في تصعيد جديد يعكس حجم التوتر بين الأزهر الشريف ودولة الاحتلال الإسرائيلي، شنت أميرة أورون، السفيرة الإسرائيلية السابقة لدى مصر، هجومًا لاذعًا على مؤسسة الأزهر وشيخها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، واصفة إياها بأنها معادية للسامية. خلال لقاء تلفزيوني مع قناة "i24News" الإسرائيلية، زعمت أورون أن الأزهر يضمر عداءً "في منتهى القسوة والصعوبة" لإسرائيل، معتبرة أن تصريحات الشيخ الطيب تحمل طابعًا "معاديًا للسامية"، بحسب ادعائها.
الأزهر وإسرائيل: علاقة عداء دائم
لم يكن هجوم السفيرة الإسرائيلية سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من التوترات بين الأزهر الشريف ودولة الاحتلال. فمنذ تأسيس إسرائيل عام 1948، تبنى الأزهر موقفًا مبدئيًا يعارض الكيان الصهيوني بوصفه رأس حربة الاستعمار في المنطقة. وقد أكد الأزهر مرارًا رفضه القاطع لأي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل، معتبرًا ذلك خيانة للقضية الفلسطينية والحق العربي والإسلامي.
مواقف الإمام الطيب وتصريحاته القوية ضد الاحتلال
يُعرف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب بمواقفه الحاسمة ضد الاحتلال الإسرائيلي. ومن أبرز تصريحاته:
1. "إسرائيل دولة احتلال وعدوان": أكد الشيخ الطيب مرارًا أن إسرائيل تمثل النموذج الأبرز للاحتلال والعدوان في العصر الحديث، وأنها تمارس أبشع أشكال القمع ضد الشعب الفلسطيني.
2. دعم المقاومة الفلسطينية: في أكثر من مناسبة، أعلن الإمام الطيب دعمه الكامل لحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المشروعة، مؤكدًا أن المقاومة حق أصيل أقرته الشرائع السماوية والقوانين الدولية.
3. "القدس خط أحمر": خلال أزمة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وصف الشيخ الطيب القرار بأنه اعتداء صارخ على حقوق الفلسطينيين والعرب والمسلمين، ودعا المجتمع الدولي إلى التصدي لهذه الخطوة الاستفزازية.
تاريخ الأزهر في مواجهة إسرائيل
لم تقتصر مواقف الأزهر على الإمام الطيب، بل كانت المؤسسة دائمًا في طليعة المدافعين عن القضية الفلسطينية. ومن أبرز مواقف شيوخ الأزهر السابقين:
الإمام محمد مصطفى المراغي: كان من أوائل من أدانوا وعد بلفور واعتبروا إقامة إسرائيل مشروعًا استعماريًا غربيًا يهدف إلى تقسيم الأمة الإسلامية.
الإمام محمد سيد طنطاوي: رفض استقبال أي مسؤول إسرائيلي خلال فترة توليه منصب شيخ الأزهر، مشددًا على أن الحوار مع الاحتلال لن يحقق السلام.
الإمام عبد الحليم محمود: أصدر بيانات شديدة اللهجة خلال حرب أكتوبر 1973، داعيًا الأمة الإسلامية إلى مواجهة إسرائيل بكل حزم.
هجوم السفيرة: محاولة لتشويه الأزهر
إن هجوم أميرة أورون على الأزهر وشيخه لا ينفصل عن حملة أوسع تقودها إسرائيل لتشويه المؤسسات الإسلامية التي تقف في وجه مشروعها الاستعماري. فاتهام الأزهر بمعاداة السامية ليس جديدًا، بل يأتي في إطار محاولات مستمرة لتقويض الدور التاريخي للأزهر في الدفاع عن حقوق المسلمين والعرب.
رسالة الأزهر للعالم
في مواجهة هذه الحملة، يظل الأزهر صوتًا صريحًا للحق والعدالة، رافضًا الخضوع لأي ضغوط أو حملات تشويه. وموقفه تجاه إسرائيل ليس موقفًا عدائيًا ضد اليهودية كدين، بل ضد الاحتلال الصهيوني وممارساته الوحشية. وكما قال الإمام الطيب: "موقفنا من إسرائيل نابع من موقفنا من الظلم، ونحن نقف مع كل مظلوم، فلسطينيًا كان أو غيره".
إن العلاقة بين الأزهر وإسرائيل ستظل علاقة مواجهة ومقاومة، طالما بقي الاحتلال الإسرائيلي يمارس عدوانه على الأرض الفلسطينية، وطالما بقي الأزهر منبرًا للحق وضميرًا للأمة الإسلامية.