلاع الثورة، بات صديق عضوًا في الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار، وبعد استتاب الأمر للثورة بدأ صديق يطالب مجلس القيادة بعودة الحياة النيابية .. ليحفر قبره الشريف بيديه الطاهرتين عندما بدأ مجلس قيادة الثورة يتجاهل تلك الأهداف ويطيح بكل رأس تطالب بعودة الجيش إلى ثكناته وتسليم السلطة للمدنيين وفى مقدمتهم صديق!.
** ساعة الرحيل!
وكتب صديق في مذكراته أنه آثر ترك المجلس والعودة للجيش لكن لم يُسمح له بذلك، وعندما ثار عدد من مجلس القيادة يطالبون بالانتخابات، واعتقلت الثورة أبناءها وقدمتهم للمحاكمة، حينها اتصل صديق بعبد الناصر يخبره بأنه لا يمكن أن يستمر في مجلس القيادة، فاستدعاه عبد الناصر لمكتبه، وحين وصوله نصحه بالسفر لتلقي العلاج والراحة في سويسرا في مارس عام 1953.
null
** رصاصة المقالات!
وكان الأمر طعنة للرجل الذي رأى نفسه فارس الثورة ومنقذها، تم إقصاؤه من المشهد، ولكن ظلت مقالاته تنقل بعضًا من أفكاره ورؤيته للأحوال السياسية، حتى أزمة مارس 1954، وارتفعت نبرة صديق في مقالاته ورسائله وبدأ يطالب نجيب بدعوة البرلمان المنحل لممارسة عمله، وتكوين حكومة ائتلافية من التيارات المختلفة.
** الإقامة الجبرية!
وعلى إثر تلك المناشدات والمقالات، تم اعتقال صديق وأسرته وبات السجن الحربي مستقره لشهور طويلة، ثم أُفرج عنه في مايو 1955، لكن بشرط الإقامة الجبرية في قريته، وظل القرار مفروضًا عليه حتى وفاته في 31 مارس عام 1975.
** اعتقال زوجة!
وبعد أن واجهت زوجته مصير الاعتقال، خرج صديق عن صمته بقصيدة لاذعة في هجاء جمال عبد الناصر بعنوان فرعون، قال فيها:
أعرضي يباح ويلقى به
على ناظريك بقاع السجون
وكل رجالي غدرت بهم
أكل رجالي من المجرمين؟
ولما وقعت وعبد الحكيم
بأسر رجالي وما يعلمون
وقد كنت مختفيًا في ثياب
تباعد عنك مثار الظنون
فأنقذت روحيكما من هلاك
ورحت بروحي ألاقي المنون
** بعد النكسة!
وعلى الرغم من القسوة والجفوة بين عبد الناصر وصديق، أرسل الأخير إلى زعيم الناصرية برقية تهنئة حين وقع اتفاق الجلاء، وكان آخر لقاء بينهما حين أعلن عبد الناصر تنحيه بعد النكسة عام 1967، فكان صديق من أوائل الجالسين في مكتب عبد الناصر يطالبه بالعدول عن الاستقالة .. ولم يتردد صديق عن أداء واجبه لآخر لحظة فى عمره إلى أن رقد داخل قبره حاملا لقب "فارس الثورة"!