أصدرت محكمة العدل الدولية اليوم الجمعة قرارات تاريخية غير مسبوقة بشأن الدعوى القضائية التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، متهمة إياها بارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني.
لم يحدث من قبل أن يجتمع ١٥ قاضيًا للموافقة على قرار ضد ٣ قضاة في بعض الأحكام و ضد ٢ فقط في أحكام أخرى، أحدهم منتدب من الكيان الصهيوني، كما لم يحدث في تاريخ المحكمة هذا الإجماع القانوني الدولي، على إدانة إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، واتخاذ قرارات تمنع إسرائيل من ارتكاب هذه الجرائم، واتخاذ خطوات محددة لتحقيق العدالة والمساءلة.
البعض كان يظن أن المحكمة كانت ستصدر قرارًا يلزم العدو بوقف إطلاق النار بشكل فوري. هذا القرار يعد في بعض التفسيرات قرارًا سياسيًا ليس من صلاحيات محكمة العدل الدولية.
لذلك، إذا أخذنا دلالات و منطوق كل القرارات التي صدرت بالإجماع و هي:
- إلزام "إسرائيل" باتخاذ كافة التدابير لوقف قتل الفلسطينيين، منع إيقاع ضرر جسدي أو عقلي جسيم بحقهم.
- وقف أي إجراءات محسوبة للتسبب بفنائهم أو فناء جزء منهم (التصويت: 15 مقابل 2).
- إلزام الجيش "الإسرائيلي" بنفس البنود السابقة وبشكل فوري (15-2).
- منع تحريض المسؤولين "الإسرائيليين" على الإبادة الجماعية ومعاقبة المحرضين (16-1).
- توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة (16-1).
- امتناع "إسرائيل" عن تدمير أي أدلة على ارتكابها الإبادة الجماعية (15-2).
- تقديم تقرير خلال شهر حول تطبيق الإجراءات الواردة في قرار المحكمة (15-2).
محصلة هذه القرارات تساوي في نهايتها ما يمكن القول بأنه إدانة واضحة للعدو.
الأهم هو رفض المحكمة الدولية رد الدعوة (أي رفضها) التي طلبه العدو، ما يعني اقتناع المحكمة بالأدلة و البراهين التي قدمتها جنوب أفريقيا.
السؤال الذهبي الآن هو "هل سيلتزم العدو بقرارات المحكمة؟" لأنه في حال عدم الإلتزام، سيُسمح لأي دولة في العالم إحالة الموضوع فورًا إلى مجلس الأمن الدولي.
و في هذه الحالة، سيكون من غير المعقول، وغير المنطقي أن يقدم العدو الأمريكي، أو العدو البريطاني أو العدو الفرنسي على استخدام الفيتو، لأن في هذه الحالة سيعني النقض أن هذه الدول لا تعترف بمحكمة العدل الدولية ولا بالعدالة الدولية، ما سيدخل العالم في مفترق لن تتحمله الولايات المتحدة أو صبيانها.
و بدون الفيتو، سيصبح القرار ملزمًا للعدو الصهيوني بقوة البند السابع في مجلس الأمن، ما يعني أنه إذا رفض الكيان الغاصب أن ينفذه، يصبح من حق أي جيش في العالم إجباره بالقوة.
القرار تاريخي و يعطي أملًا للمستضعفين بأن مازال هناك عدالة.
ومن جانبه بدأ الإعلام العبري مباشرة بعد قرارات المحكمة بنفس النغمة السخيفة وإدعاء المسكنة وقول "العالم كله ضدنا" و "نحن منبوذون"، تلك السخافات التي بدأت بكذبة الهولوكوست أو حتى من قبلها.