رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

التطبيع القادم بين القاعدة وتل أبيب في سوريا .. نتنياهو يلمح والفصائل تصرّح

المصير

الخميس, 12 ديسمبر, 2024

01:55 م

تحليل سياسي يكتبه :محمد أبوزيد 

في تصريح مثير للغاية ولكنه مر مرور الكرام، أعلن رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو  أمس الأول عن رغبة تل أبيب في إقامة "علاقات سليمة" مع النظام الجديد في سوريا، مؤكدًا أن أي تعاون سيكون مشروطًا بمنع إيران من التمركز داخل الأراضي السورية.
 هذا التصريح  جاء بعد أكبر هجوم جوي في تاريخ دولة الاحتلال، حيث قامت سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ 350 غارة داخل العمق السوري وفي قلب دمشق وفي كل أنحاء سوريا، دمر فيها كل القواعد العسكرية والصواريخ والدبابات والسفن الحربية، وكل منصات الدفاع الجوي التي يمتلكها الجيش السوري مستغلا هروب بشار الأسد و  وعائلته وقيادات جيشه لروسيا

تصريح نتنياهو برغبته في إقامة علاقات سليمة مع النظام الجديد في سوريا، يفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول طبيعة العلاقة بين إسرائيل والفصائل المسلحة التي باتت تسيطر على سوريا بعد انهيار نظام بشار الأسد وهروبه.

 إشارات ودلالات

على الرغم من الغارات الجوية الإسرائيلية التي أجهزت على البنية العسكرية السورية، لم يصدر عن الفصائل المسلحة، التي تمثل النظام الجديد في سوريا، أي رد فعل يندد بإسرائيل أو يهاجمها أو حتى يذكر اسمها . 
هذا الصمت المريب يعزز الشكوك حول وجود تفاهمات غير معلنة بين الطرفين، لا سيما مع التصريحات التي أطلقها أكثر من قيادي في الجيش الحر وفصائل أخرى، يعربون فيها عن رغبتهم في فتح سفارة إسرائيلية في دمشق.

أحمد الشرع، المعروف بـ"الجولاني"، قائد جبهة تحرير الشام والرجل الأول في سوريا حاليًا، كان عضوًا بارزًا في تنظيم القاعدة قبل أن يعلن انفصاله عنها. الشرع، الذي أصبح رمزًا للنظام الجديد، لم يعلق على الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي دمرت قدرات سوريا العسكرية، كما لم يتطرق لأي موقف بشأن الاعتداءات الإسرائيلية في غزة أو لبنان، في موقف يثير تساؤلات عن أجندته السياسية وطبيعة التحالفات الجديدة التي قد تكون قيد التشكيل.

الولايات المتحدة وتركيا: الرعاية الخفية

من غير المستبعد أن تكون الولايات المتحدة وتركيا تلعبان دورًا رئيسيًا في هندسة هذا التقارب غير المعلن بين تل أبيب والفصائل المسلحة في سوريا. واشنطن، التي لطالما دعمت المعارضة السورية عسكريًا وسياسيًا، قد ترى في هذا التقارب فرصة لإضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة وضمان بقاء سوريا خارج معادلة "محور المقاومة".

أما تركيا، التي تحتفظ بنفوذ واسع في الشمال السوري، فقد تجد في هذا التقارب مصلحة استراتيجية لتثبيت مكاسبها في سوريا والحد من أي تصعيد محتمل مع إسرائيل.

أدلة التطبيع القادم

1. تصريحات نتنياهو: إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي عن رغبته في إقامة علاقات سليمة مع النظام الجديد في سوريا، مع تحذير واضح من السماح لإيران بالوجود في المنطقة، يعكس استعداد إسرائيل للتعامل مع الفصائل المسلحة كطرف شرعي.


2. الصمت الفصائلي: عدم صدور أي بيان إدانة من الفصائل السورية المسلحة، رغم الغارات التي دمرت مقدرات الجيش السوري، يشير إلى وجود تفاهمات خلف الكواليس.


3. دعوات فتح السفارة الإسرائيلية: التصريحات الصادرة عن قادة في الجيش الحر وفصائل أخرى بشأن فتح سفارة إسرائيلية في دمشق تكشف عن نوايا التطبيع الصريحة.


4. غياب أي موقف من أحمد الشرع: قائد الفصائل والنظام الجديد في سوريا لم يطلق أي تصريح ينتقد إسرائيل، مما يعزز فرضية الاتفاق الضمني بين الطرفين.


5. التنسيق غير المباشر في المنطقة العازلة: تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس حول استقرار الجيش الإسرائيلي في المناطق العازلة مع سوريا، وتحذير قادة المعارضة من مقاومة إسرائيل، تؤكد وجود نوع من التنسيق غير المعلن.

التداعيات الإقليمية

التطبيع المحتمل بين تل أبيب والفصائل المسلحة في سوريا سيكون له تداعيات كبيرة على موازين القوى في المنطقة. أولًا، سيؤدي إلى تقليص النفوذ الإيراني في سوريا، وهو هدف إسرائيلي معلن منذ سنوات. 
ثانيًا، سيضع الفصائل المسلحة في مواجهة مع الأطراف الرافضة لأي تطبيع مع إسرائيل، مما قد يؤدي إلى صراعات داخلية تزيد من تعقيد المشهد السوري.

التصريحات الإسرائيلية الأخيرة، جنبًا إلى جنب مع مواقف الفصائل المسلحة، تشير إلى أن مشهدًا جديدًا من التحالفات قد يتشكل في سوريا، يدمج بين مصالح إسرائيل وبعض الفصائل السورية المعارضة. ومع وجود رعاية أمريكية وتركية محتملة، يبدو أن التطبيع بين تل أبيب وما كان يومًا جناحًا لتنظيم القاعدة قد يصبح حقيقة واقعة. السؤال الأكبر هو: إلى أين سيقود هذا التحالف سوريا والمنطقة بأسرها؟