رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

”رؤية استراتيجية لأبعاد الصراع في البحر الأحمر” ندوة بـ المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية

المصير

الأربعاء, 15 مايو, 2024

05:10 م

نظّم «المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية» ندوة بعنوان «رؤية استراتيجية لأبعاد الصراع في البحر الأحمر»، شارك فيها عدد من أبرز الخبراء والسياسيين من اليمن ومصر وإريتريا وسلطنة عمان، وهم: وزير الخارجية اليمني الأسبق الدكتور أبوبكر القربي، اللواء أركان حرب الدكتور محمد الشهاوي الخبير الاستراتيجي والعسكري المصري، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية اليمني ورئيس المركز الدكتور علي حسن الخولاني، العميد عبدالقوي باعش مدير عام التوجيه المعنوي بوزارة الداخلية اليمنية، الباحث الإريتري محمد صالح عمر رئيس المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات، وأخيراً الكاتب والإعلامي المصري حمدي الحسيني الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية.

وطرح وزير الخارجية اليمني الأسبق، الدكتور أبوبكر القربي، خلال الندوة رؤية بحثية بعنوان «آثار أزمة البحر الأحمر على الإقليم والعالم»، أشار فيها إلى أن قضية فلسطين هي أبرز نموذج يعكس انحياز أمريكا وأوروبا إلى جانب إسرائيل على الرغم من إدراكهم أن استمرار هذا الصراع العربي الإسرائيلي هو أمر يهدد المنطقة برمتها.

وقال القربي إن إسرائيل هي السبب الرئيسي لانفجار الأزمة في المنطقة مؤخراً وليس حركة «حماس» كما تقول بعض الأصوات، لأن إسرائيل هي التي استمرأت الاحتلال والظلم والفلسطينيون يطلبون فقط حقهم المشروع في قيام دولتهم المستقلة.

وأشار القربي إلى رد الفعل الشعبي الدولي الواسع المناصر للقضية الفلسطينية، وأشار كذلك إلى وقوف الحكومات العربية موقف التأييد للمطالب الفلسطينية، وقال إن السياسات الأمريكية تؤخر حل القضية الفلسطينية لعدم ضغطها بحق على إسرائيل التي وصفها بأنها العائق أم مشروع التطبيع العربي – الإسرائيلي.

وبخصوص الأزمة في البحر الأحمر والحروب في المنطقة، قال القربي إن النظرة إليها ستتغير في الأيام القادمة، وإنه سيكون هناك حرص على كيف يمكن لبعض الدول العربية وحلفائها صياغة استراتيجية جديدة للمنطقة من حيث التحالفات ومن حيث تمكين دول المنطقة من الإمكانات اللازمة لمواجهة التحديات من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة.

وأكد القربي على ضرورة محاولة الدول العربية التأثير على القرار الأمريكي والأوروبي عن طريق القوى الناعمة سواء الاقتصادية أو من خلال التأثير في مجلس الأمن أو من خلال اللجوء للدول الكبرى الأخرى مثل الصين وروسيا. وألمح إلى ضعف الموقف العربي أمام المعاناة الإنسانية للفلسطينيين حيث استطاعت إسرائيل شل قدرة الدول العربية على تقديم المساعدة الضرورية التي يحتاجها الفلسطينيون.

وقال وزير الخارجية اليمني الأسبق إن أحداث غزة أضهرت بوضوح كيف يمكن لمجموعة مسلحة (الحوثيين) أن تهدد السلم والأمن الدولي وكيف يمكن أن تؤثر على الاقتصاد العالمي، وهذا يوضح أهمية حل أزمة اليمن وعودة الدولة اليمنية بسبب موقع اليمن الهام والمؤثر عربياً وعالمياً.

بدوره، شارك اللواء أركان حرب الدكتور محمد الشهاوي، الخبير الاستراتيجي والعسكري المصري، في الندوة ببحث عنوانه «إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة وإنهاء التصعيد في البحر الأحمر، هل من علاقة؟»، أشار فيه إلى أن الأزمة الأخيرة عرفتنا بسلاح جديد هو سلاح الاضطراب الشامل، حيث تسير الاضطرابات في البحر الأحمر والتي تؤثر على الملاحة العالمية بالتوازي مع مجازر إسرائيل في قطاع غزة والحرب الروسية الأوكرانية، ما يدل على أن الاضطراب في منطقة من العالم يؤثر على مناطق أخرى في العالم.

وأكد الشهاوي أن إسرائيل ترفض الحل السياسي للأزمة الحالية وترفض إقامة الدولة الفلسطينية رغم أنه هو الحل الأوحد للقضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، مشيراً إلى أن تهدئة الصراع في غزة سيؤثر بالإيجاب على مشهد الاضطراب الشامل ما يعني تهدئة الصراع في مناطق أخرى كالبحر الأحمر، لكنه أكد أن أمريكا لا تريد ذلك لكنها تريد استمرار الاضطراب حتى يظل لها تواجد وضغط سياسي وعسكري واقتصادي على دول المنطقة.

وأشاد الشهاوي بدور مصر والرئيس عبدالفتاح السيسي المنادي دائماً بوقف إطلاق النار في غزة، كما أشاد بجهود الوساطة التي تقوم بها مصر بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، معرباً عن تفاؤله بالوصول إلى اتفاق هدنة في وقت قريب.

أما أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية ورئيس «المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية» الدكتور على حسن الخولاني، فقدم بحثاً بعنوان «مقاربات التهدئة وإنهاء التصعيد في البحر الأحمر» أوضح فيه أن هناك مقاربات للتهدئة أي أن هناك صراع، وهذا الصراع قد يمكن أن يتوسع وقد يتم تهدئته، وهذا متوقف على قدرة أمريكا والاتحاد الأوروبي على الحد من ضربات الحوثيين في البحر الأحمر واستهدافهم للسفن.

وقال الخولاني إنه لابد أن يكون هناك إنهاء لهذا التصعيد وإلا فسوف يكون هناك توسيع لهذه الهجمات ما يؤثر كثيراً على الدول المطلة على البحر الأحمر، وأشار الخولاني إلى أن الدول المطلة على البحر الأحمر لم تنضم للتحالف الأمريكي ولا التحالف الأوروبي ضد الحوثيين ولا تريد أن تدخل في صراع أو معركة يبدو أنها «مسرحية» حسب مراقبين ومحللين.

وأكد الخولاني أن أولى مقاربات التهدئة لابد أن يكون وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، كون الحوثيون يتذرعون به لمهاجمة السفن في البحر الأحمر، وبعد ذلك لابد أن يكون إرادة دولية لإنهاء التصعيد في البحر الأحمر، مشيراً إلى أن أمريكا لديها القدرة على شل حركة جماعة الحوثي وهجماتها، لكن أمريكا لا تريد ذلك لأن واشنطن ترى في وجود الحوثيين وأعمالهم المسرحية مصلحة استراتيجية لها، فبوجود الحوثيون واستهدافهم المسرحي للسفن تستطيع أمريكا وبريطانيا أيضاً التذرع بذلك لتتواجد عسكرياً في المنطقة لتقطع أمريكا بذلك الطريق على تواجد روسيا أو الصين في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم.

وأوضح الخولاني أنه على الشرعية اليمنية أن تمارس دورها وعلى المجتمع الإقليمي ودول الجوار اليمني أن يمارس دوره أيضاً في تحجيم جماعة الحوثي وإجبارها على الاستسلام وتسليم السلاح ودفعها نحو تحقيق عملية السلام.

وناشد الخولاني الدول العربية بعدم الاستمرار في عملية التطبيع الدبلوماسي مع إسرائيل، واستمرار عملية المقاطعة للشركات والمنتجات الصهيونية، وأيضاً مقاطعة الشركات الأمريكية والبريطانية حتى يعرف العالم أن هناك مأساة تُرتكب في قطاع غزة.

وخلال الندوة، ناقش العميد عبدالقوي باعش، مدير عام التوجيه المعنوي بوزارة الداخلية اليمنية والباحث السياسي، قضية «التصعيد في البحر الأحمر وتأثيره على الأمن القومي العربي» خلال بحث أشار فيه إلى أن أزمة الحرب في غزة أضهر الدور الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة من خلال أذرع طهران في اليمن وسوريا والعراق ولبنان التي تعيث فساداً في هذه الدول.

وأشار باعش إلى أن تصنيف أمريكا للحوثيين باعتبارهم منظمة إرهابية يعد مسرحية هزلية لأن أمريكا تدعم إيران لتؤدي دورها المزعزع في المنطقة، في حين لا تدعم أمريكا الحكومة اليمنية لاستعادة صنعاء واستعادة مؤسسات الدولة من الميليشيات. وأوضح باعش أن هناك استخدام لميليشيات الحوثي من جانب إيران – التي تمتلك علاقات استراتيجية مع إسرائيل – من أجل الضغط على مصر سياسياً وعسكرياً من خلال خلق الاضطرابات في البحر الأحمر.

كما ناقش الباحث الإريتري محمد صالح عمر، رئيس المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات، قضية «تضارب الأجندات الدولية في البحر الأحمر.. أنموذج التنافس الأمريكي – الصيني – الروسي» من خلال بحث قدمه بهذا العنوان، أشار فيه إلى أن البحر الأحمر يعد من أكثر البحار شهوداً لتحولات حقيقية وصراعات قديمة جداً تمتد لفترة الفراعنة، حيث وصفه بأنه «قلب الأرض» مستشهداً في ذلك بحديث بعض الجغرافيين.

وأشار صالح في سياق تضارب الأجندات إلى وجود قاعدة أمريكية في إريتريا قبل استقلالها، ووجود حضور أمريكي سياسي طاغي في إثيوبيا، كما أن الصراع الذي دار بين الشرق والغرب خلال الحرب الباردة كان من أبرز مسارحه البحر الأحمر، وأيضاً حاولت روسيا الهيمنة خلال سبعينيات القرن الماضي على منطقة القرن الأفريقي بإيجاد أنظمة شيوعية يسارية في اليمن الجنوبي والصومال وإثيوبيا، كما وُجدت قواعد أمريكية وصينية في جيبوتي.

وأوضح صالح أن إقليم الساحل والصحراء الأفريقي يشهد حالياً صراع بين المعسكرين الشرقي والغربي، وأشار إلى أن الوجود الروسي قد يكون ملحوظاً وله تأثير في أفريقيا لكن هذا التأثير لا يزال ضعيفاً أو حتى غير موجود في البحر الأحمر لكن هناك محاولات روسية لإحداث ذلك.

وأشار صالح إلى أن الصين ليس لها وجود حقيقي في أفريقيا على الأرض إلا من خلال القاعدة في جيبوتي، لكن بكين تحاول بناء مقاربة اقتصادية قوية مع أفريقيا عن طريق مشروع «الحزام والطريق»، وهي مبادرة أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينج عام 2013، تهدف لتطوير وإنشاء طرق تجارية وممرات اقتصادية تربط أكثر من 60 بلداً.

وأكد رئيس المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات أن انعكاسات تضارب الأجندات في المنطقة أصبح أكثر وضوحاً بعد أزمة تهديد الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر واستهدافها لسفن الشحن ما تسبب في أضرار كبيرة للاقتصاد العالمي والأفريقي على وجه الخصوص.

من جانبه، شارك الكاتب والإعلامي المصري حمدي الحسيني، الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، في الندوة ببحث عنوانه «التصعيد في البحر الأحمر وتأثيره على جمهورية مصر العربية»، حيث أكد الحسيني أن الأزمة في البحر الأحمر تؤثر على مصر وعلى الاقتصاد المصري بالأخص، مشيراً إلى أن مصر هي الدولة التي دفعت الفاتورة الأكبر الناجمة عن أزمة تهديد الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر، مستشهداً في ذلك بانخفاض إيرادات قناة السويس بنسبة 50% على الأقل.

وأشار الحسيني إلى أن مصر كان لديها أمل بتعويض بعض خسائرها الاقتصادية الناجمة عن أزمتي فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية من خلال زيادة فاتورة التصدير، لكن نتيجة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قامت مصر من منطلق دورها الوطني والتاريخي بتوجيه فائض إنتاجها إلى فلسطين الشقيقة في هيئة مساعدات إنسانية لأهالي قطاع غزة، وأشار إلى أن مصر قدمت آلاف الشاحنات من المساعدات لكن إسرائيل هي التي تعنتت في إدخالها لغزة بالمضايقات وإغلاق المعابر الحدودية.

وألمح الحسيني إلى أن جزء من الفاتورة التي تدفعها مصر متمثل في وجود 10 ملايين ضيف لاجئ على الأراضي المصرية يمثلون بنداً باهظ التكاليف على مصر وعلى الشعب المصري، مطالباً الأشقاء العرب بالنظر إلى هذه الفاتورة الباهظة التي تدفعها مصر منذ بداية الأزمات التي تشهدها المنطقة.

وأشار الحسيني إلى أن مصر – حسب التقديرات – تدفع ما يقارب المليار دولار شهرياً خسائر ناجمة عن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتداعياته، مشدداً على وجوب أن تستجيب إسرائيل للمطالب العادلة بإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة باعتباره الحل الوحيد لأزمة المنطقة.