كتب - شريف سمير :
من يلعب بالنار مع حركات مقاومة أو ميليشيات مسلحة، يدخل في حرب العصابات وضربات الكهوف في الظلام .. ولكن من يمارس هذه المخاطرة مع دولة تتمتع بترسانة عسكرية ويقفز طموحها إلي النادي النووي، فعليه أن يتحمل الاحتراق بكرة النار الملتهبة .. والعملية الاستفزازية التي شنها الكيان الصهيوني بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق، فتحت باب الاحتمالات أمام أشكال مختلفة من الانتقام، كاستهداف سفارات تل أبيب في الخارج، أو تصويب الضربات المؤلمة نحو أهداف في البحر الأحمر.
** تهديدات إيرانية!
ومنذ قصف القنصلية بغارة منسوبة لإسرائيل، أول أبريل، وتهديدات طهران بالويل والثبور لا تنقطع، وأحدثها، تصريحات المرشد الإيراني، علي خامنئي، خلال صلاة العيد، قائلا :"الكيان الخبيث أخطأ في الهجوم على قنصليتنا، ويجب أن يُعاقب، وسينال العقاب"، فيما أكد يحيي رحيم صفوي، مستشار خامنئي، أن جميع سفارات إسرائيل لم تعد آمنة، وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن تقارير المخابرات المركزية "سي آي إيه" تظهر أن إيران أو وكلاءها يتأهبون لهجمات شرسة مرتقبة ضد أهداف إسرائيلية، موضحة أن الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية المسؤولة عن العمليات العسكرية لبلاده في الشرق الأوسط، توجه إلى إسرائيل لتنسيق الرد على أي هجوم إيراني.
** البحر الأحمر في مرمي النيران!
ومن واقع تجارب وتاريخ المواجهات بين إسرائيل وإيران عسكريا، رصد خبراء أن طهران قد تلجأ لعمليات رمزية ضد مصالح إسرائيلية على يد أحد أذرعها في المنطقة وتحديدا جماعة الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، بعد تزويد هذه الأذرع الأخطبوطية بتكنولوجيا وأسلحة متطورة، ورجح الخبراء والمحللون بأن تحديد أهداف إسرائيلية بحرية لتوجيه الضربة الإيرانية هو "خيار مريح" لطهران، لأنه سيترك الباب مفتوحا أمامها للتهرب من المسؤولية، حيث إنها لن تستخدم أراضيها لاستهداف إسرائيل بشكل مباشر .. وتخطط للاستيلاء على سفن عسكرية أو تجارية تابعة لإسرائيل، وأيضا سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة وبريطانيا، كنوع من الضغط علي الفتي الصهيوني المدلل للقوي العظمي.
وتزامن ذلك مع ما أعلنه مستشار للحرس الثوري بأنه تم طرح عدة سيناريوهات مواجهة وخيارات لضرب مصالح إسرائيلية علي المرشد الأعلى خامنئي، منها تشمل هجوما مباشرا على إسرائيل بصواريخ متطورة متوسطة المدى، وأضاف مستشار الحرس:"لقد تم وضع خطط الضربة أمام المرشد الأعلى، ولكنه لا يزال يدرس مخاطرها السياسية".
** مخاوف دولية!
ومن جانبها، حذرت الباحثة الأمريكية المتخصصة في الشئون الدولية، إيرينا تسوكرمان، من بعض المواقع المستهدفة من إيران، وكلها في البحر الأحمر ما بين أريتريا والصومال، مشيرة إلي أن إيران تفضل تنسيق الهجمات مع الحوثيين والقراصنة الصوماليين في مهاجمة السفن الإسرائيلية، وتوقعت تسوكرمان بأن تتسع دائرة المعارك، لأن إسرائيل أعدت أيضا أسلحة يمكن أن تشارك في عمليات هجومية مباشرة، على غرار ما فعلته الولايات المتحدة وبريطانيا للرد على الحوثيين بتوجيه ضربات مضادة، وتدريجيا تصبح صناعة الشحن في مرمي النيران وخسائر المواجهة العسكرية الباهظة.
ويسعى المجتمع الدولي جاهدا لتجنب التصعيد، إذ أجرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ونظيرها البريطاني ديفيد كاميرون، اتصالا بنظيرهما الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ليطلبا من طهران عدم شن هجوم على إسرائيل، تحسبا لإشعال الموقف الأمني في الشرق الأوسط وتداعياته السلبية.
** أمريكا وإسرائيل في خندق الأعداء!
وتتأهب الولايات المتحدة، تحسبا لضربات انتقامية محتملة من إيران، مما دفع المبعوثين الأمريكيين إلي تخفيف حدة التوتر، وقررت السفارة الأمريكية لدى إسرائيل، منع موظفيها وأفراد أسرهم من السفر إلى وسط إسرائيل والقدس وبئر السبع حتى إشعار آخر، خصوصا مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، متحدثاً من قاعدة جوية في جنوب إسرائيل، بالرد بشكل مباشر على أي هجوم إيراني قائلاً: "من يؤذينا سنؤذيه، ونحن على استعداد للرد على جميع الاحتياجات الأمنية لإسرائيل، دفاعا وهجوما".