أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيُدلي بخطاب مهم مساء اليوم، في إشارة واضحة إلى حدث سياسي وعسكري كبير يلوح في الأفق. يأتي ذلك بالتزامن مع تقارير تفيد بأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله سيبدأ غداً صباحاً.
في لبنان، أكد رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أنه تلقى تأكيداً من الوسيط الأميركي آموس هوكشتين بشأن الموافقة الإسرائيلية على الاتفاق، وهو ما دفع الحكومة اللبنانية إلى التحضير لإعلان رسمي في جلسة مجلس الوزراء غداً.
لكن، هل يمكن الوثوق بمثل هذه التسوية؟
تشير تحليلات صحفية إلى أن الاتفاق قد يتضمن مهلة زمنية مدتها ستين يوماً لانسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق، وهو ما يعارضه لبنان بشدة، متمسكاً بالقرار الدولي 1701 الذي ينص على انسحاب فوري.
من جانبها، لا تخفي إسرائيل رغبتها في تهدئة الأوضاع دون تقديم التزامات صارمة، مستفيدة من الوقت لترتيب أوراقها العسكرية والسياسية، خصوصاً في ظل الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبلدات الحدودية، حيث ذكرت يديعوت أحرونوت أن معظم المنازل في هذه المناطق إما مدمرة بالكامل أو بحاجة إلى إعادة بناء.
الجانب الإسرائيلي: توازن بين السياسة والميدان
داخل إسرائيل، تظهر خلافات واضحة بين الحكومة والمعارضة بشأن مسار الحرب والتسوية. زعيم المعارضة يائير لابيد أشار إلى أن التحرك العسكري يجب أن ينتهي بتحرك سياسي، منتقداً تأخر الحكومة في التوصل إلى اتفاق مع لبنان منذ عشرة أشهر.
أما وزراء في الحكومة فقد وصفوا التسوية بأنها "ضرورة معقدة"، ما يعكس الصعوبات التي تواجهها إسرائيل في التعامل مع حزب الله، الذي أثبت خلال الأسابيع الماضية قدرته على استنزاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
موقف حزب الله: جاهزية للمواجهة أم قبول بالتهدئة؟
بالنسبة لحزب الله، فإن الإعلان عن وقف إطلاق النار يضعه أمام معضلة استراتيجية. فمن ناحية، قد يُعتبر التوقف عن القتال انتصاراً يُحسب له، خصوصاً إذا أجبر إسرائيل على القبول بشروط لبنان. ومن ناحية أخرى، قد يتعرض لضغوط شعبية وسياسية داخلية إذا استمر في التمسك بسلاحه الثقيل على الحدود في ظل اتفاق قد لا يحقق كل أهدافه.
لكن ما يميز موقف حزب الله هو اعتماده على استراتيجية النفس الطويل. فإلى جانب العمليات العسكرية، يعتمد الحزب على المعادلة الردعية المتمثلة في استهداف العمق الإسرائيلي بصواريخ دقيقة، وهو ما أجبر إسرائيل على إعادة النظر في سياساتها على مختلف الجبهات.
مستقبل المنطقة: سلام هش أم تصعيد مؤجل؟
بينما تبدو التهدئة في لبنان وشيكة، إلا أن الخلافات الجوهرية بين الأطراف قد تجعل هذا الاتفاق هشاً. ففي الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل إلى شراء الوقت لإعادة ترتيب أوراقها، يصر لبنان وحزب الله على تنفيذ شروط القرار 1701 بالكامل، بما في ذلك الانسحاب الفوري ووقف الانتهاكات الجوية.
كما أن التطورات في غزة قد تُعيد خلط الأوراق، حيث يُتوقع أن تستغل إسرائيل هذه الجبهة للضغط على المقاومة الفلسطينية، ما قد يُشعل التوتر مجدداً في المنطقة.
نتنياهو وخطابه: ماذا ينتظرنا؟
خطاب بنيامين نتنياهو المرتقب قد يحمل مؤشرات حول نوايا إسرائيل الحقيقية. فإذا أعلن عن التزامه بوقف إطلاق النار دون شروط إضافية، فقد يُعتبر ذلك انتصاراً دبلوماسياً للمقاومة. أما إذا تضمن الخطاب تلميحات إلى خطوات تصعيدية أو شروطاً تعجيزية، فإن ذلك سيُفاقم من تعقيد المشهد.
في النهاية
يبدو أن الساعات المقبلة ستحدد مصير المواجهة بين إسرائيل وحزب الله. ومع أن وقف إطلاق النار يُعد خطوة نحو التهدئة، إلا أن استمرار الخلافات الجوهرية قد يجعل السلام في لبنان مجرد استراحة قصيرة في معركة طويلة الأمد.