رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

نجار ”أرابيسك الأداء”، صلاح السعدنى يرقد فى جلباب ”العمدة المثقف”!

المصير

الجمعة, 19 إبريل, 2024

02:05 م

كتب - شريف سمير :
نشأته في بيئة عائلية تتعطر بالثقافة السياسية وبجوار شقيق أكبر يمتاز بقلم السخرية الشقية، كان لابد أن يتسلح الفنان الراحل صلاح السعدني بأقوي أدوات التشخيص، الوعي الناضج وخفة الظل المتوهجة!

** الأخ الأكبر الساخر!

وقد شرب السعدني في مقتبل حياته من نهر شقيقه محمود السعدني تشكيل شخصيته الإنسانية قبل الفنية، وتعلقت أحلام السعدني الصغير بالتمثيل منذ الطفولة، وعندما التحق بكلية الزراعة كان يؤمن أنه لن يعمل إلا في مجال الفن، وقادته الأقدار خلال المرحلة الجامعية للتعرف على صديق عمره ورفيق دربه الزعيم عادل أمام، الذي شجعه كثيرا على الوقوف على خشبة المسرح، ودفعه للاستمرار.
وفي مقابلة تليفزيونية تحدث السعدني عن هذه المرحلة من حياته، قائلا: "كانت مرحلة جميلة فيها تشكلت أحلامي، وأدركت أن الفن يحتاج مجهودا، ومن حسن حظي أني التقيت عادل إمام الفنان الذي يجمع بين الموهبة والإرادة".

** أبواب الاستوديوهات

وأفرغ السعدني طاقته في عدد كبير من العروض المسرحية الجامعية، وعقب التخرج طرق أبواب "الاستديوهات" بحثا عن فرصة يعبر من خلالها للجمهور، وابتسم له الحظ عندما التقى المخرج الكبير محمد فاضل، الذي رشحه للعمل في مسلسل "الضياع" إنتاج 1960، ولأن العمل لم يحقق النجاح الذي تمناه، شعر الفنان الصاعد بالإحباط وابتعد عن الساحة 3 سنوات.

** عودة بعد العزلة!

ونجح المخرج الكبير نور الدمرداش في كسر عزلة السعدنى باختياره لمسلسل "الضحية" 1964، وبالذي عوض نجاحه الكبير تجربة "الضياع" ليكون بداية الانطلاقة الحقيقية للعمدة الطموح .. وتوالت بعد ذلك أعمال السعدني الناجحة، ويظل مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرا" 1979 للمخرج محمد فاضل، نقطة التحول الجوهرية فى مشواره في حياته، ومنه شق طريق الصعود نحو ربوة النجومية المبكرة.

** مشوار "العمدة"!

وسطر السعدني اسمه بحروف من ذهب فى دراما الثمانينات بعد أن ذهب دور العمدة سليمان غانم إليه فى رائعة أسامة أنور عكاشة "ليالي الحلمية" التي حفرت صورته فى أذهان الملايين على مدار أجزائها الخمسة لأكثر من 10 سنوات، وبدأ فصل "البطولة المطلقة" في مشروعات أخرى استطاع فيها السعدني أن يجسد النجار حسن أرابيسك، ومدرس التاريخ الصامد نصر وهدان القط، وكاتب النيابة هاشم "قلب الأسد"، وسيدي عبد القادر رجل "كفر عسكر"!.

** بصمات تليفزيونية وسينمائية!

وانتقل ببريقه التليفزيوني إلى افلام قطاع الإنتاج فى التسعينات بمجموعة من التجارب الجادة شكلا ومضمونا مثل "طالع النخل" و"فوزية البرجوازية" و"العودة والعصفور" و"مدرسة الحب"و "المراكبي"، ثم تألق على شاشة السينما، وشارك في بطولة مجموعة من الأفلام المهمة منها: "العملاق" أمام البرنس عادل أدهم، و"لعدم كفاية الأدلة" و"تحت الصفر" بجوار نجلاء فتحي، و"كراكيب" مع آثار الحكيم، و"زمن حاتم زهران" أمام النجم نور الشريف.

** قرار الاعتكاف!

وطاردت شائعات المرض السعدنى فى أواخر أيامه إلى حد الإعلان بأنها وراء اعتزاله التمثيل، بينما عزا المحيطون به من الأصدقاء والأقارب عزوفه عن الفن إلى موقفه مما حدث فى مصر بعد ثورة 25 يناير وتولى جماعة الإخوان الحكم، فاعتبر "عم صلاح"، أن هوية مصر شارفت على الضياع ولم ير فيها مصر التي عاش بها طفولته وشبابه وحياته ورحلة عطائه، وهنا وجد السعدني أن مصر بلا روح أو هوية أو طعم واعتقد أن البلد ينهار، فحزن بشدة، وعندما سأله نجل شقيقه "أكرم": أنت مش هتشتغل يا عم صلاح؟"، رد بقهر: "أشتغل؟ وأطلع أقول إيه في الوقت اللي إحنا فيه ده، يعني ايه الكلمة اللي أنا هقولها ما هو مفيش بلد".

** المكتبة الضخمة!

ومن فرط عشقه للقراءة والاطلاع، اكتظت مكتبته بأعمال ومؤلفات عبد الرحمن الخميسي، ويوسف السباعي، ويوسف إدريس، ونعمان عاشور، وألفريد فرج، والكثير من عباقرة،د الأدب وعقول الفكر الذين أثروا في شخصيته، فاستطاع استعياب كل التيارات الفكرية الموجودة في العالم بحقبة الستينيات، ووصفه المقربون بأنه موسوعة متحركة ودائمة ومستمرة معجونة بطينة "الفلاح الأصيل" وابن البلد أبو دم خفيف!