رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

حماس وروسيا ....فرقهما ” الأسد” وجمعهما طوفان الأقصى

المصير

الأحد, 24 ديسمبر, 2023

04:40 م

كتبت - ياسمين أحمد

تنامت العلاقات بينهما مؤخرا بشكل ملفت وغريب حتى ذهب البعض إلى اتهام موسكو بالتورط بشكل ما في هجوم حماس وباقي فصائل المقاومة على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي.
ولم تكن العلاقة بين موسكو وحماس ودية دائما بل أنها شهدت كثير من لحظات التوتر والخلاف،وكانت أعظم محطات الخلاف بين موسكو وحماس تلك التي اعقبت الثورة السورية وتداعياتها، حينما انتقلت قيادات حماس من دمشق إلى الدوحة وهاجمت النظام السوري بسبب موقفه الدموي من الثورة السورية، في حين أن روسيا وقفت بكل قوة وحسم بجانب نظام بشار الأسد وهو ما أحدث تباعد وتباغض بين الطرفين.


ووفقا لدراسة نشرت في عام 2015 بمعهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية فإن علاقات حماس مع موسكو شهدت تنامي في بدايات عام 2006 وأصبح هناك انفتاح روسي على حركة حماس وصل لدرجة خروج روسيا عن موقف الإجماع الدولي القاضي بمقاطعة حركة حماس وقيام موسكو بتدشين علاقات مفتوحة مع الحركة.
وأشارت الدراسة أنه قد أصابت العلاقات الحمساوية الروسية خدش وذلك لسببين: أولها تراجع علاقات حركة حماس مع حلفاء موسكو في المنطقة إيران وسوريا على خلفية الأزمة السورية، ويتضح عمق العلاقة بين روسيا وسوريا من خلال الموقف الروسي الذي يقف بجانب الموقف السوري إلى أبعد حد حيث يوفر له الدعم السياسي أمام المجتمع الدولي ومجلس الأمن، وثانيا هو استطاعة إسرائيل خلال الفترة الماضية أن تحسن من علاقاتها مع روسيا مما انعكس على علاقة موسكو بحركة حماس.
وأشارت الدراسة إلى أن تعزيز العلاقة بين روسيا وحركة "حماس"، يعكس الاستراتيجيات الروسية المتمثلة في الحفاظ على العلاقات الجيدة مع أطراف الصراع المختلفة، وبالنسبة إلى "حماس"، هناك أهمية كبرى كامنة في العلاقات مع روسيا، بما يُظهر الحركة بأنها تنظيم مرحّب به في إحدى أهم عواصم العالم. فمبدئياً، التزمت موسكو موقفاً، مفاده أن حركة "حماس"، المعرّفة بأنها منظمة "إرهابية" من كلٍّ من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وألمانيا، ودول أُخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي، هي تنظيم سياسي شرعي.
وأوضحت الدراسة أنه لم تكن العلاقة بين روسيا وحركة "حماس" قريبة دائماً كما هي اليوم، ففي التسعينيات من القرن الماضي، وحتى فوز "حماس" في انتخابات 2006 للمجلس التشريعي الفلسطيني، قامت روسيا باستنكار النشاطات "الإرهابية" التي نفّذتها حركة "حماس"، وأطلقت على عناصرها اسم "عناصر ميليشيات إسلامية"، متطرفين، ومتشددين.
وتغيرت العلاقات بصورة كبيرة بعد الانتخابات، حين أعلن بوتين أن التنظيم استلم السلطة بواسطة انتخابات ديمقراطية وشرعية، وابتداءً من سنة 2006، عُقدت لقاءات دورية بين زعماء حركة "حماس" وممثلي وزارة الخارجية الروسية.
وفي سنة 2011، طرأ تدهور موقت على العلاقات، في أعقاب دعم حركة "حماس" للمعارضة في الحرب السورية، حيث شارك عناصر "حماس" الذين كانوا في سورية وقت اندلاع الحرب، في القتال بصورة ناشطة إلى جانب قوات المعارضة، في حين قدمت روسيا دعمها لبشار الأسد.
ومع ذلك، فإن العلاقات بين الطرفين لم تنقطع، وبمرور السنوات، عادت العلاقات إلى مسارها، وواظبت وفود من قيادة حركة "حماس" على الذهاب إلى موسكو ولقاء وزير الخارجية الروسي ومسؤولين روس آخرين، إلى جانب اللقاءات التي جمعت بين قيادات حركة "حماس" ودبلوماسيين روس في دول مختلفة.
وقالت: لم يكن موقف روسيا ثابتاً خلال جولات الحرب السابقة بين "حماس" وإسرائيل، بل تأثر بمصالحها في لحظة الاشتباك، في سنة 2014، خلال حملة "الجرف الصامد"، طرأ تغيير على السياسة الروسية، وحاولت روسيا الحفاظ على الموضوعية والحياد، والتزمت تخفيض انتقاداتها لإسرائيل، بعكس ما قامت به خلال معارك أُخرى، مثل موقفها خلال حملة "الرصاص المصبوب" (2008-2009) ولعل مردّ ذلك إلى امتناع إسرائيل من انتقاد روسيا بسبب قيام الأخيرة بضم شبه جزيرة القرم.
وأضافت أن منظومة المصالح الروسية لا تميل إلى مصلحة إسرائيل فالمصلحة الروسية الأساسية اليوم تتمثل في تحويل انتباه الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، عن أوكرانيا، وازدياد التدخل الأميركي في الشرق الأوسط يخدم هذا الهدف.
وفي المقابل، فإن روسيا تتهم الولايات المتحدة بالمسؤولية عن اندلاع الاشتباك الراهن، كما تطمح روسيا إلى إعادة ترميم مكانتها، كونها لاعباً دولياً مؤثراً، ولذا، فهي تحاول ترويج وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وإلى جانب ذلك، فإن منظومة العلاقات القائمة بين روسيا وإيران تحولت إلى حلف استراتيجي، نتيجة الحرب في أوكرانيا، وبهدف الحفاظ على هذه العلاقة، تروّج موسكو سياسة مؤيدة تجاه حلفاء إيران، وخصوصاً حركة "حماس"، إذ إنه من المريح لموسكو أن الولايات المتحدة باتت تركز اهتمامها على الشرق الأوسط.
وتماشيا مع ما أوضحته الدراسة، يشير موقع "راديو أوروبا الحرة" إلى أن العلاقة الوثيقة بين موسكو وحماس، تسببت في اتهام موسكو بأنها متورطة بشكل ما في الهجوم الأخير لحماس.
وكانت هناك تقارير على مدى السنوات الماضية، ومن قبل الحرب في أوكرانيا، بأن مسلحي حماس يستخدمون أنظمة تسليح روسية الصنع، مثل الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات، والصواريخ المحمولة على الكتف، لكن لم يتم تأكيد هذه التقارير.
ويرجح معهد دراسة الحرب أن روسيا تحاول استغلال الصراع الأخير "لصرف الانتباه عن عملياتها في أوكرانيا"، ونقلت عن المدون الروسي البارز ،سيرغي ماردان، إن روسيا ستستفيد من التصعيد لأن العالم "سيصرف انتباهه عن أوكرانيا لفترة وينشغل مرة أخرى بإطفاء النار الأبدية في الشرق الأوسط".
ويقول تقرير لـــ" سي إن بي سي" إن الحرب بين إسرائيل وحماس توفر لروسيا فرصة لاستعراض عضلاتها الدبلوماسية في الشرق الأوسط، بعد فترة من التوقف عن المسرح العالمي.
ووفقاً لمعهد دراسات الأمن القومي، يشكّل الدعم الروسي الواضح لحركة "حماس" في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر نقطة تحوّل في العلاقات الروسية الإسرائيلية، ففي حين أدان كثيرون من زعماء العالم الهجمة القاتلة التي نفّذتها حركة "حماس" خلال السبت الأسود، انتهجت روسيا سياسة مناهضة لإسرائيل، وامتنعت عن إدانة حركة "حماس".
وفي هذا الصدد قال زيد الأيوبي المحلل السياسي الفلسطيني، إن حركة حماس قدمت فائدة كبيرة للغاية لروسيا فيما فعلته يوم 7 اكتوبر خاصة وأنها أبعدت الانظار عن ما يحدث في اوكرانيا، وبالتالي المستفيد الأول مما حدث هي روسيا، مشيراً إلى أن روسيا تسعى لتعزيز علاقاتها مع كل الاطراف من أجل تثبيت مصالحها وتثبيت مكانتها في داخل المنطقة، كما تربطها علاقات قوية مع الإسرائيليين مما يعطي روسيا إمكانية كبيرة للتحرك بين الأطراف داخل منطقة الشرق الأوسط وخصوصا بين الأطراف الفلسطينية والاسرائيلية.
وأضاف خلال تصريحات خاصة لـ"المصير" أن هذه العلاقات القوية ما بين حماس وروسيا لن تكون مفيدة لحماس في هذه الحرب لأن قرار وقف إطلاق النار ليس بيد روسيا وإنما في يد البيت الأبيض، وهذا ما تفتقده حماس وهو العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وهذا ما تمتلكه إسرائيل فقط.