رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

فريق المستحيل مهما طال الزمن.. مبادرة ”أطفال مفقودة” تمارس دور ”المفتش الإنسان”!

المصير

السبت, 25 مايو, 2024

09:31 ص

كتب - شريف سمير:

تحركت مشاعر المهندس رامي الجبالي تحت تأثير دموع الأهل والألم يعتصر قلوبهم لفقدان أطفالهم الأبرياء .. فأسس صفحة "أطفال مفقودة" علي الفيسبوك لإطفاء نيران اللهفة لعودة كل مفقود إلي حضن عائلته الدافئ .. وقال الجبالي إنه كان يلقي باللوم على الآباء والأمهات في فقد أطفالهم، والذي قد يكون نتيجة إهمال منهم، لكنه بعد التعمق والخبرة اكتشف أن في غالبية الحالات، لا يكون هناك إهمال من الأهل، بل إنه قدر محتوم قد يتعرض له أي شخص.

** اكتشاف آلاف الحالات في 9 سنوات!

وبعد عمل الصفحة لمدة 9 سنوات كاملة، استطاعت فيها لمّ شمل مفقودين بأهاليهم، ليبلغ عدد هذه الحالات أكثر من 3900 حالة، ما بين أطفال وكبار سن، وذوي همم، وتحديات القدر، ليس في مصر وحدها، بل أيضا في تونس والجزائر والأردن والولايات المتحدة والعديد من دول العالم، إلا أن حجم الصعوبات التي واجهها فريق العمل في البحث عن الحالات المختلفة دفعهم للبحث عن طرق حديثة ومتطورة تساعد في عملية البحث والتعرف على الوجوه.

** وتتبدل الوجوه!

وتمثلت أحد أكبر التحديات التي واجهها فريق الجبالي، في التعرف على الوجوه، خصوصا بعد مرور فترات طويلة على فقدان الشخص، فأحيانا يتواصل مع الصفحة أسرة تبحث عن نجلها الذي اختفى وهو بعمر السنتين أو ثلاثة، ويكون قد مر 10 أو 15 عاما مثلا، وأحيانا يكون قد مر أكثر من ذلك وأصبح الطفل شابا، فيكون التعرف على وجه الشخص من صورته في مرحلة الطفولة أمراً غاية في الصعوبة.


** وسيلة الذكاء الاصطناعي!

وللتغلب على هذا الأمر، استعانت المبادرة بالذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع جامعة بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية، لإعداد برامج للتعرف على الوجوه والتعامل مع الصور القديمة ذات الجودة المنخفضة، بل وتم تطوير برامج إلكترونية لتعديل صور الوجوه التي تظهر بزاوية جانبية، لتسهيل التعرف عليها، فضلا عن الاستعانة ببرامج تتخيل شكل الوجوه بعد مرور سنوات طويلة عليها لتساعد فريق البحث بالمبادرة.


** بعد 43 عاما

وتمكنت المبادرة من لم شمل مفقوديها مع ذويهم في أكثر الحالات غرابة وتفردا تصلح مادة ثرية للدراما وخيال السينما.. ومنها قصة غريبة لشخص يدعى "وسام"، فقد أمه مدة 43 عاما، ولد لأم مصرية وأب أردني، ولأن الوالدين كانا في مرحلة انفصال، أوهم الأب زوجته أن وليدها توفي في الحضانة لتعود بعدها إلى مصر، ويعيش الطفل مع والده في الأردن معتقدا أن والدته متوفية، ولدى بلوغ الطفل سن الـ23 اعترف له الأب بما فعل، وأعطى ابنه صورة زفاف والدته، والتي ظل يبحث بها عن والدته طيلة 20 عاما، إلى أن نصحه البعض بنشر الصورة على صفحة "أطفال مفقودة" لعله يجد ضالته في النهاية، ليفاجأ بمكالمة خلال 24 ساعة من فريق المبادرة يخبره فيها بالنجاح في العثور على والدته.

** الطفلة العائدة "مراهقة"!

وفي حالة أخرى، تاهت الطفلة سماح بعمر الخامسة داخل قطار متوجها من القاهرة إلى الإسكندرية، لتجدها سيدة في الإسكندرية وتبلغ قسم الشرطة، وإيداعها لأحد دور الرعاية، ولأن أهلها كانوا يبحثون عنها في محافظة أخرى، ظلت سماح في دار الرعاية ، حتى نجحت جهود المبادرة في لم شملها مع والدتها بعمر السادسة عشرة.


** مفتاح البطاقة الشخصية!

وأحيانا كثيرة تكون البطاقة الشخصية مفتاح اللغز وطوق النجاة .. ووجه الجبالي، رسالة إلى الجميع، مؤداها أن اسم الشخص على بطاقته الشخصية قد يكون من أكبر النعم، حيث يعيش أشخاص تاهوا من أسرهم بأسماء غير أسمائهم التي ولدوا بها، بعد فقدانهم من ذويهم ويستمرون لسنوات طويلة في رحلة البحث عن الذات والأهل، وهو الأمر الذي لا يقدره أو يشعر به أغلب الناس في الظروف العادية.