كتب - شريف سمير:
أكبر خسارة للقضايا الكبري النبيلة هى أن تفقد علامات مضيئة فى العلم والسياسة والثقافة، وتعد الدكتورة نعمت شفيق رئيس جامعة كولومبيا الأمريكية والشهيرة بتخريج أكثر الحائزين على جائزة نوبل في العلوم من أي جامعة أمريكية أخرى، من النماذج المشرفة لمصر فى السلك الجامعى، ولكنها تورطت مؤخرا فى السماح لشرطة نيويورك بإخلاء مخيم أقامه طلاب يحتجون على جرائم الإسرائيليين في قطاع غزة، ثم ألقت الشرطة الأمريكية القبض على أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين الخميس الماضي، من حرم جامعة كولومبيا بعد أن سمحت شفيق بهذا الإجراء الذى فتح عليها نيران الغضب والاستنكار من الرأى العام العربي والعالمي أيضا.
** الهجرة المبكرة!
ويبدو أن الجنسيتين البريطانية والأمريكية التى تحملهما شفيق فى جواز سفرها انتصرتا على أصولها المصرية، وفضلت تطبيق اللوائح والقوانين الجامعية عن اتخاذ موقف حضارى وإنساني لمناصرة الحقوق المشروعة ومقاومة الاحتلال ولو بالطرق السلمية .. وبديهيا أن تتأثر رئيس جامعة كولومبيا بهذه الجينات وتتلون بالمناخ الغربي، بعد أن هاجرت وهى طفلة عمرها 4 سنوات مع عائلتها من الأسكندرية إلى جورجيا ثم حصلت على درجة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة ماساتشوستس .. وعملت شفيق لمدة عامين بمصر في مجال التنمية بمكتب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، قبل أن تحصل على درجة الماجستير في الاقتصاد من كلية لندن للاقتصاد، ودرجة الدكتوراة في الاقتصاد من جامعة أكسفورد.
** أصغر رئيس للبنك الدولي
وبعد رحلةالدكتوراة، التحقت شفيق للعمل بالبنك الدولي لمدة 15 عامًا ووصلت لمنصب نائب رئيس البنك الدولي عام 2004، وعمرها 42 عاما لتصبح أصغر امرأة تتولى هذا المنصب، ثم تدرجت في المناصب الحكومية البريطانية حتى شغلت منصب الأمين العام لوزارة التنمية الدولية البريطانية، من عام 2008 حتى مارس 2011.
** "مكوك" الاقتصاد العالمي
وانتقلت شفيق للعمل في صندوق النقد الدولي وتولت منصب نائب المدير العام للصندوق منذ أبريل 2011 حتى مارس 2014، ثم استقالت لتتولى منصب نائب محافظ بنك إنجلترا منذ 2014، والذي يعتبر واحد من أقدم وأعرق البنوك المركزية في العالم، وهي أيضًا المرأة الوحيدة التي تشغل منصب عضو لجنة السياسة النقدية.
** وريثة العلم!
وتقديرا لكفاءتها وسيرتها الذاتية المثالية فى أصول الإدارة، اختارها رئيس جامعة كولومبيا لي بولينجر، لتخلفه وفق بيان صدر عن الجامعة وقتها قال فيه : «لو كنت بحثت في جميع أنحاء العالم عن أفضل شخص لقيادة جامعة كولومبيا في الفترة المقبلة كنت سأختار مينوش شفيق.. فخبرتها وتجاربها- على الصعيدين الشخصي والمهني ونظرتها العامة للحياة الأكاديمية والعامة تجعلها شخصية ملهمة».
** البارونة تضل الطريق!
وفازت شفيق بلقب "مينوش" الذى منحته إياها الصحف الأجنبية لعدم رضا زوجها عن اسمها الأصلي، وصنفت كواحدة من أكثر 100 امرأة نفوذًا في العالم عام 2015، وكانت في المرتبة 66 .. بل وحصلت على وسام السيدة القائد، وهي رتبة فائقة الامتياز من ملكة بريطانيا الراحلة إليزابث، وهي عضو دائم في مجلس اللوردات البريطاني وتحمل لقب «بارونة» .. وأضافت إلى مهاراتها تأليف كتاب بعنوان «ما ندين به لبعضنا البعض: عقد اجتماعي جديد من أجل مجتمع أفضل»، فضلا عن أسفارها التى طالت أكثر من 100 دولة حول العالم.
** "خطأ" نعمت المصرية!
ومن أكثر هوايات "مينوش" المفضلة ممارسة رياضة اليوجا والوقوف على يدها لمدة طويلة ولعب تنس الطاولة «بينج بونج» بشكل مذهل،و رغم كل هذه المزايا والملكات الشخصية، فتظل "غلطة الشاطر بألف"، وخطأ "نعمت المصرية" فى حق القضية الفلسطينية والإساءة لمشاعر أشقائها فى العروبة قد يمحو ويهدم فى لحظة ما بنته "مينوش بريطانيا" في سنوات وعقود من الصعود والمجد!