كتب - شريف سمير:
بالأمس ظهر سلطان طائفة البهرة خلال افتتاح الرئيس السيسي لتجديدات مسجد السيدة زينب، وقدم له الرئيس الشكر على مجهوداته ودعمه في تجديد مسجد السيدة وغيره من المساجد في مصر.
فمن هم البهرة وما هي حكايتهم؟
استمدت طائفة البهرة شهرتها مع بدايةانتشارها فى مصر بفضل الرئيس الراحل أنور السادات، في سياق لعبة التوازنات السياسية والانفتاح مع التيارات الدينية مواجهة مجموعات الشيوعيين واليساريين، وفي هذا الإطار تمت إعادة ترميم وافتتاح مسجد الحاكم بأمر الله.
** ليلة الخميس والتخفي عن الصحافة!
وبمرور الوقت، عاشت البهرة أجواء القاهرة كما لو أنهم من أهل المحروسة بأصول أبناء الطائفة الهندية والباكستانية والإيرانية .. وتمتعوا بشراء أراض ومحلات تجارية محاطة بالمسجد وبأسعار مرتفعة، وليلة الخميس يتوافد عليهم أتباع الطائفة في أقاليم مصر لأداء صلاة الجمعة،حتى تعكرت هذه الأجواء والطقوس الدينية المختلفة فتحولت الدفة ضدهم بعد اغتيال السادات عام 1981، ولم يكن ذلك استهدافا خاص بهم وإنما ضمن المطاردات الأمنية لكل الجماعات الدينية، ونال البهرة نصيبا من هذه المضايقات، فعادت الطائفة إلى إخفاء طقوسها الدينية، وأصبح رموزها يتجنبون الحديث عن الصحافة مما دفع كثيرا من الصحفيين إلي التعامل معهم بطريقة مخابراتية أو على أساس أنهم باحثون يعدون دراسات علمية حول الطائفة وإنجازاتها.
** نفوذ على مسجد الحاكم بأمر الله!
وبحكم وجودهم الحيوي، ساد الاعتقاد بأن مسجد الحاكم بأمر الله يخضع لنفوذ وإشراف البهرة، علما بأنه تابع لوزارة الأوقاف المصرية، لكن الوزارة تغض الطرف عنهم، باعتبار أنهم لا يمثلون خطرا سياسيا وأمنيا على الدولة، شأنهم شأن الطرق الصوفية والجماعات الشيعية التي تمارس شعائرها في منطقة القاهرة المكتظة بالأضرحة ومساجد آل البيت النبوي، مثل مساجد الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة وغيرها.
** جدار عازل عن المصريين!
وتشبه شعائر البهرة في مصر إلى حد كبير شعائر شيعة العراق خاصة في يوم عاشوراء، حيث يصر بعضهم على جرح نفسه بآلة حادة حتى يسيل منه الدم، ظنا أن ذلك يجعله قريبا من الحسين رضي الله عنه .. وبنت الشائعات المروجة عنهم جدارا نفسيا بينهم وبين كثير من يبتعد كثير من المصريين، فضلا عن اختلاف لغتهم الذى ساهم إلى حد كبير في هذا النفور، وعوامل أخرى كقبولهم اختلاط النساء بالرجال فى الصلاة والإصرار على أداء الفريضة في أحد أركان المسجد، وخلال الصلاة يضربون صدورهم بقبضات اليد ويصدرون أصواتا غير مفهومة تزعج المصلين من غير أبناء الطائفة.
** البرهان فى القرآن!
ويوقر أبناء البهرة زعماءهم الدينيين لدرجة أعلى كثيرا من توقير المصريين لأصحاب العمامات البيضاء أو الأزهريين من خريجي الأزهر" ويظهر ذلك في تعاملهم مع ممثل زعيم الطائفة، فيكادون يحملونه من فوق الأرض أثناء سيره لأداء الصلاة، ويطلقون على الزعيم في الغالب لقب "برهان"، بل وتصل المبالغة ببعضهم إلى أن هذا اللقب جاء ذكره في القرآن الكريم في الآية الكريمة: "يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا لكم نورا مبينا".
** البئر المقدس!
وتبث طائفة البهرة معتقدات خاصة من نوعية أن في مسجد الحاكم بأمر الله، بئرا مقدسا، وأن جدهم مدفون فيه فيصرون على الوضوء في بقعة محددة من المسجد والشرب منه للتبارك به.
كما تظهر شعائر البهرة بشكل ملموس في بعض المناسبات الشهيرة خاصة يوم عاشوراء، حيث يرتدون الملابس السوداء حزنا على الحسين رضي الله عنه، ويكثرون من الصدقات ويقضون ليلتهم في البكاء والنحيب بصوت مرتفع، والملاحظ أن المصريين من أهل السنة يحتفلون بطريقتهم الخاصة بهذا اليوم، فيذبحون البط والاوز ويصنعون العجائن.
** الرحلة من المحيط للخليج!
ومن المعروف أن البهرة لفظ هندي قديم بمعنى التاجر، وانقسمت الطائفة إلى فرقتين هما: البهرة الداوودية، نسبة إلى قطب شاه داوود، وينتشرون في الهند وباكستان منذ القرن العاشر الهجري، وداعيتهم يقيم في بومباي، ثم البهرة السليمانية، نسبة إلى سليمان بن حسن وهؤلاء مركزهم في اليمن حتى اليوم. ويوجد عدة آلاف من أتباع الطائفة الإسماعيلية نسبة قليلة منهم، يستقرّون في جنوب شرق السعودية منذ مئات السنين، وهم من أصول يمنية.
ولطائفة البهرة نفوذ في مناطق عديدة في العالم المعاصر ولهم تاريخ طويل في ذلك، فالقرامطة سيطروا على الجزيرة وبلاد الشام والعراق وما وراء النهر، والعبيديون أسسوا دولة امتدت من المحيط الأطلسي وشمالي أفريقيا وامتلكوا مصر والشام، وقد اعتنق مذهبهم أهل العراق وخُطب لهم على منابر بغداد سنة 540ه ولكن دولتهم زالت على يد صلاح الدين الأيوبي.