-المصير -
شهدت الساحة الفنية على مر العصور مشاحنات ومشاجرات بينا و نجوم الفن، سواء كانت على مرأى من الجمهور أو بعيدة عن الأضواء. ولكن ثمة فرق كبير بين طبيعة تلك الخلافات وكيفية معالجتها قديماً وحديثاً.
اليوم كل تصرف أو خلاف يحدث أمام عدسات الكاميرات ويصل بسرعة البرق إلى الجمهور من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. بينما في الماضي، كانت المشاجرات تدور بعيداً عن الأعين، وربما لم يعلم بها سوى القليلون.
ولا يكاد يمر أسبوع دون أن نسمع عن واقعة مؤسفة أو تصرف مريب من نجوم الفن. ولم تكن واقعة تورط محمد فؤاد في مشاجرة مع طبيب بمستشفى عين شمس التخصصي وهي الواقعة التي أثارت ضجة كبيرة في وسائل الإعلام.
قبلها ب أسابيع قام محمد رمضان بصفع أحد المعجبين في الساحل الشمالي فرد له الشاب الصفعة بسرعة ، وهو ما أثار جدلاً كبيراً . ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يجد فيها رمضان نفسه في وسط خلاف عام؛ فهو معروف بتصرفاته المثيرة للجدل.
في سياق مشابه، تصدر عمرو دياب العناوين مؤخراً بعد أن قام بصفع أحد معجبيه في إحدى الحفلات، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات حول مدى احترام الفنانين لجمهورهم. هذه الحوادث تبرز بشكل كبير في وسائل الإعلام وتشغل اهتمام الجمهور لفترات طويلة، حيث يتم تناقلها ومناقشتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يؤدي إلى تضخيمها وتفاقمها.
مقارنة مع مشاجرات النجوم في الماضي
على النقيض من ذلك، كانت مشاجرات النجوم في الماضي غالباً ما تحدث بعيداً عن الأعين ولا تصل إلى الجمهور إلا بعد مرور سنوات. كان الفنانين في ذلك الوقت يتمتعون بقدر كبير من الحصانة الشخصية، ما كان يسمح لهم بحل خلافاتهم بشكل هادئ وبعيداً عن الإعلام.
على سبيل المثال، اشتهرت مشاجرات الفنانين فريد شوقي ورشدي أباظة وأحمد رمزي هؤلاء النجوم كانوا يعرفون بنجوميتهم الساحقة وسلوكهم الرجولي في التعامل مع المشكلات. وقد ذكر المقربون منهم أن مشاجراتهم كانت تدور خلف الكواليس وغالباً ما كانت تُحل في إطار الصداقة والاحترام المتبادل. فعلى الرغم من شهرتهم الكبيرة، لم يكن هؤلاء النجوم يرغبون في أن تظهر خلافاتهم إلى العلن، مما يجعلنا نرى فرقاً شاسعاً بين تصرفات الماضي وتصرفات اليوم.
خناقات الزمن الجميل
شهدت السينما المصرية في الأربعينات والخمسينات والستينات فترة ذهبية كانت مليئة بالإبداع والتألق، لكنها لم تخلُ من الخلافات والخصومات بين نجوم الفن. رغم أن هؤلاء النجوم كانوا يتألقون على الشاشة الفضية، إلا أن الكواليس كانت تحمل أحياناً قصصاً من الخلافات والصراعات التي لا تقل درامية عن أفلامهم..
الخلاف بين يوسف وهبي وأم كلثوم
من أبرز الخلافات الفنية في تلك الحقبة كان بين العملاق يوسف وهبي وكوكب الشرق أم كلثوم بدأت القصة عندما رفضت أم كلثوم العمل مع يوسف وهبي في فيلم "سلامة"، مما أثار حفيظة يوسف وهبي الذي كان في ذلك الوقت أحد أهم الممثلين والمخرجين في مصر. أم كلثوم كانت معروفة بصرامتها في اختياراتها الفنية، وعندما رفضت العمل معه، شعر وهبي بالإهانة وصرح في أحد المقابلات الصحفية بأنه لا يستطيع أن يعمل مع شخص "لا يفهم في الفن" على حد تعبيره. ورغم أن الأمور هدأت بعد فترة، إلا أن هذا الخلاف كان له تأثير كبير في الوسط الفني في تلك الفترة.
الخلاف بين فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ
من أشهر الخلافات الأخرى في تلك الفترة كانت بين فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ هذا الخلاف كان يتعلق بالتنافس الكبير بينهما على القمة في عالم الغناء. رغم أن الاثنين كانا يحترمان بعضهما فنياً، إلا أن صراع الألقاب والشهرة أثار الكثير من الشائعات حول توتر العلاقة بينهما. في إحدى المناسبات، أشيع أن عبد الحليم حافظ قال إن فريد الأطرش "مطرب قديم" ويجب أن يتنحى لفتح المجال للجيل الجديد. فريد الأطرش رد على هذه التصريحات في إحدى مقابلاته الصحفية قائلاً إنه "لا يزال لديه الكثير ليقدمه" وأن "الجمهور هو من يحدد من يبقى ومن يذهب". ومع ذلك، لم يؤثر هذا الخلاف على مكانتهما الفنية، واستمر كل منهما في تقديم أعماله المميزة.
وحدثت واقعة شهيرة بينهما حينما كانت هناك حفلة عيد الربيع وقرر الاثنان المشاركة في الحفل ونشب خلاف شديد أيهما يبدأ، وتدخل الرئيس جمال عبد الناصر بنفسه وتم تقسيم الحفل فقرتين، وتم تسجيله واذاعته في اليوم التالي.
رشدي أباظة وأحمد رمزي
أيضاً، شهدت السينما المصرية في تلك الفترة خلافاً مشهوراً بين النجمين *رشدي أباظة* و*أحمد رمزي*. كان الاثنان من أشهر نجوم الشاشة في ذلك الوقت، وارتبط اسماهما بالعديد من الأفلام الناجحة. إلا أن علاقة الصداقة بينهما تعرضت لهزة قوية عندما انتشرت شائعات حول تورط أحمد رمزي في علاقة عاطفية مع زوجة رشدي أباظة في ذلك الوقت. هذا الأمر أدى إلى قطيعة طويلة بين الاثنين، ولم يجتمعوا في أي عمل فني لعدة سنوات. ورغم محاولات الأصدقاء المقربين للتوفيق بينهما، إلا أن الخلاف استمر لفترة طويلة قبل أن يتم تصالحهما في نهاية المطاف.
ليلى مراد وأنور وجدي
لا يمكن الحديث عن الخلافات الفنية في تلك الحقبة دون ذكر القصة الشهيرة بين *ليلى مراد* و*أنور وجدي*. كانت ليلى مراد وأنور وجدي من أشهر الثنائيات في السينما المصرية، وتزوجا في منتصف الأربعينات. لكن هذا الزواج لم يكن سعيداً، وانتهى بالطلاق بعد سلسلة من الخلافات. ورغم أن ليلى مراد كانت تتجنب الحديث عن تفاصيل حياتها الشخصية، إلا أن أنور وجدي كان يتحدث بشكل صريح عن خلافاتهما في وسائل الإعلام، مما أثار الكثير من الجدل. الخلافات بينهما أدت إلى عدم تعاونهما مجدداً في أي عمل فني بعد الطلاق، رغم أن أفلامهما السابقة حققت نجاحات كبيرة.
رغم حدة هذه الخلافات وصداها الكبير في الوسط الفني، إلا أنها لم تؤثر سلباً على مسيرة هؤلاء النجوم. بل على العكس، ربما أضافت هذه الخلافات نكهة خاصة إلى حياتهم الفنية وجعلت من قصصهم الشخصية مادة دسمة للصحافة والجمهور. فنجوم ذلك الزمن كانوا قادرين على تجاوز خلافاتهم في كثير من الأحيان والاستمرار في تقديم أعمالهم الفنية بجودة عالية