في الليلة الأخيرة للحرب المدمّرة بين إسرائيل وحزب الله، تصاعدت وتيرة القصف الإسرائيلي بشكل غير مسبوق، متجسدة في سياسة الأرض المحروقة التي ينتهجها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. بينما تنتظر الساعات القادمة إعلانًا مشتركًا من الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول وقف إطلاق النار، يبدو أن نتنياهو يسعى لترك بصمته الأخيرة في لبنان عبر دمار واسع النطاق.
بيروت تحت القصف والتهديدات تتوسع
تعرّضت العاصمة اللبنانية بيروت لقصف مكثّف من الطيران الإسرائيلي، حيث تركزت الضربات على مناطق استراتيجية، في مشهد يعكس الإصرار على تدمير البنية التحتية اللبنانية حتى اللحظات الأخيرة من الحرب. في صيدا، أُخلي شارع المصارف بعد تهديد جيش الاحتلال باستهداف فرع "قرض الحسن"، مما زاد من حالة الذعر بين السكان المدنيين.
في بعلبك، شهدت المدينة غارات جديدة خلفت مجازر في منطقة المخازن بجرد الهرمل، فيما هددت إسرائيل السكان المدنيين في بعلبك وقصرنبا بإخلاء المباني التي حُددت في الخرائط المرفقة من قبل الجيش الإسرائيلي، تحت طائلة استهدافها بقصف مباشر.
التحركات الدولية واتجاهات وقف إطلاق النار
وسط هذه التطورات الميدانية، أعلنت وسائل إعلام دولية عن تأجيل اجتماع الحكومة الإسرائيلية الذي كان مقررًا لمناقشة قرار وقف إطلاق النار، في خطوة تشير إلى الخلافات الداخلية بشأن إنهاء العمليات العسكرية. وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية كشف عن اتصالات مكثفة بين الحكومة اللبنانية وواشنطن، تؤكد أن الأمور تتجه نحو اتفاق قريب لوقف إطلاق النار. ومع ذلك، شدد على أن الشعب اللبناني لن يستسلم ولن يفرط في سيادة بلاده، مؤكدًا أهمية عودة النازحين إلى بلداتهم في الجنوب فور انتهاء القتال.
سياسة الأرض المحروقة في عقلية نتنياهو
تكشف الأحداث عن نمط متكرر في السياسة الإسرائيلية تحت قيادة بنيامين نتنياهو، حيث يتم اعتماد استراتيجية الأرض المحروقة كوسيلة للضغط على الخصوم وإرسال رسائل ردعية. في لبنان، أدت هذه السياسة إلى تدمير شامل للبنية التحتية، استهداف المدنيين، وخلق موجة جديدة من النازحين، في محاولة لفرض واقع جديد قبل انتهاء العمليات العسكرية.
تحليل المشهد العام
تأتي هذه التطورات في ظل تسريبات بأن الساعات القادمة ستشهد بيانًا مشتركًا من الرئيس الأمريكي والرئيس الفرنسي، يُعلن فيه عن وقف شامل للحرب. ومع ذلك، يبقى السؤال حول مدى التزام إسرائيل بهذا الاتفاق، خاصة في ظل مواصلة القصف والتصعيد حتى اللحظات الأخيرة.
في ظل الدمار الهائل الذي خلفته الحرب، تبدو الأولوية الآن لإعادة الإعمار وعودة النازحين إلى مناطقهم. ومع توقف الحرب، سيبدأ فصل جديد من التحديات السياسية والإنسانية التي ستحدد ملامح المرحلة القادمة في لبنان. ولكن، هل يمكن للسلام أن يعيد للبنان توازنه بعد هذا الكم من الخراب؟ وهل ستتوقف سياسة الأرض المحروقة أم أنها ستظل السلاح المفضل في عقلية نتنياهو؟