كتب - إسلام الشيتي
من لم يعلمه القرآن التواضع والبساطة فلا خير ولا أمل فيه، لذا لا تتعجب حين تشاهد عنجهية وغرور بعض من قراء القرآن المتواجدين على الساحة الآن ومطالبتهم بأجور باهظة تصل إلى عشرات الآلاف في الساعة الواحدة.
لقد اتخذ الكثيرون منهم من قراءة القرآن "سبوبة"، وبعد أن كانوا يقبلون بأي أجر لأكل العيش، دفعت "التناكة" بعضهم الآن إلى وضع اشتراطات وتحديد أجره بالساعة وكسر الساعة، بعد أن كان يقرأ في سبيل "عشوة"، والغريب أن من هؤلاء من يتعالى على خلق الله، ولا يتحدث معك قبل أن يرى نقودك، ثم يلتفت ليخبر الجميع بأنه يقرأ القرآن حبا ولا يهتم بالماديات.
ويبقى السؤال من الذي أوصل هؤلاء القراء إلى تلك الحالة من "التناكة"، هل هو الجمهور، أم الصيت، أم الشهرة، أم الإعلام، أم الأجور الباهظة التي تقاضاها بعضهم من وراء قراءة القرأن في المآتم".
وللسؤال قصة، بدأت عندما اتصل محرر موقع "المصير" بمدير أعمال أحد القراء الذي ذاع صيته في الفترة الأخيرة إلى أبعد الحدود، وهو من عائلة جميعها حافظة لكتاب الله وتتلوه في المآتم، ليستأذنه في لقاء مع فضيلة الشيخ، فرد مدير أعمال القارئ "بتناكة" وعجرفة واستهزاء وأسئلة استنكارية، وبعد كل ذلك قال "إعمل حسابك لو هايكون في لقاء هايكون بعد السهرة دا لو هايكون أصلا"، فرد محرر الموقع وهو ملتزم بأقصى درجات ضبط النفس وقال، "تمام يافندم، احنا خدامين القرآن" وانتهت المكالمة، وذهب محرر الموقع إلى مكان تواجد القارئ الشاب الذي لا يتخطى الأربعين من عمره وعرفه بنفسه، وعندما أظهر المحرر هوية الموقع، بدت علامات عدم الموافقة على إجراء الحوار على وجه الشيخ، مما دفع السائق ومدير الأعمال للتدخل لمنع المحرر من الكلام، وقال له بطريقة لاتليق بمرافقين أهل القرآن "ابعد بعيد مش وقت الكلام وممكن نبقى نسجل بعد السهرة"، ليعود المحرر للإنتظار مرة ثانية دون أن يعرف مايحاك في صدور الثلاثة ( الشيخ والسائق ومدير الأعمال) بتبييت النية على الرفض، وهو ما أدركه محرر الموقع في جولة الإلحاح الثانية، عندما طلب المحرر من السائق ومدير الأعمال مخاطبة الشيخ لإجراء الحوار مثلما تعهدوا قبل 4 ساعات، ليتلقى المحرر الرد القاطع برفض الحوار قائلين "الشيخ مش هيعمل حوار وماتتعبش نفسك علشان هيكسفك"، فقال المحرر لماذا يرفض الحوار معنا ويقبله في التليفزيون، رد السائق قائلا "لا التليفزيون حاجه تانية، كاميرات وإضاءة وأماكن تصوير".
ونحن إذ نستنكر ما حدث من قبل هذا القارئ، إلا أننا لا نعمم الحكم على جميع القراء، ففي نفس المكان ونفس الأجواء التي قوبل فيها طلب المحرر بالرفض من شيخ السبوبة "التنك"، قبل شيخ آخر إجراء الحوار، وهو شيخ يتمتع بتواضع جم، وخلق رفيع، ويقرأ باتحاد الإذاعة والتليفزيون، وله صيت اخترق كل الحواجز حتى وصل إلى أمريكا، وأوربا، ودخل على يده الكثير في الإسلام.