رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

مختار محمود يكتب: المفتي لازم يرحل!

المصير

الإثنين, 22 يوليو, 2024

05:23 م

منذ إنشائها في نوفمبر 1895 بقرار من خديوي مصر عباس حلمي الثاني.. تعاقب على دار الإفتاء المصرية 20 مُفتيًا، بعضهم كان ذا تأثير إيجابي وحضور طاغِ مثل: محمد عبده، حسنين مخلوف، جاد الحق الحق علي جاد الحق ونصر فريد واصل..مع حفظ الألقاب، وآخرون كانوا ذوي تأثير سلبي وحضور باهت مثل المفتي الحالي.
 يقود الدكتور شوقي علام دار الإفتاء المصرية منذ العام 2013. ربما تكون القيادة هنا نظريًا، وهناك آخر أو آخرون يسيطرون على مقاليد الأمور وصناعة القرار داخل الدار، فيما يتفرغ الرجل للظهور في البرامج التليفزيونية والإذاعية والتدوين على منصات التواصل الاجتماعي.

 خلال أحد عشر عامًا كاملة لم يستطع "علام" الحصول على ثقة ويقين المصريين الذين أدركوا منذ اليوم الأول الهدف الذي جاء من أجله المفتي. آراء واجتهادات وتصريحات المفتي دائمًا ما تثير الشفقة والبؤس حينًا أو السخرية والاستهزاء أحايين أخرى.معظم أسلاف "علام" كانت لهم مواقف جادة وحادة في بعض القضايا الدينية، وكانوا لا يهابون الحاكم، وكان الحاكم يقدر فيهم ذلك ولا يُصفي معهم حسابات؛ فالحق أحق أن يُتبع. أما المفتي الحالي فتعامل مع منصبه منذ أول لحظة بمنطق وظيفي وروتيني بحت. 
غاب "علام" دائمًا وأبدًا في الوقت الذي كان يجب فيه أن يكون حاضرًا. آثر الصمت في الوقت الذي كان الكلام فيه فرض عين. 

إذا نحينا بعض القضايا والإشكاليات السياسية جانبًا..فإن "علام" ابتلع لسانه تمامًا وقت ظهور مؤسسة "تكوين" مثلاً؛ رغم إجماع القاصي والداني على سوء نوايا القائمين عليها ضد الإسلام، مقتفيًا في ذلك أثر وزير الأوقاف السابق. إذا لم تنتفض دار الإفتاء المصرية بما تملكه من أدوات ومقومات في مثل هذا الظرف فمتى تنتفض؟  اللافت في الأمر أن "علام" كان حبل الود بينه وبين المشتغلين بالتنوير متصلاً، ويذهب إلى أفراحهم وعزاءاتهم..وقِس على ذلك البواقي!. 

 في 30 نوفمبر الماضي..قال "علام" في تصريحات متلفزة: " إن دار الإفتاء مستقلة ولا يُملي عليها أحد رأيًا أو قولًا، وذلك منذ مارس 2013 وحتى وقتنا الحالي يوجد استقلال تام، فأنت تفعل ما يمليه عليك صحيح الدين، وما يمليه عليك الضمير العلمي والواقع"!! وإذا كان هذا الكلام صادقًا ولم يتم إملاؤه على المفتي ليقوله، فنحن هنا بصدد إشكالية حقيقية، وهي: كيف يكون أداء المفتي بهذا الشكل البائس وهو يمتلك حريته كاملة ولا يتلقى أوامر ونواهي من سلطة أعلى منه كما يُقال ويتردد؟ وإذا كان ذلك كذلك، فلماذا جرى تسييس دار الإفتاء في عهده على هذا النحو الأشد بؤسًا؟! ولماذا جرى ضبط مخرجات دار الإفتاء  وفق قناعات سياسية لا أكثر ولا أقل، دون النظر لأي اعتبارات أخرى؟

وختامًا.. فإن المرحلة الجديدة التي يقودها وزير الأوقاف الحالي برعاية أبوية حانية، وإن ظلت حذرة، من شيخ الأزهر الشريف، تتطلب مفتيًا من طراز خاص يكون قادرًا على العمل بروح الفريق والمبادرة؛ من أجل إعادة الحياة إلى المؤسسات الدينية وتصويب مسارها وإعادة ثقة الرأي العام إليها وضخ الدماء في أواصر تجديد الخطاب الديني بعدما تجمدت وتجلطت بفعل الوزير السابق والمفتي الحالي. من أجل ذلك وغيره كثير، آن الأوان للمفتي أن يرحل، يكفيه أحد عشر عامًا، تجعله من أطول المفتين استمرارًا في منصبه، وهذه طبيعة الحياة.