في مثل هذا اليوم من العام 644 ميلاديًا..اُستشهد عمر بن الخطاب، وبموته..فقدت الأمة الإسلامية أصدق وأقوى وأشرف رجالها وأشجعهم وأكثرهم إخلاصًا. قبل إسلامه..كان النبي الكريم يردد: "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب"، فيما قال عكرمة: "لم يزل الإسلام في اختفاء حتى أسلم عمر"، وقال عبد الله بن مسعود: "ما زلنا أعزَّة منذ أسلم عمر"، ويُنسب إلى النبي الكريم قوله: "إنَّ لكل نبي وزيرين ، ووزيراي: أبو بكر وعمر". وتكاد تكون سيرة ابن الخطاب هي الأشد نقاءً وطهرًا من بين صحابة رسول الله، ثم من بين جميع حُكام المسلمين قاطبة؛ لذا قال عنه النبي الكريم أيضًا: "إن الله وضع الحق على لسان عمر وقلبه ". وفي السطور التالية نلقي الضوء على بعض من أقوال أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب؛ استرشادًا واستلهامًا ونبراسًا وهديًا وتعلُمًا في يوم ذكراه الطيبة..
يضع ابن الخطاب تعريفًا عمليًا لمفهوم "الرجل"، فكان يقول: "لا يعجبكم من الرجل طنطنته، ولكن من أدى الأمانة وكفَّ عن أعراض الناس، فهو الرجل". وعن النساء ينصحنا قائلاً: "استعيذوا بالله من شرار النساء، وكونوا من خيارهن على حذر". وعن حب الدنيا والتعلق بها يرشدنا بقوله: "أغمِضْ عن الدُّنيا عينَكَ، وولِّ عنها قَلبَكَ، وإيَّاكَ أن تُهلككَ كمَا أهلكَت مَن كان قَبلكَ، فقد رأيتُ مصَارعَها، وعاينتُ سوءَ آثارِهَا على أهلها، وكيف عَريَ مَن كَسَت، وجَاعَ مَن أطعمت، ومات مَن أحيت".
يرشدنا الفاروق إلي التواضُع بقوله: "مَن قال أنا عالم فهو جاهل"، وقوله: "رأس التواضُع: أن تبدأ بالسلام على مَن لقيته من المسلمين، وأن ترضى بالدون من المجلس، وأن تكره أن تُذكر بالبر والتقوى"، وإلى الصدق بقوله: "عليك بالصدق وإن قتلك"، ويُعظم من قيمة العمل بقوله: "إذا كان الشغل مجهدة، فإن الفراغ مفسدة". ويعظنا بألا نضع أنفسنا موضع الشبهات قائلاً: "من عرّض نفسه للتهمة، فلا يلومنّ مَن أساء الظن به". ويحسم مفهوم الزهد بقوله: "أفضل الزهد إخفاء الزهد"، ويُعرف العاقل بقوله: "ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر، ولكنه الذي يعرف خير الشرّين". وينصحنا بالاقتصاد في الكلام بقوله: "ما ندمتُ على سكوتي مرة، لكنني ندمتُ على الكلام مرارًا". ويُعلمنا الفاروق بألا نُعجب بأنفسنا وأعمالنا بقوله: "لو نادى منادٍ من السماء: أيها الناس، إنكم داخلون الجنة كلكم أجمعون إلا رجلاً واحدًا، لخفتُ أن أكون هو، ولو نادى منادٍ: أيها الناس، إنكم داخلون النار إلا رجلاً واحداً، لرجوت أن أكون هو".
ويضع ابن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه تعريفًا عمليًا لمسؤولية الحاكم بقوله: "لو ماتت شاة على شط الفرات ضائعة، لظننتُ أن الله تعالى سائلي عنها يوم القيامة"، وقوله الأعم والأشمل: "أشقى الولاة مَن شَقيَتْ به رعيته"، وما أكثر الولاة المسلمين الذين شقيت رعيتُهم بهم وذاقوا الويل من سياساتهم عبر التاريخ!