تُعد قصة سيدنا إبراهيم مع والده آزر من أعمق القصص التي تجسد الدعوة إلى التوحيد والصبر على الدعوة في وجه العقبات.
كان إبراهيم عليه السلام شابًا حريصًا على إرشاد والده وقومه لعبادة الله الواحد وترك عبادة الأصنام. على الرغم من أن والده آزر كان من كبار صانعي الأصنام في قومه، لم يتوانَ إبراهيم عن محاولة نصحه برفق وحرص.
بدأ إبراهيم عليه السلام دعوته لأبيه بأسلوب لطيف، قائلاً: "يا أبتِ لمَ تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئًا؟" (مريم: 42)، استخدم إبراهيم أسلوب الحوار الهادئ والمنطقي في محاولة لإقناع والده بترك عبادة الأصنام، مؤكداً أن هذه التماثيل لا تستطيع أن تجلب نفعاً ولا تدفع ضراً.
لكن، لم يكن موقف والده مستجيباً، بل ردَّ عليه بالتهديد والطرد، قائلاً: "أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم؟ لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني ملياً" (مريم: 46).
ورغم هذا التهديد، لم يتخلَّ إبراهيم عن أدبه واحترامه لوالده، بل قال: "سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً" (مريم: 47).
تُظهر هذه القصة المثابرة الكبيرة لإبراهيم عليه السلام في دعوته، والاحترام العميق لوالده رغم رفضه الشديد. كما أنها تعكس كيفية استخدام الحكمة واللطف في الدعوة إلى الله، حتى مع أقرب الناس إلينا.
إن هذه القصة تلهم الدعاة اليوم بالصبر والمثابرة، وعدم اليأس من هداية الأحباء والأقرباء، مهما كانت التحديات.
وتبقى قصة سيدنا إبراهيم ووالده آزر نموذجاً يُحتذى به في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.